جفرا نيوز -
جفرا نيوز - أكد رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الاعيان المهندس جمال الصرايرة، أن مشروع ربط تخفيف الديون بالاستثمارات في العمل المناخي والتنوع الحيوي تمثل فرصة كبيرة للأردن يجب اقتناصها.
وقال المهندس الصرايرة في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء، إن تصنيف المملكة الائتماني الجيد والمكانة الدولية المرموقة التي تحظى فيها عالميا، إلى جانب المهارات والعلاقات الدبلوماسية القوية مع دول العالم، تؤهل الأردن ليكون مرشحا جديرا بالثقة لتطبيق المشروع.
وأشار إلى أن فكرة تخفيف ديون الدول الفقيرة في مقابل استثمارات تراعي البيئة، شقت طريقها خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فيما يتوقع ان تتبلور اكثر باقتراحات ملموسة في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين حول المناخ الذي سيعقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية خلال شهر تشرين الثاني المقبل.
وأضاف أن فكرة مقايضة الديون بالمناخ على مبدأ إمكانية الاستعاضة عن دفع فوائد الديون الخارجية بالإنفاق تعتمد على برامج تغير المناخ وحماية التنوع الحيوي في الدولة المدينة، حيث تسمح الجهة الدائنة بتوجيه فوائد الديون المستحقة له إلى حساب خاص يتم إنشاؤه بالعملة المحلية لتمويل مشاريع تغير المناخ وحماية التنوع الحيوي.
وأوضح الصرايرة، ان الأردن يملك الكثير من المقومات التي تمكنه من ان يكون المكان المناسب لتطبيق هذه السياسة لعدة أسباب أهمها: أنه من المتوقع أن يكون لتأثيرات تغير المناخ وقعٌ شديد على المملكة بسبب نُدرة الموارد المائية وانخفاض معدلات الهطول بالإضافة إلى النمو السكني متسارع الوتيرة الذي شكل ضغطاً على البنى التحتية مسبباً تراجعاً في كفاءتها.
وقال إن إجمالي الدين العام للأردن خلال العام الماضي بلغ قرابة 5ر47 مليار دولار، ما يشكل 5ر110 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يتوقع البنك الدولي أن يتخطى الدين العام الأردني العام الحالي حاجز 50 مليار دولار، ما يشكل 5ر113 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبيّن المهندس الصرايرة أن التراكم المستمر لهذه الديون يشكل عائقاً أمام جهود الحكومات المتعاقبة لمكافحة الهشاشة الاقتصادية والفقر والتغلب على البطالة والقضاء على عدم المساواة.
ولفت الى أن المديونية المرتفعة سيترتب عليها مدفوعات خدمة دين كبيرة تجهد الموازنة العامة وتستنزف مواردها التي كان من الممكن ضخها في مشاريع رأسمالية تخدم رفاه المواطنين.
وعرض المكاسب التي يمكن للأردن تحقيقها من خلال المشروع والتي ابرزها إمكانية خلق قيمة اقتصادية مضافة من خلال تعزيز تدفق الاستثمارات بفعل خفض برامج إدارة الطلب على الطاقة وتكاليف التشغيل التي طالما كانت عائقاً أمام الكثير من الصناعات.
وذكر أن الاقتصاد الوطني في أمس الحاجة لمثل هذه الدفعة التي ستسهم في توفير الآلاف من فرص العمل الدائمة المتوزعة في جميع أرجاء المملكة وتقليل نسب الفقر والتغلب على مصادر الضعف التي خلفتها أزمة جائحة كورونا.
ومن المكاسب أيضا، حسب تصريحاته، تخفيف نفقات الحكومة على استيراد الوقود وعلى توسيع سعة توليد الكهرباء ما سيسهم في تسكين حالة العجز المزمن في الموازنات وتعزيز توازن ميزاني التجارة والمدفوعات.
وأشار الصرايرة الى مكاسب أخرى تتمثل في التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة ما سيسهم في الوفاء بشروط صفقة مقايضة الديون وبالتزامات اتفاق باريس التي صادق عليها الأردن، إضافة الى تعزيز منعة البنية التحتية للطاقة من خلال تخفيض الحمل على نظم التوليد ونقل وتوزيع الطاقة، وتقليل ملوثات الهواء ما يؤدي لتحسين الصحة العامة والحد من وطأة الأمراض التنفسية المزمنة.
واكد أن الأردن يشهد نشاطاً بارزا في مجال إعداد الوثائق المتعلقة بتغير المناخ، استعدادا للمشاركة في "مؤتمر الأطراف” ووفاء بالالتزامات الدولية، لافتا الى ان وزارة البيئة أصدرت تقرير التحديث الثاني لكل سنتين الذي يحتوي على أحدث جرد لانبعاثات الغازات الدفيئة في الأردن.
وتابع ان وزارة البيئة بدأت العمل على تحديث وثيقة ” المساهمات المحددة محلياً ” التي ستتضمن وصفاً لإجراءات التخفيف والتكيف التي ستتعهد الحكومة بتنفيذها.
وأوضح أن مسؤولية التنسيق مع الجهات المعنية وتنظيم أوجه التعاون المحتمل تقع على عاتق العديد من المؤسسات الرسمية وبخاصة وزارة المالية وصندوق تشجيع الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة ووزارتي الطاقة والثروة المعدنية، والأشغال العامة والإسكان، والمجلس الأردني للأبنية الخضراء والمركز الوطني لبحوث الطاقة والجمعية العلمية الملكية ومعهد دراسات البيئة المبنية.
وحول المشاريع البيئية التي سيطبقها الأردن مقابل هذا الدَين، أكد المهندس الصرايرة، وجود العديد من المشاريع التي من الممكن أن تحقق مكاسب على صعيد مكافحة تغير المناخ وحماية التنوع الحيوي في المملكة، مشددا على ضرورة أن يراعى صناع القرار عند تطوير هذه البرامج أن يكون التغلب على الفقر والبطالة والضعف وعدم المساواة من الأولويات غير القابلة للتفاوض، لضمان تحقيق أهداف تنموية ذات منافع متعددة سواء اجتماعية او اقتصادية او مالية وبيئية مشتركة.
وأوضح أن البرامج المعنية بإدارة الطلب على الطاقة تعد أحد أفضل سبل الإنفاق المطروحة، كونها من أهم الإجراءات المناخية وأكثرها جدوى مقارنة مع غيرها، وذلك لقدرتها على تحقيق أهداف التخفيف والتكيف، فهي تقلل من مستويات الطلب على الطاقة وبالتالي من انبعاثات الغازات الدفيئة وتؤدي آنيا إلى تخفيض الحمل على نظم توليد ونقل وتوزيع الطاقة الذي بدوره يسهم بزيادة كفاءة هذه النظم.
وأضاف أن تنفيذ برامج كفاءة استخدام الطاقة على نطاق واسع يتيح الفرصة لخلق طفرة اقتصادية مضمونة العوائد لسنوات عديدة.
ودعا صناع القرار الى ضرورة المضي قدما في استكشاف جميع أبعاد وإمكانيات صفقة مقايضة الديون بالعمل المناخي من خلال تحديد الجهات الحكومية المعنية بالتعاطي مع فكرة مقايضة الديون بمشاريع المناخ، وبخاصة وزارات المالية والطاقة والثروة المعدنية والبيئة والتخطيط والتعاون الدولي.
وطالب الصرايرة وزارة المالية أن تأخذ زمام القيادة باعتبارها الجهة المعنية بشكل رئيس عن حل أزمة الدين العام.
وأكد ضرورة عقد مشاورات داخلية لبلورة موقف وطني بشأن مقايضات الديون سواء كان إيجابيا او سلبيا والتأكد من وجود إرادة سياسية وإجماع وطني يضم جميع الجهات المعنية للتعاطي مع فكرة المشروع.
وأشار إلى أهمية الدخول في مشاورات على المستوى السياسي مع حكومات الدول الدائنة (الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة واليابان والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي) لإبداء الاهتمام بفكرة مقايضات الديون وكسب التأييد السياسي المبدئي وإقناع الدائنين بالموافقة على الدخول في مفاوضات بشأنها.
كما أشار إلى ضرورة إعداد خطة وطنية بمشاركة المؤسسات الأردنية الحكومية وغير الحكومية المعنية وخصوصا المؤسسات التي تمتلك الخبرات الفنية والإدارية والمؤسسية الضرورية لقيادة وتوجيه برامج إدارة الطلب على الطاقة، بالإضافة لإعداد إطار مؤسسي حاكم يتسم بالمشروعية والمصداقية والشفافية وإجراءات واضحة للمساءلة لإدارة دفة القيادة.