جفرا نيوز -
جفرا نيوز - محمد خروب
رغم القراءات المُتباينة وردود الأفعال المُتناقضة التي سجّلتها دول إقليمية وخصوصاً دولية, إزاء التطوّر اللافت بل المُفاجئ والمتمثّل بالتوقيع على معاهدة «التعاون الإستراتيجي الشامل» بين طهران وبكين السبت الماضي, فإن المخاوف التي عبّرت عنها عواصم معيّنة, ناهيك عن تلك التي استبطنتها تصريحات مُتلعثمة أخرى, حفلت بها وندّدت بها الفضاءات الدبلوماسية الأميركية/الأوروبية, أضاءت من بين امور اخرى على حجم المفاجأة والشعور بالخسارة التي انتابت المعسكر الغربي, جراء «فقدانه» شبه النهائي لايران, إن بموقعها الجيواستراتيجي، ?م لجهة انهيار مُخطط إفشال المشروع الصيني الضخم المُختصَر بمصطلح «الحزام والطريق». خاصة ان المعاهدة الجديدة شملت قطاعات عديدة من بينها خصوصا النفط والاقتصاد والتجارة والاستثمار والدفاع والمناورات العسكرية, على نحو كرّسه مفهوم «الشمولية» في المدى الزمني الطويل نسبيا لهذه المعاهدة وهو.. ربع قرن.
وإذ ما تزال تتردد أصداء المعاهدة الجديدة التي استغرقت أربع سنوات لبلورتها, بعد طول مفاوضات وضغوط بل تشكيك ومُعارضة مُعلنة من معسكر المحافظين في ايران، حيث وظفوا تلك الانتقادات من أجل تعزيز فرصِهم في الانتخابات الرئاسية الايرانية حزيران الوشيك, (هم اقرب للفوز بالمقعد الرئاسي بعد هيمنتهم على البرلمان), فان ما عبّر عنه الرئيس الاميركي من قلق «قديم ازداد بعد التوقيع», إضافة الى ما تسرب عن قلق آخر محمول على غضب اوروبي, رشحَ ان بروكسل كانت عرضت على ايران «نموذجاً» قريبا مما عرضته الصين (بدون شق دفاعي وتدريبات عس?رية بالطبع)، يُؤشر إلى نجاح الصين في اغتنام الظروف الدولية والإقليمية المُتوتِرة الراهنة, للعب دور أكثر تأثيراً في قضايا العالم وبالأخص في منطقتنا دائمة الاشتعال, ونقصد الشرق الأوسط ببعديه... العربي والإقليمي.
انعكاس اثار المعاهدة على المعادلات والتحالفات الاقليمية الراهنة, وبخاصة العلاقات الايرانية/العربية قد تظهر قريبا اذا ما وعندما تتّضح خطوات ادارة بايدن في شأن الاتفاق النووي مع ايران, في ظل تسريبات لم تُؤكد ان قناة مفاوضات سرية فُتِحَتْ بين طهران وواشنطن, بمعرفة بيجين كونها جزء من مجموعة 5+1 المُوقِعة على اتفاق 4 /7/ 2015 الذي انسحب منه ترمب. ولم يُعرَف ما اذا كان الحوار «السرِّي» هذا يطال البرنامج الصاروخي الايراني ودور طهران الاقليمي؟ أم أن الأخيرة «نجحت» في تعطيل أو الغاء هذا المطلب الاميركي/الاوروبي/الا?رائيلي. خصوصا بعد التصريح اللافت عن مسؤول أميركي: أن «واشنطن لا تشترط إقدام إيران على الخطوة الاولى, لإعادة تفعيل الإتفاق.
لا مبالغة في القول: إن المعاهدة الإيرانية/الصينية قد شكّلت منعطفاً جدياً في مسار الاحداث في المنطقة, وسرَّعت في بروز تحالف طالما استبعده كثيرون لانهم نظروا إليه نظرة «رغائبية", لم تلحَظ أميركا أنهكتْ العالم بأنانيتها وخصوصاً ضغوطها لفرض «الاستثنائية الأميركية».. «قانوناً» على دول وشعوب المعمورة، ضاربة عرض الحائط بمصالح الدول الاخرى, وبازدراء فظ واستعلائي للقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان.
لن تفيد أحداً مواصلة اطلاق التصريحات العنترية في مواجهة استحقاق ماثل وجدي كهذه المعاهدة في توقيت وعلاقات دولية مُعقدة, بقدر الحاجة الى نظرة واقعية تلحظ موازين القوى الجديدة التي.. فرضتها.