جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - د. عامر بني عامر
الأحداث الأخيرة، التي مرت بها بلدنا، أثبتت أن حزب «الكنبة» أو ما يسمى الأغلبية الصامتة ويمكن ان نسميهم ايضاً الأغلبية غير الفاعلة، للأسف؛ ما زالوا هم الأكثرية في المجتمع الأردني، ولم تسجل موقفا ولم تتحرك هذه الأغلبية في القضايا الوطنية المفصلية والهامة ومنها الاحداث الأخيرة والانتخابات البرلمانية. وسلكت هذه الفئة الصمت والحيادية وأحياناً السلبية المقلقة جداً، ما يشكل جرس إنذار لمؤسسات الدولة جميعاً، في حال بقيت هذه الفئة تمارس صمتها.
وهذا يدعونا أن نكون قلقون على مستقبلنا، لأن من يتحكم بتوجيه الرأي العام مهما كانت آراءهم لا يشكلون الاغلبية وقد لا يمثلونها وهذا يعدّ مصدر قلق وخطر خصوصاً وأن هذه الأغلبية غير الفاعلة ربما تحسب على من يقود الرأي العام في هذه الأيام أو في الطرف الآخر، وفي كلتا الحالتين تشكل هذه الأغلبية سلوكا سيكولوجيا جماهيريا خطرا يجب العمل على إعادة تموضعه واستثارته وإدماجه في الحياة العامة وتحريره من أية قيود سواءً تلك المرتبطة بحرية الرأي أو تلك المرتبط بالوظيفة أو ديمومة الاعمال وغيرها من القيود والتحديات.
والدليل؛ ما جرى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث وصلت نسبة «الصامتون «نحو 70 % ممن يحق لهم التصويت وبناءً عليه يمكن القول أن الأغلبية الصامتة وصلت إلى ما يزيد عن 60 % من الأردنيين إذا ما افترضنا أن 10 % ممن لم يذهبوا إلى الانتخابات اتخذوا موقفهم بناءً على مواقف سياسية وهؤلاء قد لا يعتبرون ضمن الأغلبية الصامتة، وهنا يتبادر لدينا سؤالاً حول إدراك هؤلاء الصامتون خطورة صمتهم على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وهل يدرك هؤلاء كيف يتحكم بمصيرهم شخوصاً قد لا يتفقون معهم ولا مع أدائهم؟! و بقاء هذه الفئة في صدارة المشهد منوطاً بصمت هذه الاغلبية وامتناعهم عن أي نوع من المشاركة وهل يعلمون بأن الفرصة قد تضيع وقد لا يأتي وقتاً يستطيعون المشاركة فيه؟!، وعلى الصعيد الآخر هل ستقرع مؤسسات الدولة جهاز الإنذار للتعامل مع صمت هذه الفئة وبجدية نحو انفتاح واصلاح شامل على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟
أما الظاهرة التي يمكن بحثها بشكل متعمق ومتلازم لصمت هذه الأغلبية من الشعب الأردني ما نتج عن صمت لبعض القيادات السياسية والتي قد تكون قريبة في آرائها وطرحها لتلك الأغلبية الصامتة وانقطاع تلك القيادات عن المشاركة في كثير من مفاصل الحياة العامة وعلى رأسها الانتخابات وهذا أدى إلى إفرازات مجتمعية وسياسية واقتصادية تكون ممثلة للأقلية وآراءها ومصالحها وليس كما جرت العادة والعرف في معظم الدول بأن من يتصدر المشهد هم ممثلي الاغلبية على الأقلْ السياسية منها وهذا بدوره سينعكس على الوضع الاجتماعي والاقتصادي وبهذا أصبحت الدولة عاجزة في بعض المواقف عن توفير البدائل القيادية وتوفير القيادات ذات المصداقية الشعبية لتبني وجهة نظرها حيث يذهب الكثير من المواطنين إلى عدم تصديق وجهة النظر الرسمية في محطات متعددة بسبب من يتبنون هذه الوجهة ويدافعون عنها ويتصدرون الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأننا نفترض تعميماً شاملاً على كل القيادات التي تتصدر المشهد فعددا منهم لدية منطق وقبول وينقل وجهة النظر الرسمية وغير الرسمية او المعارضة لها بحرفية ومهنية عالية مما يجعل الشخص والفكرة مقبولين عند البعض.
وفي الاستنتاج والنصيحة يمكننا القول بأن الدولة الأردنية بكافة مؤسساتها ستعاني وستواجه تحديات جمّة في المستقبل القريب إذا ما بقيت هذه الأغلبية ممتنعة عن التفاعل والمشاركة مع الحياة العامة بكافة أشكالها وخاصة السياسية منها وقد يذهب بعض هذه الأكثرية باتجاهات قد لا ترغب بها مؤسسات الدولة لأنها بدأت رحلة البحث عمن يستقطبها؛ وللأسف حتى اللحظة يبدو أن مؤسسات الدولة المختلفة لا تملك خطة لا لتفعيل هذه الأكثرية أو لتذليل العقبات والتحديات التي تواجه مشاركتهم، وفي الأيام القادمة سيمر الاردن بمحطات ومواقف أكثر صعوبة وسنحتاج أصوات هذه الأكثرية لنضمن استقراراً مرضياً.