النسخة الكاملة

مئوية الدولة

الخميس-2021-02-21 10:27 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم د. أميرة يوسف مصطفى

  بحلول شهر نيسان القادم يبلغ عمر الدولة الأردنية مئة سنة، ونستذكر الجهود الجبارة التي حققها الأمير (الملك لاحقًا) عبدا لله بن الحسين، والذي كان لموقفه السياسي من بلفور وسايكس بيكو الأثر الكبير في مقارعة فرنسا في سوريا؛ إذ صار بوسع الأمراء من أبناء الشريف حسين بن علي الدور الأكبر في تأسيس ممالك عربية في الأردن وسوريا والعراق. وفي مملكة الحجاز بقيادة الملك علي بن الحسين بن علي فإنه لزامًا أن نفكر بمملكة عربية مترامية الأطراف تمتد من عدن إلى جبال طوروس، دفعت بالدولتين الأعظم آنذاك إلى معاهدة سايكس بيكو لاقتسام التركة العربية من الدولة العثمانية التي هُزمت في الحرب العالمية الأولى، وإعطاء فلسطين وطنًا قوميًا لليهود ضمن حكومة الانتداب البريطاني، ما أدى إلى استياء الشريف الحسين بن علي فأوفد أولاده فيصل وعبدالله لقيادة الثورات التي نشأت ضد الاستعمارين: الفرنسي والإنجليزي في كل من شرق الأردن الذي استثني من بلفور وسوريا التي احتلت حسب سايكس بيكو من قبل الفرنسيين.

وقد عمد الإنجليز إلى إخراج الشريف من الحجاز والعقبة ونفيه لقبرص نتيجة موقفه من فلسطين، وضغطوا على الأمير عبد الله بمباحثات مكثفة مع تشرتشل وزير المستعمرات في القاهرة وإقناعه بتأسيس إمارة شرق الأردن مقابل أن يتنازل عن طموحه بمساعدة أخيه فيصل في سوريا بينما تم نقل فيصل ليكون ملكًا للعراق.

   وبهذا فإن إمارة شرق الأردن قد تأسست في ظل إصرار الإنجليز على الوفاء بالتزامهم لليهود، وإبعاد الأمير عبد الله عن التدخل في كل من سوريا وفلسطين، وعاد الأمير عبد الله من القدس ليؤسس أول حكومة أردنية في 11 نيسان 1921 م برئاسة رشيد طليع الثائر الدرزي السوري؛ ليؤكد الأمير أنه ماض في الوقوف إلى جانب ثوار سوريا وثوار فلسطين إذ تم تعيين وزراء من سوريا وفلسطين وشرق الأردن.

   وشكل الأمير حكومته التي كان على بريطانيا الاعتراف بها حسب ما جاء باتفاق تشرتشل - عبدالله ، وتراجعت عن الاعتراف بها حتى عام 1923م، في حين اعترفت بها معظم دول عصبة الأمم التي كانت قائمة آنذاك، ونتيجة لضغط الشعب الأردني والثائرين السوريين والفلسطينيين والذين كانوا ضمن رعايا الدولة الجديدة، فقد اعترفت بريطانيا بالحكومة الثالثة برئاسة العراقي رضا باشا الركابي وذلك في 15 أيار 1923 م، ولم تعترف بمجلس الشورى «مجلس النواب» إلا نهاية عام 1927م حين تم انتخاب مجلس نيابي دستوري عام 1928م، وبهذا تسنى لإمارة شرق الأردن وجود مجلس نيابي منتخب ودستور وحكومة فتحققت لها عناصر الدولة الكاملة، وصار بوسعها أن تعمل على تعيين سفراء ومندوبين لدى المنظمات الدولية، وصار الأردن عضوًا مراقبًا في عصبة الأمم المتحدة .

  وبعيدًا عن مزايدات بعض المؤرخين الجدد تجب الإشارة إلى دور الحكومات المحلية التي أُنشئت في الشمال والجنوب في ظل الفراغ السياسي الذي خلفه خروج الأتراك العثمانيين، وترك الساحة لكل من بريطانيا وفرنسا والوقوف ضد أي وجود صهيوني، ومنع تطبيق وعد بلفور على شرق الأردن، والوقوف مع الثورات التي تقوم في فلسطين ضد الانتداب البريطاني وما سيؤول إلى إعطاء وطن قومي لليهود، والثورات القائمة في سوريا ضد الاستعمار الفرنسي، والمطالبة بتوحيد هذه الحكومات تحت راية العلم السوري وبقيادة أمير عربي، وقد اتجهت الأنظار إلى الأمير عبدالله لدى وصوله إلى معان، وبهذا فقد أوفدت هذه الحكومات الصغيرة علي خلقي الشرايري وراشد الخزاعي وفواز البركات الزعبي وخلف التل وعلي نيازي التل إلى معان لمقابلة الأمير عبدالله وإقناعه بالبقاء في شرق الأردن أميرًا للبلاد.