النسخة الكاملة

هل نفقد السيطرة على كورونا في ظل ارتفاع الإصابات؟

الخميس-2021-02-22 10:32 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مرة أخرى، تتصاعد أعداد الإصابات بفيروس كورونا محليا، لتقترب من 4 آلاف حالة. رقم مرتفع بلا شك، وهو يسبب قلقا كبيرا للحكومة التي تحاول السير على خط دقيق يوازن بين المصلحتين؛ الصحية والاقتصادية.

أمس، تم تسجيل 11 وفاة، إضافة إلى 3917 إصابة جديدة، تركز غالبيتها في العاصمة عمان التي باتت بؤرة ساخنة جدا باعتراف المسؤولين، غير أن بقية الحالات توزعت كذلك على جميع المحافظات من دون استثناء.

اللافت في أرقام أمس، هو ارتفاع نسبة الفحوصات الإيجابية إلى 15.6 %، وهي نسبة عالية جدا، فيما أدخلت 176 حالة إلى المستشفيات لتلقي العلاج، بينما غادرت 121 حالة.

في الجلسات الضيقة، لا يخفي مسؤولون تخوفاتهم من أننا بتنا نفقد السيطرة بالفعل. آخرون يعارضون هذا الرأي، ويقولون إن السياسات والإجراءات الحكومية قادرة على تسطيح المنحنى الوبائي مرة أخرى، غير أنهم يعلقون نجاح هذا الأمر بالتزام صارم من قبل المواطن.

رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة لم يخف قلق الحكومة من الأرقام الحالية، إذ أكد أمس أن "وضعنا حرج مع جائحة كورونا”. وإذا كان الرئيس يشعر ببعض الراحة بعد إقرار مجلس النواب لمشروع الموازنة العامة للدولة، وموازنة الوحدات الحكومية المستقلة، إلا أن الأمر لا يمكن أن يشكل حالة طمأنينة له ولحكومته، فباعترافه هذه هي "الموازنة الأصعب في تاريخ الأردن”، وأننا الآن في مرحلة حرجة بالتعامل مع جائحة كورونا، ولا يجوز التعامل مع الموضوع على أنه "ماض”.

الحكومة تتروى كثيرا وتدرس خياراتها القليلة جدا قبل اتخاذ أي قرارات قد توصف بأنها "مؤلمة”، من الممكن أن تشتمل على إغلاق بعض القطاعات، أو تحديد نسب لعدد الذين يداومون في القطاعات المختلفة، أو حتى بفرض حظر شامل أو جزئي. كل هذه الأوراق مطروحة على طاولة الحكومة اليوم، لكن أي قرار سترسو عليه لن يكون سهلا، خصوصا بعد الخسائر الكبيرة في جميع القطاعات، والتي أدت بكثير من الاستثمارات والشركات والمحال التجارية إلى إغلاق أبوابها إلى الأبد ومغادرة السوق، بعد خسارات متراكمة لم تعد تقوى معها على الاستمرار بتأمين كلف التشغيل.

مسؤولو القطاع الصحي، أيضا، لا يخفون قلقهم من تصاعد أرقام الإصابات من جديد. وفي الوقت الذي يقولون فيه إن نظامنا الصحي ما يزال قادرا على استيعاب الحالات اليومية، إلا أنهم يحذرون من أن الاستمرار بتسجيل الإصابات بمثل هذه الوتيرة قد يضعنا أمام حالة حرجة، خصوصا أن المنحنى الوبائي بات غير قابل للقراءة والتكهن.

هذه الحال تفرض نمطا جديدا على كلا الطرفين؛ الحكومة والمواطن. ففي حين يرى متابعون أن على الحكومة إبداء مزيد من التشدد تجاه الالتزام بإجراءات السلامة العامة المنصوص عليها بقرارات الدفاع، يؤكد هؤلاء أن المسؤولية كبيرة أيضا على المواطن الذي يتوجب عليه أن يساهم في محاولات تسطيح المنحنى الوبائي من خلال الالتزام الذاتي، لافتين إلى أن كثيرا من العادات المنافية للصحة العامة ما تزال تتسيد المشهد المحلي حتى اليوم، بالرغم من الإصابات العديدة التي تعلن يوميا.

التسجيل لأخذ مطاعيم كورونا، يمثل وجها آخر للالتزام، لكن المسجلين حتى اليوم يمثلون نسبة قليلة جدا، بينما نسبة كبيرة من المواطنين ما تزال تركن إلى نظرية المؤامرة التي تجد لها سوقا رائجة في جميع الجلسات والصالونات، وعلى السوشال ميديا.
المطاعيم ستظل تتدفق على المملكة من جميع المصادر، كما أكد مسؤول ملف كورونا وأمين عام وزارة الصحة لشؤون الأوبئة د. وائل هياجنة، وسيحظى معظم المواطنين بها. لكن هذا نصف الإنجاز فقط، بينما ينبغي أن تتوافر الإرادة الحقيقية لدى المواطن من أجل أن يخلق ثقافة جديدة على المستجدات التي فرضتها الجائحة. الثقافة الجديدة التي يعبر عنها بسلوكيات صحية من الممكن أن تحدد مسار الوباء في الفترة المقبلة، وأن تضع الأردن على أولى درجات سلم هزيمة هذا الوباء.

من المهم أن يلتفت المواطن إلى القلق الحقيقي الذي يبديه مسؤولو الصحة. إنه قلق مشروع، ونرجو ألا تتحقق مخاوفهم.
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير