وتعلو أربع رافعات رصيفاً جافاً ضخماً على ضفاف أحد الأنهار في سينينغ (جنوب غرب الصين)، حيث ينهمك عمال يعتمرون خوذات واقية صفراء بأشغال حول بدن سفينة عملاقة.
مشروع معقد جداً
وستنتج هذه الورشة في نهاية المطاف نسخة عملاقة طبق الأصل من "تيتانيك"، السفينة التي غرقت قبل أكثر من قرن في المحيط الأطلسي، وأسفر غرقها عن مقتل أكثر من 1500 من الركاب وأفراد الطاقم.
وقال سو شاوجون، الذي كان وراء الفكرة لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه "مشروع معقد جداً". وأضاف أمام نموذج للسفينة في مكتبه "نحن نبني سفينة بحجم حاملة طائرات"، ولكن على الأرض.
ويقع أقرب بحر إلى سينينغ على مسافة أكثر من ألف كيلومتر منها، لكن صاحب المشروع مقتنع بأن الفضوليين سيأتون مع ذلك لزيارة متنزه "تيتانيكلاند" الترفيهي المخصص للسفينة.
وتبلغ تكلفة المشروع عشرة مليارات يوان (1.4 مليار دولار)، ومن المقرر افتتاحه في نهاية العام.
كانت "تيتانيك" في عصرها أكبر سفينة سياحية على الإطلاق.
وكان يعتقد أنها غير قابلة للغرق، إلا أنها لا تزال إلى اليوم مرادفاً لأكبر كارثة في التاريخ البحري.
أجواء واقعية
وكالنسخة الأصلية، يبلغ طول النسخة المطابقة التي يقيمها سو 260 متراً، واستغرق بناؤها ست سنوات، أي ضعف المدة التي استلزمها بناء "تيتانيك" الحقيقية، بمشاركة 100 عامل، وباستخدام 23 ألف طن من الفولاذ.
وكل شيء في "تيتانيك" البر الصينية مستوحى من الأصل، من غرفة الطعام إلى الحجرات الفاخرة، وحتى مقابض الأبواب.
وتوخياً لإسباغ الواقعية على الأجواء، سيعطي المحرك البخاري الحقيقي للزائرين انطباعاً بأنهم في وسط البحر بالفعل.
وأكد سو أن "خبراء تيتانيك ومؤرخيها وافقوا على مخططات البناء".
ويبلغ سعر الإقامة ليلة في نسخة "تيتانيك" 2000 يوان (نحو 310 دولارات).
وسعياً إلى الانتفال إلى جو "تيتانيك" بالكامل، سيستمع السياح فيما يجولون في المتنزه بحافلة صغيرة إلى أغنية "ماي هارت ويل غو أون" التي شكلت الموسيقى التصويرية لفيلم "تيتانيك" السينمائي مع ليوناردو دي كابريو.
ولقي الفيلم نجاحاً ضخماً في الصين لدى عرضه فيها عام 1997.
واحتلت السفينة الأكثر شهرة في العالم عناوين الصحف مجدداً في الصين أخيراً مع عرض فيلم وثائقي كشف قصص ستة صينيين نجوا من حادثة غرقها.
جدوى المشروع
وعلى الرغم من الاهتمام الصيني بهذه السفينة، فإن البعض يشكك في جدوى النسخة المتماثلة.
فقبل بضع سنوات، أقيمت نسخة طبق الأصل من حاملة طائرات أميركية بلغت تكلفة بنائها 18 مليون دولار، لكنها تركت بعد فترة وجيزة من افتتاحها.
غير أن سو يراهن على بلوغ عدد زوار سفينته ما بين مليونين وخمسة ملايين سائح سنوياً، ويأمل في أن يحظى ببعض الدعم لتحقيق ذلك.
وقال سو "نريد أن نوجه الدعوة في حفل الافتتاح إلى جاك وروز"، وهما الشخصيتان الرئيسيتان في الفيلم، وكذلك إلى مخرجه جيمس كاميرون.
وكانت "تيتانيك" أبحرت في 10 أبريل (نيسان) 1912 من ساوثهامبتون (جنوب بريطانيا) متجهة إلى نيويورك، لكنها تحطمت بعد أن اصطدمت بجبل جليدي قبالة سواحل كندا.
أما حطام السفينة الذي لم يتم العثور عليه إلا في عام 1985، فموجود على عمق أربعة آلاف متر.