النسخة الكاملة

الإصلاح السياسي يحتاج إلى إرادة للاستجابة لنداء الملك للوصول لدولة قوية

الخميس-2021-06-14 02:16 pm
جفرا نيوز -
جفرا  نيوز : الدكتور عوني ذنيبات 
يقول ابن خلدون في مقدمته :-"واعلم أنه لا بد لهم في الاجتماع من وازع حاكم يرجعون إليه،وحكمه فيهم تارة يكون مستندا الى شرع منزه وتارة الى سياسة عقلية"
ويرى (برهان غليون) ان:"في بلدان العالم العربي تجري آلية غريبة في عملية التغيير السياسي والاقتصادي والنقطة الفصل بين التغيير الاقتصادي والتغيير السياسي أو بمعنى آخر استبعاد السياسة من ميدان الإصلاح السياسي الواسع والسعي ما أمكن الى الاحتفاظ بآليات نموذج الدولة البيروقراطية السلطوية على طريقة النهج الشمولي أو الطريقة الأبوية الإقطاعية "
وأقتبس هنا من الرسالة الملكية التي وجهها الملك عبدالله الثاني إلى الدكتور عبدالله النسور بتاريخ ٢٠١٢/٢/٨ حينما كلفه بترؤس اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية حيث قال:-"واليوم ونحن نسير بعزيمة لا تلين لترجمة مخرجات عملية الإصلاح الشامل بأبعادها السياسية والإقتصادية والإجتماعية بكل واقعية ومسؤولية ،فإن ثقة المواطن بمؤسسات الدولة المختلفة والتي ستحثه على المشاركة الفاعلة والإنخراط الحقيقي في عملية صناعة وتنفيذ القرارات والسياسات هي الأساس والمحرك لنجاح الجهود الإصلاحية النوعية الشاملة والمضي قدما في مسيرة البناء والإنجاز"
ويقول جلالته في ذات الرسالة :-" إن إرساء المبادئ العليا التي قام الوطن من أجل إعلائها كالعدالة والمساواة وسيادة القانون إضافة إلى مكافحة الفساد والشفافية والمساءلة والتي هي ركائز جوهرية للحوكمة الرشيدة في الأردن هي القاعدة الأساسية والمنطلق الثابت لمسيرتنا الإصلاحية التي لن تصل إلى مداها المنشود إلا عبر بناء شراكة حقيقية ومتوازنة وفاعلة بين جميع مؤسسات منظومة النزاهة لتأطير التعاون البناء المرتكز على رؤية واضحه وأسس موضوعية"

إننا نعلم تمام العلم بأن الأردن يمر بحالة اقتصادية صعبة وهي الأصعب منذ عقود، وأن أي حديث عن الإصلاح يتطلب إنشغال المواطنين بقضايا الوطن ضمن نهج منظم وتشاركي حتى نتخطى التحديات والصعوبات التي يمر بها بلدنا، وحتى نتفادى المخاطر القادمة التي قد تنجم عن إهمالنا للوضع الحالي.
فالإصلاح السياسي  ليس إلا طريقا للوصول إلى بر الأمان فهو الأساس الذي يبنى عليه الحاضر والمستقبل لبلدنا ،وهذا الإصلاح السياسي يرتبط إرتباطا وثيقا بالمجالس المنتخبة بكافة أنواعها(النيابية واللامركزية والبلديات) والتي يجب أن تكون منتخبة إنتخابا حرا لضمان تمثيل مختلف طبقات الشعب الأمر الذي يحتم وجود قوانين عادلة تكون مبنية على أسس الشفافية والنزاهة ،تفرز ممثلين للشعب يتفهمون أن السبب في إختيارهم هو للتعبير عن مختلف مطالب الشرائح التي صوتت لهم ، وبالمقابل على الناخبين فهم أن واجبهم هو اختيار الشخص المناسب في مكانه المناسب .
إن عملية الإصلاح السياسي هي الخطوة الأولى التي يجب إتخاذها لإصلاح باقي جوانب الحياة في الدولة وأهمها الجانب الإقتصادي لأن السياسة هي منهج لإدارة الخيارات الإقتصادية والإجتماعية .
إن الذي يعوق عملية الإصلاح السياسي في بلدنا هو إنعدام وجود تنمية سياسية حقيقية فاعلة تتيح التفاعل للجميع وتشجع إحياء المبادرة وتحسس المواطن بجدوى عملية الإصلاح السياسي.
فالإصلاح السياسي يحتاج إلى إرادة وعمل يرافقها وأن يكون هناك  نوع من الاستقلال للجهات المناط بها إجراء الإصلاح،ففي تجارب الإصلاح السياسي لبعض الدول الأوروبية نجد تلازماً وتفاعلاً بين عالم السياسة والإقتصاد والتوافق في التركيبة السياسية بتغيير النخب السياسية التي شاخت وذلك لإقناع المجتمع بجدوى الإصلاح ،وذلك بإبعاد الأشخاص المسؤولين عن آثار التردي والفساد ومحاسبتهم قانونيا وحلول أشخاص ذوي خبرات جديدة للعمل على رسم آفاق جديدة لعملية الإصلاح.
إننا في الأردن أحوج ما نكون لعملية إصلاح سياسي وذلك لمواجهة التحديات والمخاطر التي فرضتها علينا الإضطرابات التي شهدها الإقليم الذي نقع فيه.
إن على  الدولة أن تتوحد مع الشعب كي نتجاوز المخاطر والأزمات  بسلامة وذلك  التوحد يترسخ بتوسيع عملية المشاركة السياسية من قبل أفراد الشعب وتقليص فجوة الثقة بين المواطن والحكومة ،إن مناداة جلالة الملك بضرورة تحقيق الإصلاح الشامل وتوافر الإرادة لدى جميع أطراف المعادلة السياسية ستشكل دفعة قوية للبدء بعملية الإصلاح بشكل حثيث لنصل إلى مجتمع متماسك ودولة قوية.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير