جفرا نيوز - بعد ان شهدت المملكة أخيرا تصاعداً مقلقاً في أعداد الإصابات والوفيات جراء الانتشار السريع لفيروس «كورونا» المستجد، مما قد يؤدي لتهديد حقيقي للمنظومة الصحية، كان لا بد من اتخاذ اجراءات سريعة ربما تكون صعبة لكنها ضرورية، وفي حين اتفق خبراء واطباء متخصصون تحدثوا إلى الرأي على ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة كالحظر لمدة اسبوع على اقل تقدير، لحماية الصحة العامة وعودة السيطرة على الوضع الوبائي، إثر انتشار الفيروس المتحور بشكل كبير، واستهلاك قرابة نصف القدرة الاستيعابية للمستشفيات، ما يهدد المنظومة الصحية ويدق ناقوس الخطر، مؤكدين ان قرار الحظر صعب لكنه ضروري في الوضع الوبائي الحالي، وسيكون اصعب في حال استمراره بهذا الشكل الخطير والمقلق، وكانت مصادر باللجنة الوطنية للأوبئة رجحت لـ $ امس، ان «تبحث الحكومة اليوم توصيات عاجلة من اللجنة تضمنت ضرورة فرض حظر شامل لمدة اسبوعين بالسرعة الممكنة، نظراً لتفاقم الوضع الوبائي».
وقالت المصادر: ان التوصيات الصادرة عن اللجنة تضمنت السماح للمواطنين والمقيمين على ارض المملكة بالسير على الأقدام يوميا، من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء، مع ضرورة إغلاق المدارس والأندية والصالات.
وتوقعت المصادر «تنفيذ التوصيات اعتبارا من نهاية الأسبوع الجاري، وان اعلان القرار سيكون بيد مجلس الوزراء اليوم.
عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ولقاحات «كورونا» واستشاري العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي قال: انه في ظل ارتفاع اعداد الاصابات والوفيات، وارتفاع النسب الايجابية للفحوصات، والأخطر ارتفاع نسب الاشغال بالمستشفيات، حيث تقترب من الوصول لنسبة 100 % في المستشفيات الخاصة، وقرابة نصف القدرة الاستيعابية تم استهلاكها في المستشفيات الحكومية، كان لا بد من دق ناقوس الخطر والاتجاه نحو خيارات استراتيجية وبائية صعبة لكنها ضرورية وبشكل سريع.
واضاف انه «علمياً لا يجوز ان تصل نسبة القدرة الاستيعابية للمستشفيات الى 70 %، لكننا نتحدث عن وصول نسبة اشغال الاسرة الى 35% اي نصف القدرة، وايضا الاسرة في غرف العناية الحثيثة تقريباً استهلكت نصفها، كذلك استهلاك اجهزة التنفس الاصطناعي وصلت الى 25 % أي الربع، ناهيك عن اسرة الامراض الأخرى غير كورونا، ما يؤشر على ان هذه الارقام مقلقة للغاية، لأن الاهم في الوضع الصحي هو نسبة دخول الاشخاص للمستشفيات وغرف العناية الحثيثة، ما يجعلنا نعيد النظر بالاجراءات بسبب تفاقم الوضع الوبائي.
واكد بلعاوي ان افضل الخيارات الموجودة للسيطرة على الوضع الوبائي بالنسبة للعالم اجمع هو قرار الحظر الشامل من اسبوع لاسبوعين، الا انه على الرغم من كونه قرارا صعبا ومرهقا، الى انه ضروري حاليا، حيث حاولت الحكومة الموازنة بين الاقتصاد والصحة في الفترة الاخيرة وفتحت القطاعات واقتصر الحظر على يوم الجمعة، لكننا ما زلنا نشهد ارتفاعات خطيرة بالاصابات، مؤكدا ضرورة كسر حلقة انتشار الفيروس وتقليل الضغط على المنظومة الصحية عن طريق الحظر لمدة من اسبوع لاسبوعين.
كما انه بالتزامن مع الحظر، ستكون حملة التطعيم وفق بلعاوي مستمرة، لتطعيم اكبر قدر من المواطنين، لافتا الى ان تأخير وصول اللقاحات يرجع الى الشركات المصنعة، حيث توجد شركات تنصلت من العقود المبرمة، وهذا يحدث بالعالم وليس مع الاردن فقط، لأن الصراع على اللقاحات ما زال محتملا، وعلى الرغم من ذلك ستزيد وتيرة حملة التطعيم خلال الفترة القادمة.
وما ساعد على زيادة اعداد الاصابات والوفيات وتفاقم الوضع الوبائي في المملكة، بين بلعاوي ان ذلك بسبب انتشار الطفرات المتحورة للفيروس وبخاصة البريطانية التي تمتاز بسرعة انتشارها، والتراخي الواضح لدى بعض المواطنين بتطبيق اجراءات السلامة، وفتح القطاعات ذات الاختطاف العالي كالمدارس، مؤكدا ان الفتح السريع يساوي الاغلاق السريع.
ودعا الحكومة لأن تلتفت لعاملي المياومة، والشركات المتضررة جراء الحظر، والعمل على دعمها بشكل مباشر وغير مباشر، وتقديم التعويضات اللازمة.
ويأمل بلعاوي ان تكسر حلقة العدوى للفيروس بعد الحظر، بحيث تخفض اعداد الاصابات والوفيات، وتخفف الضغط على المنظومة الصحية، حتى نستطيع العودة للحظر الجزئي، مشيرا الى ان في الاردن وبسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة، فإن الحظر يكون بالتعامل مع الفيروس حسب الوضع الوبائي القائم، وبشكل تدريجي، اذ انه من المهم وجود اجراءات استباقية كإغلاق قطاعات ومطارات وغيرها، لكن لا نستطيع عمل ذلك بسبب الوضع الاقتصادي الهش.
واعتبر بلعاوي ان «فتح المدارس في الوضع الراهن امر غير صائب، ويجب اغلاقها لان الاطفال ناقلون صامتون للفيروس خصوصا في ظل انتشار الفيروس المتحور، والمدارس تتزايد فيها الاصابات من معلمين وطلاب، لذلك نحن غير مضطرين للمراهنة على صحة الجميع.
أما رئيس جمعية اطباء الحساسية والمناعة الدكتور هاني عبابنة دعا الى ضرورة فرض حظر لمدة اسبوع بسبب تفاقم الوضع الوبائي الحالي، وارتفاع الاصابات والوفيات بشكل كبير، اذ لا بد من ان ندخل في حظر استباقي لقطع دورة تكاثر فيروس كورونا.
واكد ان اكثر من 60% من الاشخاص في المملكة مصابون دون اعراض، ومعظمهم يمارس حياته بصورة طبيعية، ما يؤدي لانتشار العدوى بين كثيرين، معتبرا ان نسبة التزام المواطنين بالاجراءات الوقائية والعزل غير كافية، فما زالت هناك تجمعات كبيرة في مناسبات واستهتار واضح.
كما ارجع عبابنة زيادة الاصابات الى توجه كثير من المواطنين لعمل فحص الاجسام المضادة، معتقدين ان ذلك يوفر مناعة اهم من الاصابة، لكن الحقيقة هي ان هذا الفحص يبين اصابة الشخص بالفيروس سابقا من عدمه، ولا يضمن عدم اصابته به سواء اول مرة او مرة اخرى بعد الاصابة.
ولفت الى تهديد المنظومة الصحية جراء ارتفاع الحالات، وارتفاع نسب الادخالات للمستشفيات والتي تشهد تصاعدا كبيرا خلال الايام الاخيرة، حيث تكاد ان تكون القدرة الاستيعابية للمستشفيات الخاصة تصل الى 100%، مؤكدا في نفس الوقت ان خيار الحظر صعبا بسبب الاوضاع الاقتصادية لكن صحة المواطنين اولوية.
واتفق عبابنة مع بلعاوي على ضرورة اغلاق المدارس لانها تشكل بؤرة مناسبة لانتشار المرض، حيث ان الطفرات الجديدة غير محددة بفئة عمرية محددة، ونصيب الاطفال بشكل كبير، ما يزيد نقل العدوى لاشخاص كثر.
من جهتها حذرت رئيسة الجمعية الاردنية للتثقيف الصحي الدكتورة كاترينا ابو فارس من التراخي بالالتزام باجراءات السلامة العامة، مؤكدة ان اعداد الاصابات كبيرة جدا، وعلينا ان نحمي المنظومة الصحية في المملكة من الانهيار.
وفي ظل نقص المطاعيم وانتشار الطفرات المتحورة، يجب على الجميع حسب ابو فارس عدم الاستهتار بالوضع الوبائي، والعمل لتخطي هذه المرحلة تجنبا لكارثة صحية لا قدر الله، فدور المواطن في مواجهة الفيروس هو مناصفة مع دور الحكومة.
ولفتت الى ان الحظر هو خيار قاس من كل الجوانب خصوصا اقتصاديا، لكن في الوضع الحالي ربما يكون حلا للسيطرة على ارتفاع الاصابات والوفيات، معتبرة ان فتح القطاعات يتطلب وجود افراد واعين ومسؤولين تجاه انفسهم والاخرين، حيث ما زلنا نشهد حالات مستهترة، وعلينا ان نعمل جميعا للخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر الصحية والاقتصادية، فالمسؤولية مشتركة، لعل الحظر يكون درسا لتغيير نمط حياتنا، والالتزام بشكل اكبر كي نتجنبه مرة اخرى، لان الوباء لم ينته حتى الان.
الرأي -سائدة السيد