جفرا نيوز - كتب عوني الداوود
بحسب تقرير صدر أمس الجمعة عن معهد التمويل الدولي، ونقلته شبكة ( سي ان بي سي ) وبثته « بترا « حول الدّين العالمي، فقد ارتفعت ديون الأسر والحكومات والمؤسسات غير الربحية والقطاع المالي بنحو ( 24 تريليون دولار ) إلى ( 281 تريليون دولار ) بنهاية العام الماضي، مقارنة مع 2019. أي ان الدّين العالمي أصبح يمثل 355 ٪ من الناتج المحلي الاجمالي في العالم بزيادة 35 ٪ عن عام 2019.
التقرير يقارن أيضا بين مديونية العالم في الازمة المالية العالمية والتي ارتفعت عام 2008 بنسبة 10 ٪ وبنسبة 15 ٪ عام 2009، اي ان جائحة كورونا فاقت آثارها السلبية تلك الازمة المالية العالمية لتزيد المديونية الى 35 ٪.
التقرير ذاته يقول إن الدّين الحكومي، ارتفعت نسبته الى 105 ٪ من الناتج المحلي الاجمالي في 2020، ويتوقع ان يرتفع الدّين الحكومي العالمي هذا العام 2021 نحو ( 10) تريليونات أخرى.
المقلق في تقرير معهد التمويل، اشارته الى أن « وتيرة التطعيم ضد كورونا تختلف اختلافا كبيرا بين البلدان، وقد تؤدي صعوبة طرح اللقاح الى تأخير التعافي، مما يؤدي الى زيادة تراكم الديون».
ربما لا يضيف التقرير جديدا لهول فاجعة ما أحدثته كورونا، ولا تزال، بالاقتصاد العالمي، ولكنها تؤكد بأن مواجهة هذه الجائحة مع استمرار حالة «عدم اليقين» في كل شيء ( في التنبؤات الصحية كما الاقتصادية ) تجعل الحلول الاقتصادية تنصب بالدرجة الاولى على توفير السيولة المطلوبة من أجل : ( استمرار الصرف على متطلبات الوقاية الصحية من الجائحة - استمرار الدول بالقدرة على تأمين احتياجات مواطنيها الاساسية - استمرار ضخ أموال لتثبيت صمود القطاع الخاص في الدول لتبقى صادمة تساهم بالتقليل من معدلات الانكماش وتسريح الموظفين وزيادة فاقدي الوظائف في العالم والمتعطلين عن العمل ) والاستمرارية بتوفير السيولة أمر يثقل كاهل الدول العظمى فكيف بالصغرى ؟؟... ومن هنا فان العالم متجه نحو مزيد من المديونية، ومن هنا أيضا نذكّر بقرارات مجموعة العشرين في قمة الرياض الاخيرة - تشرين الثاني الماضي - والتي قرّرت تأجيل مديونية الدول الفقيرة حتى منتصف عام 2021، والمتوقع اعادة التأجيل حتى نهاية العام الحالي... ومن هنا أيضا نتفهم قرارات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بتقليل الفوائد وتقديم مساعدات وقروض عاجلة لتمكين الدول من مواجهة جائحة كورونا صحيا، وتبعاتها الاقتصادية.
الاردن ليس بمعزل عن العالم، ومع كورونا من الطبيعي أن تزداد المديونية، ولا سبيل من استمرار منهج الاستدانة والحصول على مزيد من القروض لمواجهة عجز الموازنة (التي من المتوقع أن يصوّت مجلس النواب عليها غدا بعد الانتهاء من مناقشتها )، ولكن كل ذلك ليس مبررا للافراط في هذا النهج، بل حصره «بالضرورات التي تبيح المحظورات»، وعدم مزاحمة القطاع الخاص على الاستدانة من البنوك المحلية، وقبل هذا وذاك (ادارة المديونية )بحصافة تقلّل ارتفاعها غير المبرر، وتحافظ على سمعة الاردن لدى الجهات العالمية المانحة بحسن الوفاء وسداد الديون في موعدها، كما هو الحال دائما، ووضع خطط مستقبلية تنتهج مبدأ « الاعتماد على الذات « كسبيل وحيد - ولو بعد حين - للخلاص من أرق وقلق المديونية، ولكن ذلك لا يكون بالتمنيات، بل بخطط وقرارات تدعم القطاعات القادرة على تحقيق هذا الهدف للاقتصاد الوطني وفي مقدمتها الصناعات الدوائية والطبية والكيماوية والغذائية والزراعية، وبخطة وبرنامج للتعافي الاقتصادي في ظل «الجائحة»، وبعدها.