النسخة الكاملة

الشعــب معارض شرس والعقل زينة..!

الخميس-2021-06-14 10:01 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي


هذا الرأي ليس تنزيها للسياسيين من كل المشارب الفكرية والسياسية، بل هو محاولة عقلانية للتحدث بلا مواربة ولا هروب من الواقع، الذي لو هرب الجميع من مواجهته فيجب علينا ان نصمد أمامه، لأننا نتحدث عن بلدنا ومستقبلنا، بل لا أبالغ إن قلت عن وجودنا ..

كغيري من المواطنين الكثر؛ مللت اللجان والمراوحات والتسويفات والمماطلات، ولو كان الأمر شخصيا أو فرديا أو حتى فئويا، لتمترست بقناعاتي المبررة، لكننا اتفقنا بأننا نتحدث عن بلدنا، وعلينا أن نتنازل عن الفردية من أجله، حتى وإن تنازلنا الف مرة، ليصمد بلدنا ويتقدم أكثر، وحتى لا ابتعد عن الموضوع، سأتحدث مباشرة عن الإصلاح السياسي، وعن لجنته الملكية التي صدرت بشأنها إرادة ملكية قبل أيام، وركبتنا موجة الغضب أو عدم الرضا أو الجدل الذي رافق عملية تشكيلها، وأعضائها ورئاستها...الخ الملاحظات.

من قال إننا في حرب مع الوقت؟ ومن قال إن الفرق سيكون كبيرا لو أنجزنا المهمة في أشهر، بدلا من قرار سريع، سيكون بحكم التجريب مهما كانت نتائجه؟!..

التريث في العمل على هذا الصعيد يعتبر من الحكمة، فنحن نتحدث عن قوانين لتنظيم حياة سياسية وبرلمانية، وعن مشاركة فعلية للناس في صناعة القرار، ونتكلم أيضا عن تعديلات دستورية مرتبطة بهذه التشريعات، ولو كان العمل منوطا دستوريا باللجنة (ال92)، وهم الذين يملكون دستورية اصدار التشريعات، لكان الوقت المعطى لهم قصيرا، لكننا نتحدث أحيانا تحت تأثير العواطف، وننسى أن الدستور نفسه، قد حدّ بل منع العمل بالقوانين المؤقتة، وأن أي قانون يحتاج الى مراحل دستورية لإقراره، من بينها مجلس النواب ومجلس الأعيان، المجلسان اللذان يناقشان كل نقطة او تفصيل بسيط في أي قانون يعرض عليهما من الحكومة..إذا فالوقت الممنوح للجنة تتكون من 92 شخص، قليل، لإنجاز مثل هذا العمل، لكننا يجب أن نفهم بأنها ليست هي الجهة الدستورية التي ستقر القوانين المطلوبة، ودورها واضح، وهو جمع كل الأفكار والملاحظات والمطالب إن شئتم، لتقديم تشريعات حكيمة لإدارة نهج سياسي برلماني انتخابي، يظهر فيه المواطن ممارسا لحقه الطبيعي في المشاركة في حكم نفسه ومعالجة قضاياه وأزماته.

قد تكون لدينا تجارب سابقة غير مثمرة، مع مثل هذه اللجان وتوصياتها، وقد نصل هذه المرة للنتيجة نفسها، وهذا أمر يجب ان نعمل على تجاوزه وعدم حدوثه، فنحن نملك فرصة مهمة وذهبية للإصلاح السياسي، وهي تستحق التريث والتنوير والبحث في عدالتها اثنين وتسعين مرة، ذلك إن كنا نقدّر حرج الظرف وأهمية الموقف.

لو اعتمدنا التأني والإرادة لتحقيق هذه الغاية لفهمنا أهمية أن نأخذ الوقت الكافي، مع تأكيدنا بأنه وعلى الأغلب يمكننا اختيار أي 92 شخصا في أي وقت، لإطلاق مثل هذا الجهد الحواري، سيما وأن كلمة الفصل في إقرار التشريع ليست بأيديهم هم، بل هي رهن قنوات دستورية، يجب أن ننتبه لها أكثر مما ننتبه لأعضاء أو رئيس لجنة.. فعمل اللجنة تحضيري وفيه جهد تطوعي، نشكر كل من يقدمه، مع تقديري وإقراري بأن اللجنة تضم نخبة (مليئة)، يمكنها ان تتحدث وتنظم مثل هذا الجهد.

دعونا نتجنب الجدل والرفض السريع لهذه اللجنة وعملها، ولن نخسر كثيرا حين ننتظر حتى نهاية العام، فالحسم في النهاية في السلطة التشريعية وليس في لجنة حوار.

التغيير في نهج سياسي في دولة يحتاج صبرا وتكرار محاولات، وقد يحتاج تجريبا وطرح صيغ متعددة، ولا يأتي سريعا مريعا إلا في التجارب الثورية والدموية والحربية، ونحن لا نريد مخرجات تأتي بهذ الطريقة، بل نحتاج تحكيم منطقنا الأردني الذي نعرفه، لنبلغ نقطة أكثر تقدمية ومرونة في إدارة شؤوننا..

لنعطي أنفسنا فرصة حقيقية كاملة لتقديم نموذج يليق بنا، وسوف نحققه، حيث لا بديل عنه.. وهو المتطلب الموضوعي لإطلاق تفكيرنا تجاه الثقة بأنفسنا وبوطننا بأنه يمكنه تجاوز كل الأزمات والفتن والفوضى.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير