جفرا نيوز - موسى العجارمة
* سوسن تفاحة: كثرة الأخطاء لا تعد ولا تحصى واللغة العربية آخر همهم
*عدنان الزعبي: أضع اللوم على الحكومات بما وصل إليه الإعلام اليوم
*جمان مجلي: لا أسجل عتباً
*إخلاص يخلف: من يجمع "اللايك والشير" أصبح إعلامياً !
*عالية إدريس: إدارات سابقة في التلفزيون الأردني كانت تصفي حساباتها مع الموظفين
ذكريات من العمر وتاريخ من الثقافة والفكر، تربينا وترعرعنا على مشاهدتهم في كافة الأحوال والأزمنة، لحظات من الفرح والحزن في آنٍ وأحدٍ، انتظرناهم لاستماع كافة الأخبار والأحداث المحلية بهيبة ووقار الشاشة الوطنية قبل السوشال ميديا والثورة الرقمية والصراعات التكنولوجية التي شهدناها، قدموا الفكر والكلمة والحرف بمنتهى المهنية دون زيادة أو نقصان، وعلى الرغم من مرور عقود عديدة إلا أن محبتهم الكبيرة ما تزال في قلوب المشاهدين.
سيدة الشاشة وقائدة النشرة الإخبارية، صاحبة الحضور الطاغي، وملكة الإحساس ونجمة الإبداع عندما كان أبناء السبعينيات والثمانينات يتسمرون على الشاشة لانتظار موجز الأخبار الخالي من التقنيات الذكية والسليم من الأخطاء اللغوية، إنها الجميلة قلباً وقالباً سوسن تفاحة التي فتحت قلبها في لقاء خاص مع "جفرا نيوز" عن أبرز التحديات التي تواجه الإعلام الأردني اليوم، معبرة عن شعورها الكبير بمحبة الجمهور لها بعد رحلة طويلة في عالم الإعلام.
وإن محبة الناس بحسب تفاحة بمثابة شرف ووسام تضعه على صدرها، لأن هذا يعد إنجازًا لكل إعلامي ينبغي عليه أن يترك الأثر الطيب في قلب المشاهد، ومن يصعب عليه تحقيق ذلك فهو إعلامي غير ناجح، لافتة إلى أن سعادتها لا توصف عقب ما نالته من احترام كبير من المشاهد الأردني بعد سنوات من الغياب عن الشاشة.
وحول النصيحة التي توجهها لطلبة الإعلام على مقاعد الدراسة، تقدم تفاحة توصياتها للإعلاميين الجدد بأن يبتعدوا عن ثقافة التقليد؛ لكون هذا أمر غير إيجابي ويرتب سلبيات كبيرة على طبيعة عمل الصحفي أو الإعلامي بشكل عام، موضحة أنه في غاية الجمال أن يكون للفرد قدوة معينة شريطة وجود شخصية مستقلة لها طابع خاص بعيدة عن التقليد والإختزال، في ظل انتشار ظاهرة التقليد بين بعض المذيعين خلال الفترة الماضية.
* ما هي انطباعاتها وملاحظاتها على المشهد الإعلامي اليوم؟
"الفضاء الإعلامي في الأردن بات واسعاً، ومن كثرة الأخطاء التي نشهدها في الأخبار والبرامج أصبح ذلك بمثابة روتين اعتيادي، واللغة العربية أصبحت آخر أولوياتهم، ومن المؤلم أن ينتهي المطاف وتنحدر لغتنا الجميلة لهذا المستوى، وأدعوا كل شخص لا يستطيع إتقان اللغة أن يتنحى على الفور، لأن على أيامها كان خطأ اللغة العربية على الشاشة بمثابة كارثة كبيرة ".
وتقول تفاحة في نهاية حديثها لـ"جفرا نيوز" بأنها غير عاتبة على الجهات المعنية، لطالما قدمت عملها على أكمل وجه، ولا تنتظر التقدير من أحد في ظل إصرارها على إتقان عملها على قدر عالٍ من المسؤولية.
*الزعبي: إهمال كبير نهش أروقة الإعلام الأردني
سنوات طويلة قدم نفسه على شاشة دون كلل أو ملل رسخ اسمه بين الأردنيين بمادة إعلامية مرموقة جعلت منه نموذجاً حقيقياً يشهد به القاضي والداني، إنه الإعلامي القدير عدنان الزعبي الذي يؤكد لـ"جفرا نيوز" إن هناك ظلماً كبيراً يحيط بالإعلام الرسمي الذي يعتبر موروثاً شعبياً قبل أن يكون ناطقاً رسمياً باسم الدولة، وخاصة أن هناك ضعفاً كبيراً بدوره؛ إثر الإهمال الذي تعرضه له من قبل المسؤولين.
ويروي الزعبي تجربته أثناء العمل الإعلامي عندما خضع في بداياته لدورة تدريبية لمدة ستة أشهر في الميدان، إضافة لمساق تدريبي نظري في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لمدة ثلاثة أشهر على يد كبار الخبراء، عندما كانوا يقدمون تجارب مختلفة ويتم تقييمها لاحقاً من أجل تلاشي الأخطاء في البدايات، مبيناً أن القنوات التلفزيونية اليوم لا تأهل الشباب الجدد من أجل الوقوف أمام الكاميرا، والخروج بصورة مريحة للمشاهد.
"والإعلام يتبنى دائماً مشاريع وطنية، وهناك إهمال غير عادي في المؤسسات الإعلامية، وأنا أضع اللوم على الحكومات المتعاقبة، لكونها أهملت الأمر بطريقة غير عادية، في ظل وجود وزراء غير مؤهلين يتولون مهمات غير قادرين على إنجازها بالشكل المطلوب، إضافة لذلك بأن بعض المدراء يعتقدون بأن التغيير يكمن بهدم ما قدمه المدراء السابقين دون علمهم وإدراكهم بأهمية الأشخاص وطبيعة أعمالهم في المؤسسات المختلفة". بحسب الزعبي.
ويتمنى الإعلامي القدير عدنان الزعبي في نهاية لقائه مع "جفرا نيوز"، بأن تعيير الحكومة الاهتمام بالإعلام الأردني؛ لكونه سلاحًا خطيراً يتوجب استخدامه بالشكل الصحيح والمطلوب، تجنباً لوقوع أضرار لا تحمد عقباها، كاشفاً أن هناك بعض من القنوات والإذاعات تعمل وفق منهجية جيدة بعكس بعض مؤسسات أساءة للإعلام المحلي، مشدداَ على ضرورة منح خريجي الإعلام الجدد فرصة العمل في المؤسسات الإعلامية، لأن لهم الأحقية الكبيرة بالإنخراط بالمجال الإعلامي، وخاصة أن المرحلة الحالية تتطلب ضخ دماء شابة جديدة، بالإشارة إلى أهمية تدريبهم وتأهيلهم على أيدٍ كبار من المؤهلين والمختصين.
*مجلي: نشعر بالتقصير دائماً
الرقيقة والراقية وأول إعلامية تولت تقديم البرنامج الصباحي الأول يسعد صباحك، كانت ثقافتها وأخلاقها العالية سباقة لتشكل ماركة إعلامية مسجلة يقتدي بها القاصي والداني، أدواتها الصحفية كانت رهيناً لتكون المذيعة المحبوبة للمشاهد الأردني في مختلف أنحاء المملكة، إنها القديرة جمان مجلي التي أبدت رأيها خلال لقائها مع "جفرا نيوز" بالمستوى الذي وصل إليه الإعلام الأردني دون أية مجاملات، لكون رسالتها حتمت عليها أن تبدي ملاحظاتها بكل أمانة ومهنية.
الإعلامية جمان مجلي تؤكد أن الإعلامي مهما قدم من جهود كبيرة إلا أن ينتابه دائماَ شعور التقصير وينبغي عليه أن يقدم المزيد من الجهود، معبرة عن سعادتها كبيرة بما لمسته من محبة المشاهدين إليها بعد حرصها الشديد على تقديم برامج تتماشى مع نبض الشارع، لطالما الإعلامي مسؤول وينبغي عليه أن يبحث عن المشاكل بنفسه ويسلط الضوء عليها بشكل مستمر، وخاصة أن الإعلام دائرة لا تنتهي، ونحن مستمرون ودورنا لا يتوقف وعلينا تقديم الخدمات بكافة الوسائل والطرق.
وحول رأيها ببرنامج يسعد صباحك بنسخته الجديدة، تقول إن هذا البرنامج حمل وهجاً ودوراً كبيراً في مختلف القضايا التي طرحها بشكل منوع لكافة سكان المملكة، على الرغم من أن الامكانيات التي كانت مرصودة بتلك الفترة ليست كما كانت سابقاً، مشيرة إلى أن هذا البرنامج تغير كحال الإعلام الأردني الذي بات اليوم مختلفاً، والتأثير والدور والأدوات لم تكن كما كانت، مما أصبح هناك منافسة كبيرة بين القنوات والبرامج، بالإشارة للجهود المحترمة التي تقدمها أسرة البرنامج اليوم، متمنية دوام الاستمرارية والتوفيق والنجاح.
وبما يخص الإعلام المحلي خلال هذه الفترة، تقول إن دوره قد تغير ويجب أن نجدد أدواته المتعلقة بالطرح وهناك جهود تقدم بالتزامن مع وجود دخلاء على المهنة، مع ضرورة إيجاد تعريف دقيق لمفهوم الإعلامي الذي لا يرتبط فقط بالشخص الذي درس الإعلام في الجامعات، لطالما هنالك معطيات هامة يتوجب توفرها بالإعلامي، وفي النهاية الساحة هي من تغربل والبقاء للأفضل بالتأكيد
ولم تسجل مجلي عتباً على الجهات المعنية إلا أنها تشدد على ضرورة تقديم الرعاية الكاملة لهذه المهنة في ظل سعيهم ومحاولتهم بتأسيس نقابة للإعلاميين لتكون مظلة حاضنة لهذه الفئة.
*فترة الثمانينات والتسعينات
وللجيل الإعلامي الثاني حقاً على المشاهد إثر ما حققوه من جهود كبيرة خلال برامج إعلامية مهنية تركت الأثر الطيب بقلب المشاهد الأردني في حقبتي الثمانينات والتسعينات، وشكلوا رونق حقيقي لا مثيل عنه، وكانوا مرحلة المخاض الحقيقي في ظل التطورات التكنولوجية التي شهدتها الثورة الرقمية في أواخر القرن الماضي.
جميلة الثمانينات والتسعينات ونجمة الشاشة التي قدمت العديد من البرامج التلفزيونية المميزة التي تركت الأثر والتأثير ورسمت الرسالة الثقافية المميزة وكانت أمينة على لغة الضاد لتلقب بحفيدة ناصر الدين الأسد، وكانت الإخلاص الحقيقي لمهنة الإعلام قبيل الثورة الرقمية التي شهدناها وعلى إثرها أفرزت العديد من الدخلاء.
الإعلامية القديرة د. إخلاص يخلف تعلق على محبة الناس الذين يرددون اسمها لغاية هذا اليوم في ظل غيابها عن الشاشة طوال السنوات الماضية، مؤكدة "أن ثمار المحبه لا تُثمن ومواسمها لا تتقيد بالفصول ولا تأتي عبثاً بل نتاجاً لعمل دؤوب أمتد لسنين طوال شَرُفت بأن أكون الأخت والأبنة والصديقة المتحسسة والناقلة لقضاياهم وأحلامهم واوجاعهم وطموحاتهم بادلتهم سنين العمر عملاً وعطاءً ووفاءً لهم فبادلوني بالمثل حباً كبيراً وذلك من أثمن ما مَن الله به عليْ".
*دخلاء المهنة وتداعياتهم على الإعلام
وتقول يخلف لـ"جفرا نيوز" إن أوجاع الوسط الإعلامي تفاقمت وتضاعفت فخرجت من مرحلة هموم المهنة ومعطياتها لتعيدنا إلى المربع الأول لتحديد هُوية ومصطلح من هو الإعلامي؟، لافتة إلى أن الإجابة على هذا السؤال تكمن بأمرين فالأول هل كل شخص يمتلك هاتفاً ذكياً وحساباً على منصات التواصل الاجتماعي (إعلامي)، والثاني هل أصبح عدد (اللايك والشير وأرقام المتابعين للصفحة) معيار للحصول على صفة (إعلامي ) رغم ضحالة الفكر والحوار والمفرده والماده المقدمه تؤهله لقيادة الرأي العام . وفق مسميات ناشط انفلونسر بلوجر مع احترامي لشخوصهم.
وتتابع: وأنا هنا اتحدث بأوجاع مهنه ولست ضد أحد ولا أعمم، والأعجب من هذا كله أن تتهافت عليهم المحطات ووسائل الإعلام وبعض المؤسسات الرسمية للدولة لترويج برامجها وزيادة عدد متابعيها من خلالهم وكأننا في سوق للبضائع وليس في محطات إعلامية، وجب عليها أن تحترم رسالتها التنويريه التثقيفيه. كل ذلك أدى إلى تشويه خطابنا السياسي والثقافي وحتى الاجتماعي فغابت المرجعيات وانتشرت الشائعات واغتيال الشخصية والانفلات غير المسبوق في ظل غوغائية وفوضى ما يسمى بالسلطة الخامسة الجديدة، وتراجعت المهنة أمام التجريف الإعلامي، ولكننا لا زلنا نراهن على الإعلام والإعلامي المهني القابض على جمر الحقيقة وعلى نُبل رسالته الإعلامية ليبقى محافظاً على مصداقيته وإعتداله والانحياز دوماً للوطن والمواطن.
وحول أن كان التلفزيون الأردن قد أنصف إخلاص يخلف، توضح في هذا السياق:" إنها مؤسستي الأم وشاشتنا الوطنيه التي أجُل وأحترم وأُدين لها بأنها منحتني الفرصة لتقديم الوفاء للوطن عبر(97) برنامجاً و(20) سهرة مشتركة وأربعة تيلثونات وعشر افلام وثائقية طفت فيها أنحاء الوطن وخمسة جوائز عربية أولى من إتحاد إذاعات الدول العربيه وتكريم جامعة الدول العربيه بلقب المرأة النموذج وتكريم المغرب الشقيقة بلقب الإعلامية المثالية وغيرها الكثير أهديتها لتراب الوطن لننهض به وهذا واجبي وليس منّة ، قائلة: "اما هل انصفني أو منحني حقي فهذا سؤال أعود به لأصحاب صنع القرار في المنظومة الاعلاميه للإجابة عليه".
*لماذا تفضلين الابتعاد اليوم؟
تؤكد أن غيابها ليس ابتعادًا، إلا أنه جاء احتراماً للمشاهد المتلقي الذي آمن بالمنتج الإعلامي الذي قامت بتقديمه عبر سنوات طوال، كاشفة أن كافة العروض المطروحة عليها لا تتناسب معها، وما تؤمن به من مضامين لرسالتها الإعلامية التي يجب أن تكون ذات مستوى متقدم وملتزم يسهم في صياغة الفكر والخطاب السياسي والثقافي العربي؛ لمواجهة تحديات الغزو الثقافي والفكري الذي بات يسلخنا عن جلدتنا ويقتلعنا من جذورنا الحضارية عندما تجد مكاناً لتقديم مثل هذا الطرح ستكون حاضرة، موضحة أنها اليوم مكتفية ومستمتعة مع طلبتها في كلية القانون كعضو هيئة تدريس في الجامعة.
*أقرب البرامج على قلبها
"لا يمكن أن أُميز بين البطين الأيمن والأيسر للقلب كليهما نبضٌ يصنع الحياه، فجميع ما قدمت كان نتاجًا لعمل جماعي دؤوب من زملائي الأفاضل الذين شاركوني الجهد والمثابرة ليكون هذا الذي تحقق، ولكني أشعر بالفخر عندما تشاهد عيناي صرحنا الطبي الكبير مركز الحسين للسرطان مستذكرة ساعاتي التسعة عشر التي قضيتها على الهواء مباشرة دون توقف عبر تيلثون مركز الأمل لإستكمال البنية التحتية لهذا الصرح ، وكذلك يوم التليثون للبترا لتتويجها من عجائب الدنيا السبع حيث كنا كشعب أردني كعادتنا على قدر التحدي واهلٌ للعزم".
وتوجه الإعلامية إخلاص يخلف في نهاية لقائها مع "جفرا نيوز" نصيحة لخريجي الإعلام الجدد، قائلة: أبحثوا عن ذاتكم في رحم الوطن ولا تلهثوا وراء وصفات أعجمية، ووسائل ليست إعلامية اكثر عجُمة أمنوا برسالتكم الإعلامية السامية التي تحمل معنى الوطن، لتستطيعوا ان تترجموها فكراً وألقاً وثقافةً وصفحةً مضيئة للعالم ولكم.
*عالية إدريس تروي لـ"جفرا نيوز" ذكرياتها مع العمل الإعلامي
بحسها المرهف وشجن صوتها ورقي تعاملها وثقافتها الكبيرة قدمت نفسها إلى المشاهد دون تكلف، عملت بكامل وسعها على تقديم الرسالة الإعلامية المرموقة في إبان فترة التسعينيات عبر نشرات الأخبار والبرامج المنوعة، لم تكتفِ هنا بل استمرت رحلة عطائها في الجامعات لتشارك خبرتها مع طلبة الإعلام.
الإعلامية د. عالية إدريس تعتقد أن محبة الجمهور تعد الرصيد الحقيقي لأي إعلامي، لكون هذه الثقة حصلت نتيجة المحبة المتبادلة والاهتمام بالاحتياجات الحقيقية للجمهور، منوهة أن الزيارات الميدانية أكسبتها الكثير من المهارات في التعامل والتحاور مع الجمهور خاصة في بداياتها مع برنامج يسعد صباحك والذي كانت تقوم بإخراجه الراحلة فيكتوريا عميش، عندما كانت ترافق زميلتها نوف التميمي لزيارة العديد من القرى والبوادي الأردنية والمناطق المهمشة والتي تعرفت من خلالها على هموم وتطلعات واحتياجات الجمهور الذي يرغب في التعامل مع من يعامله بتواضع ويصغي له باهتمام .
وتضيف إدريس أثناء لقائها مع "جفرا نيوز" أن سعادتها لا توصف عندما يذكرها المشاهد بحلقة قامت بتسجيلها خلال فترة طفولته أو شبابه وتركت لديه انطباعًا جميلاً أو فتحت عيونه على حقائق ومعلومات لم يكن يعرفها من قبل .
*الفوضى الإعلامية
تبين أن السبب الرئيس في انتشار الفوضى الإعلامية يتمثل بغياب الدور المهني والأخلاقي لحراس البوابات الإعلامية الذين تنطوي واجباتهم نحو الجمهور باختيار أفضل الإعلاميين وأفضل المضامين، مبينة أن هذا الدور لم يعد موجوداً وأصبح المعلن هو من يفرض المضامين الهابطة والسطحية التي تجذب أكبر عدد من الجمهور غير الواعي لاحتياجاته الحقيقية، إضافة لدخول عدد كبير من الدخلاء على مهنة الاعلام، والذين يفتقرون لأدنى درجات الثقافة او المهنية وغير مراعين للعادات والتقاليد، وأحياناً يقدمون مضامينهم الهابطة بغرور وتعالي وتنمر على بعض فئات المجتمع.
وتضع إدريس لومها على بعض المتلقين لعدم وعيهم ولسوء اختيارهم لقنوات وبرامج تهدر وقتهم دون أي فائدة تذكر، مشيرة إلى أن هناك دراسات أجريت مؤخراً في جامعة المسيلة الجزائرية بعنوان النقد الإذاعي والتلفزيوني، والتي أجراها الأستاذ يوسفي الذي بين من خلال دراسته أهمية التربية الاعلامية في توعية الجمهور بكيفية نقد واختيار المضامين الإذاعية والتلفزيونية، مؤكداً أن هناك بعض الآثار السلبية المترتبة على الجمهور نتيجة سوء اختيارهم وهي: خلخلة فكر المجتمعات وتفسيخ نسيجها وإقدام المتلقين على السلوكيات الاستهلاكية الضارة ، وتقليل قدرة الشباب على استغلال طاقاتهم العقلية وتنمية مهاراتهم بما يحقق لهم التنمية المستدامة وغيرها الكثير من الانعكاسات السلبية .
*مسيرتي في التلفزيون الأردني كانت متذبذبة بين الدعم والإقصاء
"مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني قدمت لي الكثير من الخبرات والفرص لخدمة قضايا الجمهور، وتذبذبت مسيرتي بين الدعم أحياناً والإقصاء احياناً أخرى ويرجع ذلك للإدارات المتعاقبة حيث كانت بعض الإدارات تدعم الكفاءات والبعض الآخر وكأنه اتى لتصفية الحسابات الشخصية بعيداً عن المهنية والانتماء الوطني والمصلحة العامة، وأدين للكثير من الزملاء والزميلات لدعمهم وتدريبهم لي خلال مسيرتي التلفزيونية .
وتضيف إنها تفضل حالياً العمل الأكاديمي، لإعداد جيل إعلامي يؤمن بقدراته وينتمي لمجتمعة واحتياجات جمهوره وذلك بتعزيز ثقافته وأدواته المهنية، مؤكدة أنها في حال عادت إلى الشاشة مرة أخرى لن تكون العودة إلا من خلال فريق إعلامي مهني واعي ومقدر ضمن مؤسسة إعلامية تحترم الكفاءات وبأفكار جديدة تخدم الجمهور وقضايا الساعة .
*البرامج الأقرب على قلبها
تجيب إدريس بذات السياق الذي أجابت عليه يخلف، لكونها تعتز بجميع البرامج التي قدمتها لأنها لاقت استحساناً كبيراً من قبل الجمهور، منتقدة نفسها في برنامجين فقط لأنها لم تكن مقتنعة بفكرتهما، اما باقي البرامج التي تجاوز عددها الثلاثين أبدت سعادتها بما قدمته خلال تلك الأعمال.
وتطالب في نهاية اللقاء من خريجي الإعلام بعدم الإنسياق وراء البرامج السهلة الخالية من المضمون والتي سرعان ما تستهلك وتنسى، وإن يركزوا على الاحتياجات الحقيقية للجمهور ومعالجتها بطرق حديثة ومرنه وواعية ومتناسبة مع جمهورهم المستهدف وتعزيز ثقافتهم وتوسيع اطلاعهم على التجارب الناجحة وعرض جميع الآراء بمصداقية وبدون تحيز.
وفي الختام، هنالك تساؤلات عديدة يتركونها إعلاميو الزمن الجميل أمام الجهات المعنية، إثر ما تعرض إليه المشهد الإعلامي اليوم من دخلاء باتوا يغزون المهنة دون حسيب أو رقيب مع تحفظات غير مسبوقة من الرعيل الأول الذين باتوا اليوم يفضلون الغياب دون الانخراط في هذا العالم الذي وصفوه بالافتراضي، لطالما ناشطي السوشال ميديا أصبحوا يعاملون على أنهم أساتذة يملكون باع طويل في الميدان.