جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. كميل موسى فرام
كعادته دائما كرأس للدولة، يراقب الأداء ويحلل الإحداثيات، بترجمتها ضمن استقراء مستفيض، لخطوط المستقبل، طرح جلالة الملك عبر حلقات سلسلة خلال العامين 2016، 2017 عددا من الأوراق النقاشية ذات القيمة المضافة، ومراجعة دقيقة لمحتوى هذه الأوراق، نجد فيها ملخصا للتطلعات، وطريقا مرصوف آمنا لعبور النفق الصعب والعنق الضيق، وبوادرا للإصلاحات، ضمن مبادىء الدولة المدنية الحديثة التي تحترم مكوناتها، فهي زاخرة بالأفكار والمفردات والتطلعات التي ترصف طريق المستقبل الذي نريد، بعيدا عن المزايدة والتلاعب بالألفاظ التي تعزف موسيقى المشاعر والحماس، بدون مساهمة ولو شكلية بخطوة واحدة للأمام، فالعصف الذهني سيولد أفكاراً للمناقشة والتحسين والتجويد، وأتمنى لو يخلص بقواسم مشتركة كأرضية للحوار، تبدأ بإعادة جدولة الثقة بمؤسسات الدولة التي انتهت صلاحيتها لتعارض فقراتها مع واقع التطبيق، فهناك خوف وشكوك ينتابنا بكل خطوات السلطة التنفيذية والتشريعية، حقيقة تم الإعتراف بها، ويجب معالجتها قبل البداية، فجسور الثقة، ستمكن الجميع من عبور الطريق الآمن للغد القوي.
قمة الديمقراطية التي ننشدها مارثون سباق يترجم المبادىء الوطنية التي أوكلها القائد للنخبة والشعب للتوافق عليها، وعلينا أن نتذكر التجارب السابقة للإستفادة من المحتوى والنتيجة، فقد ولدت جميعها من رحم الواقع والحاجة، ولم تتمكن من تلخيص وصفة سحرية لمشاكل الدولة، وربما كان للظروف الخارجية دور مؤثر على تربيتها وتنشئتها ببيئة مناسبة لتنمو بحضانة الديمومة، وتوقف المسيرة، وعلينا أن ندرك بحقيقة اليوم المؤلمة وأتمنى أن اكون مخطئا بالتشخيص، بوجود شكل من أشكال التنافس وتسجيل السبق، الأب الروحي للفوضى بين رعاة الحوار، لخديج قادم يموت قبل أن يولد.
البناء الصحيح والمستدام يحتاج لقاعدة صلبة، تخلط معطياتها بعرق العمل، بهدف أسمى يتمثل بسيادة القانون، ومساندة المؤسسات الدستورية التي تترجم مكونات المجتمع وتحمل طبق أحلامه، والمساواة ضمن الأفق الوطني، وعلينا بالإعتراف بمفاصل الوهن الإجتماعي التي احتضنتها بيئة مزيفة وكرست مفهوم المواطنة الناقصة وحصرها بقيود اعتلاها الصدى، نتيجة للمناهج التي تسيدت المحتوى وحصة الدرس، فولدت أفكار التصنيف والتمييز، بالتحليل والتحريم، حيث يطالب البعض بمستوياتهم المختلفة، بتطبيق ديمقراطية عرجاء على مبدأ الأكثير والأقلية، والتي تكفلت قوانين الدولة بحمايتها، ضمانا للعدالة نتيجز الإزدواجية، وإذا كانت البداية للتوافق على قانون انتخاب عصري، فعلى العرابين والمشرعيين أن يتذكروا بخصوصية اجتماعية، حيث تكثر فتوى التحريم والتحليل من فئة بكل مناسبة، تمهيدا لإحتكار القول والفعل، ويقيني مطلقا بحكمة القيادة الهاشمية وعميدها وامتدادا لماضيها بالمحافظة على مكونات الشعب ضمن قارب العدالة الذي يعزز التنوعية الإيجابية لتمكين النظام الملكي الهاشمي من إكمال مسيرته بإنطلاقة ناجحة، استكمالا للمشوار، فليس لدينا فتنة نائمة لنوقضها، فالفتنة على الأرض الأردنية قد وأدها الهاشميون منذ مئة عام، وهو عمر الدولة الأردنية.
ووجود الاستثناءات التي تؤرق البعض وتخلط تفكيره الديمقراطي الأمثل، يضمن الحد الأدنى من العدالة بسبب انتشار أفكار تفصل التحليل والتحريم بمقاسات العرابين الذين يسخرونها حيث رياح شراعهم ومركبهم، وعبرة من دول الجوار تؤكد سلامة النهج الهاشمي ومتانته، بل مضمون دعوة متجددة من جلالة الملك بحرص على تدعيم هذه الأسس، فالوطنية ميدان للعمل بدافع الذات، وعندما نصل لمرحلة النضوج الديمقراطي الكاملة، بالمناهج والتفكير والسلوك، سوف يكون الوقت المناسب لمناقشة الشعارات الشعبوية وإعادة النظر، وأفكار رعاتها بحجم جديتها، فلدينا عزيمة المصير للنهوض والمنافسة بأردن قوي مستقر، شعارا وواقعا، لأن الأردن يسكن القلوب، ونحن نسكن أرضه، وللحديث بقية.