النسخة الكاملة

من أوراق المئوية: حلف بغداد

الخميس-2021-04-22 10:31 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد يونس العبادي
يمثل حلف بغداد والانضمام الأردني إليه أواخر سنة 1955م، إحدى أهم المحطات في تاريخنا الأردني لمّا اجترحته هذه المسألة من أحداث لاحقة.

إنّ مسألة انضمام الأردن للحلف انضوت آنذاك على مكاسب هامة للأردن، إذ قدم الجنرال البريطاني تمبلر الذي جاء إلى عمّان بهدف إقناعها بالانضمام إلى الحلف عرضاً برفع حجم القوات المسلحة بنسبة 60% مع إنهاء معاهدة التحالف مع بريطانيا في حال انضمام الأردن إلى الميثاق.

لقد مثلت هذه العروض للأردن، قياساً بظروفه في تلك الأيام، عرضاً مهماً جوبه بمعارضة عربية إقليمية (مصر وسوريا والسعودية) ومعارضة داخلية أفضت إلى استقالة أربعة وزراء لاحقاً اضطر رئيس الوزراء سعيد المفتي إلى تقديم استقالته.

واتسعت المعارضة لانضمام الأردن لهذا الحلف، وهو حلف موجه ضد الشيوعية، نتيجة الدعاية الكبرى التي شنتها الدول المجارة ضد الحلف، ونتيجة خطاب إعلامي وصل إلى حدود التضليل، وتغييب ما يمكن أن يحققه الأردن من مكاسب اقتصادية في حال انضم للحلف.

وكان لكل دولة من دول الإقليم، حيث المحاور وسياستها، حساباتها في الدعاية ضد انضمام الأردن للحلف، والتحريض الإعلامي على الخروج إلى الشوارع رفضاً للحلف وتحت عناوين فضفاضة، إذ عارضته مصر وسوريا نتيجة تأثير سياسة عبدالناصر، وعارضت السعودية انضمام الأردن للحلف لأنه يضمن تقارباً قوياً بين المملكتين الأردنية والعراقية.

ومن بين عناوين تلك الفترة، ومحاولات إقناع الرأي المضاد لجدوى الحلف وانضمام الأردن إليه، التصريح الشهير للرئيس التركي جلال بايار في القدس، وقوله «إنه لا يستبعد أن تقف القوات التركية ذات يوم جنباً إلى جنب مع القوات الأردنية في الدفاع عن مدينة القدس».

وحاولت أمريكا دعم انضمام الأردن للحلف، إلا أنها اصطدمت أيضاً، بمعارضة إسرائيل للانضمام الأردني على أساس أن هذا الحلف سيؤدي إلى تقوية الأردن عسكرياً وسياسياً، إذ يقول وزير الخارجية الأميركي في أوائل تشرين الثاني عام 1955م، إن انضمام الأردن سيجعل من الصعب على حكومة بلاده أن تعاضد الحلف لأن ذلك ينطوي على تعقيدات من ناحية عقد معاهدة دفاعية مع الأردن وهي في حالة حرب مع إسرائيل.

أهمية هذه المرحلة التاريخية بأنها تظهر مساعي كثيرين ومحاولتهم الوقوف بوجه تطور الأردن وحصوله على مكاسب تنموية وعسكرية واقتصادية تعود بالنفع عليه وعلى شعبه، وهي تظهر كم عانى الأردن وملوكه في ظل سعيهم لتكريس وطن قويٍ وقادرٍ على صون رسالته ومبادئه.. فبعد كل هذه السنوات أثبت الأردن مقدرته على تجاوز الصعوب، والخروج منها أقوى.

دام الأردن الهاشمي عزيزاً...