جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب جميل النمري
لسنا متعجلين كثيرا، لكننا ننتظر. ربما بعد رمضان أو قبل نهاية الشهر القادم. ننتظر الدخنة البيضاء، أو الاعلان الصريح عن مشروع الاصلاح السياسي.
حتى الساعة لا تصدر أي اشارة من الحكومة أو من القصر. البلد تضجّ بمطلب الاصلاح، موالاة ومعارضة، محافظون وتقدميون، عشائريون وليبراليون، أثرياء وفقراء، كتاب وقرّاء، أحزاب وفعاليات من كل لون. دوائر القرار وحدها تلوذ بالصمت وحسب ما اعتقد فالسبب هو جدّية الموقف وجدّية الوقفة أمام هذا المنعطف، فعلى هامش الانشغال بأحداث «الفتنة» ينتصب في الأفق السؤال العملاق ماذا بعد؟! سؤال يزداد الحاحا مع ظروف الحياة والاقتصاد والمؤسسات بعد جائحة كورونا وحوادث مثل كارثة م. السلط. الصحافة الدولية المتعاطفة تقليديا مع الأردن ذهبت مباشرة من تغطية الأحداث الأخيرة الى تسليط الضوء على مشكلة الأردن المشخصة بدقة وهي الامتناع أو التلكوء في الاقدام على اصلاح جوهري لشؤون الحكم.
على هامش القضية كلفت الحكومة وزارة الشؤون السياسية بإدارة حوار حول قانون الانتخاب، واعلنت الوزارة قبل ايام انهاء جولة الحوار الأولى مع الأحزاب وأنها ستتابع الآن مع منظمات المجتمع المدني وغيرها. وهذا قبل أحداث « الفتنة « وتجاوبا مع اشارة الملك المبكرة للنظر في قانون الانتخاب والأحزاب لكن هذا نشاط هامشي جدا من طرف الحكومة لا صلة له بالدخنة البيضاء المنتظرة من مجمع القرار.
الحوار حول «محتوى» الاصلاح السياسي ليس هو القضية اليوم لسببين الأول ان محتوى الاصلاح معرّف ومحدد في أدبيات و وثائق لا تحصى إبتداء من الميثاق الوطني ( عام 91 ) أي قبل ثلاثين عام وحتى الأوراق النقاشية لجلالة الملك وهي تحدد محتوى وهدف الاصلاح السياسي وعنوانه بإيجاز خالص التحول الى ملكية دستورية. والثاني ان الاعلان الصريح عن مشروع الاصلاح لم يصدر بعد! لا يمكن بدء الحوار هنا وهناك بالاعتماد على استنتاجات أو اشارات أو توجيهات حول قضايا فرعية حتى لو كانت قانون الانتخاب. ما تحتاجه البلاد هو اعلان واضح صريح عن القناعة بضرورة التغيير وأن الوقت قد أزف لتحول حقيقي بالبلاد. اذا توفرت القناعة وتوفرت الارادة فالباقي تفاصيل.
لم يتغير اجماع الأردنيين على العرش ونظامنا السياسي وقيادة الملك عبدلله الثاني و لم يكن ذلك موضع تهديد في اي وقت لا في الربيع العربي ولا في الأحداث الأخيرة، وقالها جلالة الملك بوضوح في آخر لقاء بأن ما حدث من فتنة كان مؤلما لكنه لم يشكل خطرا ولا تهديدا. وبالفعل لم تظهر اي مؤشرات على اي اختراق مهما كان ضئيلا أو فرديا يمس الولاء والتماسك والانضباط المطلق للجيش والأجهزة الأمنية. إجماع الرأي العام هذا لم يتغير لكن اجماعا آخر رأيناه يتشكل حول مطالب الاصلاح وهو ما لم يعد ممكنا قابلا للتجاهل.
هناك مطالب جذرية تذهب الى اقتراح دستور جديد وهناك المطالب بتعديلات دستوري تنسجم مع مبدأ الملكية الدستورية وثمّة من يرى أن الأهم اليوم هو تطبيق روح الدستور بالممارسة وعبر التشريعات الناظمة للحياة السياسية واصلاح المؤسسات وتمكينها. إنما كل هذا نقاش سابق لأوانه ونقطة البداية المنتظرة هي صدور الدخنة البيضاء كما قلنا أو الاتفاق الصريح بإعلان واضح على الاصلاح بالعنوان والهدف المحدد.