النسخة الكاملة

الحكومة ومواعيد عُرْقُوب...!!!

الخميس-2021-05-03 02:39 pm
جفرا نيوز -

جفرا نيوز  : بقلم: الدكتور ابراهيم العابد العبادي
بداية أود التعريف بعُرْقُوب: فهو رجل من اليهود العماليق (العمالقة)، سبق زمن سيدنا موسى عليه السلام، وبلغ الشهرة بإخلافه للوعود، فقد كان يعد ولا يفي بوعده...وتشير المصادر التاريخية...أنه كان لعرقوب أخ فقير ضاقت به وعياله الحال والعوز والفقر...فأشرت عليه زوجه، ان يقصد اخاه عرقوب يطلبه شيئاً،.... فقال عرقوب: إذا أَطْـلَـعَـت هذه النخلة (أي نبت لها نُـوّارها، وهو الطلع) فلك حملها. فلما أخرجت "طلعها" أتاه، فقال له: دعها حتى تصير "بلحاً"، فلما أبلحت جاه فقال له: دعها حتى تصير "زهواً"، فلما أزهوت قال له: دعها حتى تصير "رُطباً"، فلما أرطبت قال له: دعها حتى تصير "تمراً"، فلما أتمرت، قام عرقوب بجذّها "قطف ثمرها" ليلاً قبل أن يأتي أخوه في الصباح، فلما جاء أخوه في الصباح ليأخذ التمر لم يجد شيئاً. ولهذا قالوا فيه: مواعيد عرقوب. فأصبح عرقوب - ولايزال - مَضرِبَ المثل بالمطل وعدم الوفاء: ويقال ((أمطلُ من عرقوب"، و" أخلفُ من عرقوب"، و "مواعيدُ عرقوب أخاه بيثرب".)). ....ومن حينها وحتى تاريخه ما زالت تذكر... ،بل جادتْ قرائحُ الشُّعراء في وصْفِ الواقعة قال الشاعر: "الْيَأْسُ أَيْسَرُ مِنْ مِيعَادِ عُرْقُوبِ"....وقول الأشجعي :وَعَدْت وَكاَنَ الخُلْفُ مِنْك سَجِيَّةً ... مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أخَاهُ بِيَثربِ......كما تطرق للقصة كعب بن زهير في قصيدته الشهيرة في مدح النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتي مطلعها: بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ.....ثمّ قال:
وَلاَ تَمَسَّكُ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ..... إِلاَّ كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلاَ يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ..... إِنَّ الْأَمَانِيَّ والْأَحْلامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً..... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الْأَبَاطِيلُ
ما أشبه الأمس البعيد...باليوم وغدٍ وبعد غدٍ...ها قد مضى عقدين ونيف من الزمان عضَّت المواطن الاردني، فمن السِعَة والبحبوحة الى ضِيق وعوز، ومن السعادة والراحة الى حُزن وشقاء، ومن وفرةٍ وعطاء الى شُح واستجداء...حتى ضاقت بناء الارض بما رحبت...فباع الناس اشياءهم واقترضوا حتى ملَّتهم البنوك...ونأى الكثير بأنفُسِهم خشية الملاءمة والاحراج....فبات الشاب يفكر بالهجرة...لكن الأبواب موصودة والطريق شاق وطويل ومحفوف بالمخاطر، وأخبار الغربة مرعبة ومضنية...نعم مضى أكثر من عقدين والحكومات المتتالية والمتعاقبة توعدنا كما الاحلام والاوهام... ولا نجد نوارأ ولا طلّعٍ، ولا نبصر بلحاً ولا زهواً، ولا نلمس رُطباً ولا تمراً...وكل ما نسمع به اخبار... تتضمن ورقاً لا يساوي قيمة الحبر المكتوب به...  استراتيجيات وخطط تنفيذية وسياسات واجراءات وأولويات وقرارات وأوامر دفاع....والفقر والبطالة يزدادان وقد تجاوزا حدود المنطق والمعقول...والواقع الاقتصادي نحو الانحدار... والاستثمار فارق الديار...والحماية الاجتماعية.. تنازع سكرات الموت...والاعلام الرسمي يطبل...والاعلام الخاص يسحج...الوظائف العليا تسرق وتمنح هبات للأصدقاء وزملاء الدراسة والانسباء والمعارف والاصحاب من اقطاب الدولة واعوانهم...وتحت غطاء قانوني...والوظائف الصغرى توزع كما الصدقات لأصحاب المصالح ولإرضاء اعضاء المجالس والدواوين والهيئات...حالها حال الكوبونات والاعطيات وكراتين المعونة....ثم يقال لي عليك أن تكون مسروراً في بلد الأمن والأمان...وأن مسيرة الاصلاح مستمرة...وأن الامور ستكون في نصابها الصحيح وتحت مظلة القانون التي يصنعها المتزلفون ويجلسوا في ظلها لقطف الثمار....نعم مضت قرون منذ وعد عرقوب الأول...لكن سلالته اصبحت حكومات ومؤسسات وقيادات....ونحن اخوتهم يقطع امعاءنا الالم والوجع وتضيق الصدور وتتشتت الافكار...من كثرة وعود عُرْقُوب وورثته... حمى الله الوطن... حمى الله الأردن أرض العزم الحشد والرباط.