النسخة الكاملة

البشرية تخوض حروبها على حساب أبعادها الإنسانية «2»

الخميس-2021-04-19 10:24 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - د. كميل موسى فرام
سقطت الأقنعة، فاختبرت الشعوب بالمنطقة تمهيدا لإعادة رسم الخريطة بموازين استعمارية متجددة بعد الثورة التكنولوجية والصناعية، ودخول مصطلح "الليزر" كأساس لرصف طريق البناء، فمعيار ومقياس الرسم البياني للخريطة الجديدة، فُصِل بأيدٍ استخبارتية، فكانت الولادة الفجائية لعدد متناحر من الجماعات الإرهابية المسلحة والمدربة بأعداد تنظيمية يصعب قبول فكرة حملها وولادتها بشهور أو أسابيع، وفي جزئية مهمة منها بستار ديني وعرقي، بوعود السلطة والسيطرة والجاهة، والتي تكفلت بتدمير البنية التحتية للدول وتوجيه خيرات الدول المستهدفة لإعادة الإعمار بطريقتها، وربما تكفل بعض دول المنطقة بدول الحارس والشرطي قد أوهمها بإعادة أمجادها، فكانت البيئة الحاضنة للتجميع والتدريب والتوزيع والحماية لهذه الجماعات، وقد تسببت الحروب بموجات متعددة من النزوح والهجرات، فأصبحت أداة ضغط على الدول الغربية لدفع الثمن بلجمها أو تركها تبحر بالزوارق وتقتحم الحدود، فضابط الإرتباط الذي يحكم الشراع يلزم الجميع بأوامره، وتحت فاصل العقوبات والحرمان تطبيقا لمبدا الصراع من أجل البقاء، فالتاريخ يكتب بلغة المنتصر والمسيطر، والبقاء للأقوى والمطيع، إضافة لترجمة بروفات بأشكال متجددة، فدول التحكم تغري وتعطي مساحة وهمية لترهيب الشهوب بوساطة دول متعطشة، تعيش على نهاية أمجاد غيرتها الظروف والمصالح، مناورة تنطلي بسبب هامش وسطحية التفكير المسيطر على أحلام قادتها وأهدافهم، وهم في الحقيقة تحت بؤرة صاروخ الاستعمار المدمر، ليشكل ذلك عربونا لإعادة التقسيم والتوزيع، لتصبح الدول البعيدة عن حدودهم ميدان صراعات وتواجد، وحروب يمكن تصدير المرتزقة من المقاتلين المسلحين لخوضها.

الحقيقة المؤسفة والمتجددة أن الاتفاقيات الموقعة بين أصحاب القرار، تناقش بعيدا عن أرضهم، وأصبحت نظرية المؤامرة مفتاحا سحريا للتحليل، فنتغنى بأمجاد تاريخية مزيفة، ولنا الحق أن نشكك ببعض فصولها، فما نشاهده من توافق واتفاق بين قادة الدول الكبرى أو ما يسمى بالقوى العظمى، لإدارة ملف العالم وإعادة صياغته وبرمجته، بما يخدم أهدافهم، فبدى الاجتهاد بتفسير بعض الحروف والعبارات بخلافات تمنحنا مادة دسمة للتغني فيها، ولكننا متفقون بأنهم لن يغامروا بحروب عسكرية تقليدية مدمرة لامتلاكهم ترسانة من الأسلحة الذرية والكيماوية والبيولوجية، فهم يصنعون البيئة لاقتتال الشعوب، ويسخرون أسلحتهم التقليدية الفتاكة بأجيالها لاستخدامها عبر وكلائهم وعلى حساب الوكيل طبعاً، ولكنهم لا يمانعون من استخدام الأجيال الجديدة من أسلحة الدمار الشامل بمساحات أرضية محددة، وحروب طاحنة تدار بالوكالة في أوطان التشرذم والضعف والإنقسام، فيلبون للنجدة، ويحضرون لبسط السلام بشروطهم، فتبنى قواعدهم العسكرية، وتستعمر البلدان بثوب جديد ومسميات متعددة تقاس على قالب يفصل لغويا ليناسب الشعوب، والهدف المخفي، التهام الخيرات وتجفيف الإقتصاد، بالرغم من العبث والفشل لمحاولات بدول في مناطق أخرى، فسميت بالمتمردة تحت سيف التهديد بظاهره، ومكافاة الشر بحقيقته.

تعددت مجالات الحروب والصراعات والصدامات العالمية الشرسة خلال العقدين الماضيين، وفشلت مؤشرات الحروب التقليدية لارتفاع فاتورة الإنفاق والثمن بالرغم من وحدة الأهداف، لتوفر الوسائل البديلة التي تحقق ذات الغاية ولذات الأسباب، فهناك خوف من صدام مدمر للسيطرة على مصادر المياة الصالحة للري والشرب والزراعة، بسبب اتساع رقعة الجفاف وظهور بوادر تهديد للأمن الغذائي العالمي، ومعطيات المعادلة قائمة؛ زيادة مضطردة بعدد السكان، زيادة مضطردة بنسبة البطالة والعجز، ارتفاع معدل العمر، التقدم التكنولوجي ومحاصرة الوظائف بالبدائل التكنولوجية، السيطرة على مصادر الطاقة والكنوز الأرضية مسلسل مستمر الحلقات بحلقات الإثارة حتى نبقي نشاهد المزيد من حلقات التشويق، دون رؤية لحلقة نهائية، فالمخرج والأبطال يتوارثون، والكومبارس يعتقدون بتحويل الوهم، في حيرة بين البطل والضحية. كل ذلك ممزوج بعدم العدالة بالقضايا الخلافية التي تستقطب المحاور البشرية، تمهيدا لتجديد شتلات الخلاف بين الأخوة، لتجدد شعاراتها بهدف ترسيخ مبدأ التبعية والحماية، وإلا بماذا نفسر سباق التسلح المحموم والتحالفات الجديدة بين الأقطاب؟ سؤال ليس بريئا برسم الإجابة لتخدير مُدْخلات التفكير، وللحديث بقية.