جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد يونس العبادي
من بين وثائق الاستقلال، وما تحمله أوراق البدايات من ملامح تعبر عن الأجواء السياسية التي رافقت إعلان الاستقلال في أيار 1946م، كلمة للملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، ألقيت في مهرجان نظمته بلدية عمّان قبل إعلان الاستقلال بأشهر.
وجاء في الكلمة المؤرخة في 28 كانون الثاني 1946م، وجاء فيها» إنّ من حقّ (الأردن) أن يبتهج ويغتبط بما هو حق له من تمام الاستقلال والسيادة، ولطالما قلنا إنّ (شرق الأردن) هي أهم جزء من بلاد العرب شارك الحجاز فعلاً في حرب التحرير السابقة لذلك فلها أن تسر بتحقيق أهدافها القومية وعلينا أن نسر لسرورها».
ويقول الملك المؤسس، بعد شرحه لأدوار أردنية سبقت الاستقلال وأدوار خلال الحرب العالمية الثانية: «لقد كنت خادم الأمة العربية عندما قدّر لي المشاركة في وضع أسس الثورة الكبرى التي انبثق عنها كيان العرب الدولي الحديث وانتهت إلى وطن عربي مكين يعتز اليوم بدوله المستقلة القائمة في الشرق الأدنى والتي نتمنى لها العزّة والثبات والقوّة والنجاح مع العمل مجاهدين لتوثيق الصلات الأخوية بينها تحقيقاً للغاية القومية المشتركة».
ويذكر الملك المؤسس، ما حققه تأسيس الأردن من تأصيل لخطابه العروبي، بقوله «لقد استهدف (تصميم الثورة العربية) حقوق العرب جميعاً.. ثم قدّرت لنا المرابطة على ضوئه في هذا الجزء العزيز من أجزاء الوطن العربي الأكبر لنعمل على إعزاز (شرق الأردن) وإسعادها واستكمال حقها».
كما جاء الخطاب على ذكر البدايات وما مرت به من صعوبات».. كانت زعازع وكانت أعاصير وقفنا وقت هبوبها نحمل أماني البلاد بل أمانتها حذرين متبصرين فلما انجلت تابعنا سيرنا بخطى ثابتة وكان ذلك دأبنا حتى هذه الساعة المباركة حيث تعلون سروركم ورضاكم عن تلك الخطة وذلك الدأب».
ويوصل الملك المؤسس القول «لم أترك فرصة تعزّز كلمة قومي وتدنيني من رضاء ربي في جميع تبعاتي إلّا انتهزتها لخير هذه البلاد متكلاً على الله ومَدَد روحانية رسول الله».
أما عن الظروف التي رافقت إعلان الاستقلال «فلا يخفى على من له إلمام بالحقائق أنّ الحرب الحاضرة قد غيّرت مجرى الأمور في العالم وستغيّر خرائط الممالك وحدود الدول، وأنّ للغالبين والمغلوبين أنصاراً وأتباعاً نال كل منهم نصيبه من ويلات الحرب ومتاعبها».
ويذكر الملك المؤسس دور الأردن، إذ «كانت منذ إعلان هذه الحرب حتى انتهائها صادقة في وعدها مساعدة لحليفتها جهد طاقتها من غير ما تردد أو تضعضع أو توقف، وكانت الحليفة تقابلها بالمثل وتقدّر لها تلك المساعدات التي أوجبت الثقة التامة بأهليتها للحرية والسيادة فوعدتنا بتحقيق استقلالها التام».
ونتيجة لهذا الدور، يقول الملك المؤسس ».. وها هي طلائع الوفاء بوعدها توجه إلى (شرق الأردن) أنظار الأمم المتحدة جميعاً مما أوجب شكرنا وتأكيد عزمنا في العهد الجديد على متابعة نهجنا من ثبات في الكلمة وحفظ للعهد وإسداء للمعونة كلما دعت الحاجة على أساس الحقوق المتقابلة والمصالح المتبادلة مقدّرين لبريطانيا العظمى جهودها الطيبة المثمرة وإخلاصها لمبادىء السلم والتعاون المدولي ورعاية حقوق الأمم كبيرها وصغيرها».
فالأردن شارك في الحرب العالمية الثانية في ميادين سوريا والعراق، وكان يرتب له دور في التصدي لحملة القائد الألماني رومل التي استهدف مصر، وتشير كلمة المؤسس إلى هذا الدور، بإشارته إلى أنّ بريطانيا أكدت على استقلال الأردن، إضافة إلى المتوقع بعد هذه الحرب نظير جهود حلفاء بريطانيا من العرب، فكان التوقع أنه «حتى إذا وضعت الحرب أوزارها خرجت البلاد العربية التي بادلتها تأييداً بتأييد وتعضيداً بتعضيد مصونة الحدود سالمة الأطراف جزيرتها وعراقها وشامها ومصرها، قوية الأمل بمستقبل أسعد ومكانة أرفع في الحياة الدولية و التعاون العالمي».
إنّ هذه الكلمة للملك المؤسس، تعبر عن آمال العبور «بمسالك حريتنا واستقلالنا وحقّق آمالنا القومية كاملة غير منقوصة بعونه وتوفيقه بمنه وكرمه».
إنّ وثائق عدة تروي سيرة وجهاد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، وسعيه لإعلان الاستقلال الناجز في أيار عام 1946م، وهي جهود واصلها ملوك بني هاشم بمواقف ومحطات لا زالت حاضرة، وعززت من استقلالنا الأردني سواءً بتعريب قيادة الجيش، والأدوار الأردنية بالدفاع عن القدس الشريف وفلسطين، ولا تنتهي بقرار جلالة الملك عبدالله الثاني بإنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر.
حمى الله أردننا الهاشمي..