جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
جدول أعمال القمة الأميركية/التركية التي تلتئم اليوم في بروكسل, على هامش إجتماع قادة دول حلف شمال الأطلسي...طويل وخِلافي يصعب التكهّن بالنتائح التي سيُفضي إليها, خاصة إذا ما عاد المُراقب الى سلسلة التصريحات النارية والتراشق الإعلامي بين بايدن وأردوغان وأركان إدارة كل منهما, قبل وبعد وصول الأول للبيت الأبيض وتحديداً دعوته الى دعم المعارضة التركية لإسقاط «الديكتاتور».. في الإنتخابات, ثم إعترافه لاحقاً وعبر اتصال هاتفي بأردوغان بالإبادة التركية للأرمن, في وقت لم يُقصّر فيه أردوغان بإطلاق تصريحات مُضادة ولاذعة,?خاصة قوله: أن يدي بايدن مُلطّخة بالدماء لدعمه العدوان الإسرائيلي على غزَّة.
ظلال التوتّر بين واشنطن وأنقرة الذي ساد منذ فوز بايدن, ستعكس نفسها على طاولة القمة وسط إدراك الطرفين أن يومين يفصلانهما عن القمة الأكثر أهمية وتداعيات والتي ستجمع بايدن بالرئيس الروسي بوتين في جنيف (الأربعاء), ما يمنح كل منهما «ورقة» لممارسة الضغوط (أو تقديم العُروض)، بمعنى التنازلات والولوج الى مسار جديد يمنحهما فرصة للتجربة والإختبار, وهو ما يأمله أردوغان, الذي يعتقد أن لديه من الأوراق ما يستطيع «إُغراء» بايدن بها, سواء ما خصّ الدور التركي في جمهوريات آسيا الوسطى لمحاصرة وتحجيم أو أقل لجم الدور الروسي في?الفضاء السوفياتي السابق, خاصة بعد دعمه «الناجح» مع إسرائيل لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا، أم خصوصاً تحالفه العسكري المتصاعِد مع أوكرانيا وبيعه طائرات قتاليّة مُسيّرة لكييف ووارسو, فضلاً عن مجاهرته عدم الإعتراف بعودة القرم الى قوام الإتحاد الروسي، ناهيك عن دعمه الموصول لإرهابيي جبهة النصرة في ادلب, ومُخططه الرامي لإبقاء قواته العسكرية مع مرتزقته من «ثوّار» سوريا في ليبيا, وما رشح عن استعداد أردوغان إرسال جيوشه الى أفغانستان, للحلول مكان القوات الأميركية/والأطلسية المنسحِبة قبل أيلول القريب. وهو ما رفضته طال?ان علانية.
يدرك بايدن وفريقه حجم «المآزق» التي يواجهها أردوغان, خصوصاً على الصعيد الاقتصادي وتدهور سعر صرف الليرة وارتفاع نِسب البطالة والتضخّم وهروب الإستثمارات الأجنبية, إضافة الى تداعيات مسلسل فضائح الفساد التي تحاصره, خاصة ما يبثه زعيم المافيا التركية سادات بكر من حلقات عبر «اليوتيوب» تستقطب ملايين الأتراك, كاشفاً أسراراً عن حجم الفساد في محيط أردوغان وحزبه وحكومته, ما منح أشرعة المعارضة التركية رياحاً جديدة، اسهمت في توترات وانقسامات داخل الحزب الحاكم وحليفه دولت بهشلي/حزب الحركة القومية.
إضافة الى فشل/مراوحة الإستدارة التركية نحو بعض الدول العربية, التي أدارت له كتفاً باردة عندما سعى لترطيب الأجواء معها باستثناء مصر, التي لم تُغلق الباب كاملاً أمامه لكنها تبدي حذراً وحيطة, كونها لا تثق بوعود أردوغان وتراها مجرد مناورات لتجاوز أكلاف باهظة عكسها تراجع دورأنقرة الإقليمي(رغم الضجيج الإعلامي الذي لم يتوقف من أنقرة وحلفائها في المنطقة).
تمنح إدارة بايدن أولوية لملف منظومة صواريخ/S-400 التي ابتاعتها أنقرة من موسكو, وإن كان أرقها مُزيّفاً، يروم بايدن (وقبله وإن بتشدّد أقل ترمب) ابتزاز أردوغان وجعلها فرصة لإنتزاع المزيد من التنازلات على أكثر من صعيد, وخصوصاً في الملف السوري (العلاقة الأميركية مع قوات قسد/الكردية)، ودائماً كبح مخطّط أنقرة الرامي السيطرة على ثروات شرق المتوسط, على حساب اليونان وقبرص (شريكتا إسرائيل), فضلاً عن «توظيف» حلفاء أردوغان من الويغور الصينيين/تنظيم حرّاس الدين الإرهابي, في الحملة الأميركية/الغربية الضارية على الصين, بذ?يعة انتهاكها حقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ المُتمتع بالحكم الذاتي.
خلاصة القول...
ملفات ضخمة ومعقّدة كهذه لا يمكن التوافق عليها في قمة واحدة, ذات مدة زمنية محدّدة محظور تجاوزها أميركياً, رغم ما يأمله أردوغان بفتح صفحة جديدة مع واشنطن, التي لا تبدو في عجلة من أمرها للإستجابة له...أقلّه حاليّاً.