جفرا نيوز -
جفرا نيوز/ د. محمد ابوعمارة
قبل أكثر من عشر سنوات زارني أحدهم و حاول إقناعي و بشدة للحصول على شهادة فخرية من جامعة أكسفورد ، و أن هذه الشهادة ستمثل منعطفًا كبيرًا في حياتي ، و أن لها فوائد جمة ، و عندما سألته عن التكاليف قال لي وقتها لا شيء سوى مصاريف حفل التكريم و رسوم الشهادات التي تعادل (3500) دينار أردني ، رفضت وقتها لسببين ، أولهما : المبلغ و ثانيهما : عدم قناعتي بالفكرة ، و بعد هذا الشخص تكررت هذه العملية معي أكثر من خمس مرات ، وفي كل مرة من جامعة عالمية جديدة و شخص جديد ، إلا أن المبلغ كان يتناقص شيئا فشيئا حتى وصل إلى (150) دينارا !!!
و العجيب بالموضوع أن نفس هؤلاء الذين كانوا يعرضون علي هذه الشهادات كانوا يرددون أسماء من حصلوا عليها ، من الأسماء الصادمة و المعروفة جدا و التي لو استعرضت بعضا منها الان لربما تحولت إلى محكمة بسبب قضايا قد تصنف ضمن التشهير ...
و أثناء عروض شهادة الدكتوراة تعرضت لعروض من نوع اخر و هي سفير النوايا الحسنة ، ففي ذات يوم مشرق ، زارني أحدهم ممن يشعرك بأنه غامض ومهم و أنه - ماسك عليك ممسك - و أخبرني بأنه قد اختارني من أمة
-لا إله إلا الله - لوحدي و أراد أن يختصني بمنحة لا تعطى إلا لواحد بين كل مليون شخص ، و هي أن أصبح سفيرًا، و كاد أن يغشى علي من الفرحة وقتها ، فبحمد الله سأصبح مثل- أبناء الذوات – سفيرًا أجوب العالم و أتنقل من دولة لأخرى .. و لكنه لم يلبث أن وضح لي الصورة و هي بأنني سأصبح سفيرا للنوايا الحسنة ، لم أفهم وقتها لأن الموضوع كان جديدا .. و أسهب بالتوضيح لنصل في الختام إلى أن تكلفة الطوابع و الشحن خمسة الاف دينار فقط، و هو ثمن بخس بالنسبة لما سأجنيه من امتيازات ، فلو مثلًا أوقفني شرطي سير و طلب الرخص و عرف أنني سفير فسيضرب لي سلامًا!!!!
و لو أردت الدخول لأي دائرة حكومية فسيكون لي كل الاحترام و التبجيل .. و طبعا اعتذرت منه
و تكرر معي الموقف أكثر من عشرة مرات و المبلغ أيضا أخذ في النزول .. إلى أن وصل إلى بضعة دنانير!!!
عبارة أو مسمى دكتوراه فخرية لا تمنح صاحبها وضع حرف (د) قبل اسمه ، لأن الدكتوراه الفخرية تمنح لشخص قام بعمل مميز أو دعم مالي ، و استحق لأجله التكريم من إحدى الجهات الأكاديمية ، التي تستطيع أن تمنح مثل هذه الشهادات و هي تختص بالجامعات التي لها باع طويل في العمل الأكاديمي ،بالإضافة أن من حق الجامعة المانحة سحب الدكتوراة الفخرية إذا ما قام المكرم بعمل شيء يسيء للشهادة أو البشرية.
أما سفراء النوايا الحسنة فهي أيضا ألقاب تشريفية بدأت بمنحها الأمم المتحدة للمشاهير في كافة القطاعات الذين يقومون بدعم مختلف القضايا الانسانية أو الاقتصادية أو الصحية أو الغذائية ...
والهدف منها هو استغلال شهرة هؤلاء المشاهير لنشر الوعي و الدعم في قضايا معينة ..
أما أن تقوم جهات مجهولة ، أو مراكز ثقافية أو أدبية بمنح هذه الألقاب ، فهي جهات غير مخولة بالأصل لمنحها ، و إنما تنطوي تحت عبارة (النصب) أو (البيزنيس) و كثرة انتشار حملة الدكتوراة الفخرية و الذين يتبجحون بوضع كلمة دكتور قبل اسمهم ، و سفراء النوايا الحسنة من المغمورين و الذين يتبجحون أيضا بسرد ذلك و المغامرة فيه !! زاد عن حده في الأردن ..
و لا أدري إن كان قد سن قانون لمتابعة هؤلاء و محاسبتهم لأن ما يمارس من أعمال قد يصنف تحت عنوان النصب و الاحتيال ..
أعتقد أنه قد آن الأوان لوضع حد لكل هؤلاء حتى يتبين الغث من السمين.. فمن الظلم أن يحمل من درس سنوات طوال و سهر الليالي ، نفس اللقب الذي اشتراه أحدهم بدراهم بخسة !!!