جفرا نيوز - بقلم المحامي فيصل البطاينة
يبدو أنه في غياب الحكومة عن واقع الأحداث على ساحة الوطن يتفاجئ المواطن بأمور كثيرة تضعه أمام تساؤلات فلسفية تثير الدهشة والاستغراب.
فمنذ بداية هذا العام نشط الديوان الملكي بدعوة بعض الرجالات السياسية وغير السياسية من قدامى ومحدثين وإعلاميين ليلتقوا مع جلالة الملك وبعبارة أخرى أصبحت أبواب الديوان الملكي مفتوحة أكثر من أبواب رئاسة الحكومة التي لم تعد معنية بأمور كثيرة كانت من أولوياتها وخصائص ولايتها ونظره لبعض الأحداث التي شهدناها بمستشفى السلط أو بقضية الفتنة أو الهجوم على الأقصى أو الاحتفالات بالمئوية أو بأعياد الجلوس والاستقلال والنهضة كل ذلك لم يلاحظ المواطن وجود أية بصمات حكومية عليه أو تتعلق به وكأن الحكومة لم تعد تتحمل أية مسؤولية أدبية أو قانونية في هذه المواضيع فالمواطن لا يستطيع أن يحمل الديوان الملكي أي نوع من المسؤوليات التي كان سيحملها للحكومة عند وقوع أية أخطاء بها كموضوع التكريم لرجالات الأردن بمناسبة مئوية الأردن حين أغفل تكريم رجالات عاصرت الملكيات الأربعة وساهمت ببناء الدولة منذ تأسيس الإمارة وحتى هذه الأيام مروراً باستقلال المملكة وبناءها وتعزيز البناء مما اضطر المسؤولين بالديوان الملكي الى تدارك بعض الأخطاء عن طريق الأوسمة بمناسبة عيد الاستقلال والمئوية بالنسبة للعسكريين ورجال الأجهزة الأمنية فكم من رؤساء الحكومات السابقين أغفل عطاؤوهم وكم من الرجال تناستهم بعض اللجان التي شكلت لمثل هذه الغايات التي جعلت بعض أعضائها يقدم أسماء أقاربهم وأصدقاء ذويهم على حساب المصلحة الوطنية العليا.
وعودةً للموضوع لا اعتقد أن من أشار بأسماء أعضاء اللجنة الملكية لتحديد المنظومة السياسية قد اختلف من حيث النتيجة عن الذي أشار بتنسيب أسماء من كرموا وإغفال أسماء لا يجوز أن تغفل فأوقعوا المسؤولين من جديد بنفس الأغلاط .
اللجنة الملكية لتحديد المنظومة السياسية وبناءً على تكليف جلالة الملك طلب منها القيام بأمر من اختصاص الحكومة وحدها وهو وضع مشروع قانون جديد للانتخاب وقانون جديد للأحزاب السياسية هذان القانونان لا يحتاجان إلى ما يقارب من المئة ذكوراً وإناثاً معظمهم تنقصهم الخبرة في مثل هذه الأمور التي لا تحتاج أكثر من الإطلاع على القوانين الانتخابية والمحلية والعربية والاستفادة منها على ضوء الواقع الأردني خاصة فيما يتعلق بالتجربة الأردنية التي جاءت سنة 1994 تجربة الصوت الواحد والتي اثبتت فشلها منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا رغم محاولة المسؤولين التمسك بها بحجج ضعيفة في طليعتها الخوف من وصول بعض الأحزاب الإسلامية إلى موقع السيطرة على المجلس النيابي وهذا لم ولن يحصل في بلادنا لأن الأحزاب لم تكن من أولويات الناخبين كالعشائرية والمصاهرة والمناطقية والنقابية والعلاقات الإجتماعية جميعها تتقدم عند الناخب الأردني على أولية الأحزاب التي لا تشكل بمجموعها ما يقارب 2% من عدد السكان .
إن الإطلاع على القوانين الانتخابية السابقة لقانون الصوت الواحد تحتاج إلى خبرة بها علماً بأن أفضلها كان قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات سنة 1989 وبعده صدرت قوانين جميعها اعتمدت على الصوت الواحد محاولة الالتفاف عن طريق نظام الداوئر الانتخابية تحت مسميات تعني الالتفات كالدوائر الوهمية التي تتيح المجال للتزوير العام (الرسمي) أو الخاص (الشعبي )عن طريق المال السياسي.
وجديرٌ بالذكر أن أفضل تلك القوانين أو مشاريع القوانين التي ظهرت بالفترة الماضية كان مشروع قانون الانتخاب لسنة 2012 الذي تقدمت به حكومة القاضي الدولي عوني الخصاونة وهو وحده الذي ضمن الخروج على قانون الصوت الواحد بأن أعطى للناخب ثلاثة أصوات صوتان للدائرة الانتخابية وصوت ثالث للدائرة العامة أو القائمة العامة وما يسمى بقائمة الوطن أو الأحزاب وهذا القانون قدم لدى مجلس النواب ووقف بطريقه كثير من المسؤولين مثل الدكتور فايز الطراونة رئيس الديوان الملكي آنذاك الذي كان يوحي أن الرغبة العليا والمصلحة العليا تقتضي بقاء قانون الصوت الواحد فبقي القانون الذي قدمته حكومة عون الخصاونة حبيس أدراج مجلس النواب ولم يرى النور رغم أنه بإمكان الحكومة الحالية أن تتقدم به من جديد لمجلس النواب وتريح جلالة الملك وتدفن به فكرة قانون الصوت الواحد وتضمن بذلك محافظتها على الولاية العامة التي منحها إياها الدستور والتي تجعل من الحكومة وحدها إختصاص التقدم بمشروع القوانين الإنتخابية وغير الإنتخابية .
وعودةً للموضوع فإني أجزم بأن أكثر من 70% من أعضاء اللجنة الملكية لم يطلعوا على هذا القانون أو على غيره من هذه القوانين في الدول المجاورة علماً بأن كتاب تشكيل اللجنة الملكية أسند لها صلاحيات الحكومة كاملة في تقديم مشروع القانون وضمن لها عدم تدخل الحكومة في هذا القانون فقد كان بالأمكان الاكتفاء بـ عشرة أشخاص من أعضاء هذه اللجنة لأن يتقدموا بمشروع قانون انتخابي يضمن ما أشار إليه الملك بالأوراق النقاشية وبكتب التكليف السامية ويريح المواطنين من المباركة لأعضاء اللجنة الملكية بالثفة الملكية لاختيارهم لعضوية هذه اللجنة .
وباعتقادي أن التعديلات الدستورية التي أشار لها البعض كاختصاص لهذه اللجنة الملكية لا بد وأن تعمل على إعادة الولاية كاملة للحكومة لأن وجود الولاية العامة للحكومة تعني مسائلة الحكومة عن أي خطأ يقع وهذه المسائلة حسب الدستور تتم من قبل إما جلالة الملك وإما من قبل مجلس الأمة ولا أدري أمام المشروع الذي ستتقدم به اللجنة الملكية لمجلس النواب بضمانة الملك من هو المسؤول أمام المجلس هل اللجنة الملكية أم الحكومة التي لم تكن لها علاقة به فالولاية العامة للحكومة منذ شعر بتناقصها رئيس الحكومة الأسبق عون الخصاونة وقدم استقالته على اساسه استمرت بالتناقص الى أن وصلت اليوم الى درجة حرمان الحكومة من استعمال صلاحيتها الدستورية بتقديم مشروع القوانين لمجلس الأمة .
وخلاصة القول لقد ضمت اللجنة الملكية أعياناً حاليين بالأسماء ومسؤول حكومي واحد بصفته الوظيفية هو وزير التنمية السياسية وعدد من النواب السابقين الذين لم يحالفهم النجاح بالدورة الأخيرة وبعض الوزراء السابقين من الإعلاميين أو الذين مارسوا وزارة الثقافة والشباب بالإضافة الى عدد من الحزبيين وأمناء الأحزاب مع استثناء بعض الأحزاب التي لديها آراء فاعلة بمثل هذه المواضيع كحزب الشراكة والانقاض والأردن أقوى وحزب زمزم ولاكتفاء بسبعة أعضاء عن جبهة العمل الإسلامي والإخوان المسلمين الجدد والوسط الإسلامي .
وأخيراً وليس آخراً لا شك عندي بكفاءة رئيس اللجنة الملكية وسعة صدره واضطلاعه هو و بعض أعضاء اللجنة الذين لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد لكنه بحاجة الى فريق اقل عدداً وأقوى عدةً و خبرةً من هذا الفريق خاصة بالأمور الدستورية والقانونية وإن غداً لناظره قريب.