النسخة الكاملة

المجالي.. رجل الدولة الجنرال الذي انحاز لاستقلالية البرلمان والتعددية الحزبية

الخميس-2021-02-11 12:59 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز- كتب - ماجد الأمير 
ودع الأردن أمس المهندس عبدالهادي المجالي، الذي ترأس مجلس النواب لمدة بلغت 9 سنوات، وهي أطول مدة لشخصية سياسية في رئاسة البرلمان.
 المهندس المجالي، الذي كان رئيسا لأركان الجيش، دخل العمل السياسي عقب تقاعده مباشرة ليذهب الى الولايات المتحدة الأميركية سفيرا للاردن، ثم يعود الى البذلة العسكرية من خلال تسلمه موقع مدير الأمن العام ثم يتقاعد مجددا ليتفرغ للحياة الحزبية والنيابية بعدها. 
بعد عودة الحياة الحزبية والبرلمانية، قرر المهندس المجالي تأسيس حزب العهد، وخاض الانتخابات النيابية عام 1993 ليفوز بمقعد نيابي عن محافظة الكرك، ليبدأ الحياة النيابية والحزبية معا بشكل قوي، وإيمان أن المستقبل للأحزاب، كما عرف عنه المقربون منه.
المهندس المجالي الذي خاض الانتخابات النيابية عام 1997 بقائمة حزبية، عاد للعمل من أجل توحيد الاحزاب الوسطية في حزب سياسي واحد باسم الحزب الوطني الدستوري الذي توحدت تحت مظلته أكثر من عشرة أحزاب وسطية ولكن قبل ذلك قرر خوض انتخابات رئاسة مجلس النواب، وهنا ليبدأ مرحلة أخرى كانت صاخبة وامتدت لأكثر من 11 عاما. 
في عام 1998 فاز المهندس المجالي بموقع رئيس مجلس النواب لتبدأ مرحلة جديدة للمجالي عنوانها إلغاء الفردية والتوجه نحو المؤسسية في العمل النيابي، لذلك حرص على إنشاء كتلة برامجية بهدف العمل من خلال الإطار الكتلوي، فحرص دائما أن يخرج ترشيحه لرئاسة مجلس النواب من الكتلة ثم يبدأ العمل للفوز في بالانتخابات. 
بعد فوزه في انتخابات رئاسة مجلس عام 1998 ،عمل على تخصيص مكاتب للنواب، إذ لم يكن هناك مبنى للنواب وقام بتأهيل البناية القديمة لوزارة الاشغال لتكون مكاتب للنواب، وصار لكل نائب مكتب يستقبل به المراجعين. 
انتخب في تسع دورات عادية رئيسا لمجلس النواب بسبب قدرته على ادارة التوازنات السياسية والنيابية وايضا شخصيته القيادية والتي حفظت لمجلس النواب هيبته وتقاليده البرلمانية التي كان يحرص عليها ولا يسمح لأية حكومة تجاوز دور مجلس النواب والأعراف البرلمانية. 
المهندس المجالي كان رجل دولة قادر على فهم الخط العام لمسار الدولة وتبني هذا الخط، ولكنه في الوقت ذاته، كان يختلف أحيانا مع الحكومات دون أن يمس ذلك من موقفه المؤيد لنهج الدولة، فالمجالي كان لديه برنامجا سياسيا متفق مع النهج العام للدولة وقائم على أساس فكرة الحزبية والتعددية الحزبية كعنوان للحكومات البرلمانية ولمستقبل الاردن، فكان يعتقد أن المستقبل سيكون للحياة الحزبية وأن تشكيل الحكومات البرلمانية يجب أن يبدأ من الاحزاب والائتلافات الحزبية تحت قبة البرلمان، فعاد المجالي لتأسيس حزب وسطي واسع باسم حزب التيار الوطني والذي كانت بدايته قوية ولكن هذا الحزب تعرض لانتكاسة في انتخابات عام 2013 ما أفقدت الحزب أسباب قوته، ولكنه بقي مؤمنا بأهمية العمل الحزبي لتطوير الحياه البرلمانية والسياسية فكان يدافع عن فكرة ضرورة ان تدعم الدولة الأحزاب في كل الاجتماعات المغلقة والمفتوحة ولا يتحرج من دفاعه عن العمل الحزبي حتى لو وجد نفسه وحيدا في اجتماع او لقاء.
 السنوات التي مكثها المجالي في رئاسة مجلس النواب جعلته أكثر شخصية تتبوأ رئيس مجلس نواب في تاريخ الأردن من حيث المدة، الأمر الذي جعله من الرؤساء الذين أرسوا الأعراف البرلمانية ومن المؤسسين للعمل النيابي في بلادنا. 
عقب الانتخابات النيابية عام 2007 شكل المهندس المجالي أوسع ائتلاف نيابي في تاريخ الأردن إذ استطاع أن يعلن عن ائتلاف نيابي يضم أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب آنذاك وهو أمر لم يحصل قبل ذلك ولا بعده.
 المهندس المجالي كان واحدا من رؤساء البرلمانات المخضرمين على مستوى الوطن العربي والعالم، وكان ثقله السياسي في الاتحادات البرلمانية العربية و العالمية ظاهرا للعيان وعلى رأسها الاتحاد البرلماني الدولي والذي استضاف الأردن إحدى مؤتمراته المهمة، وترأس المجالي الاتحاد انذاك في دورته تلك.
 يتميز المجالي أيضا بحضور سياسي في الاتحادات البرلمانية العربية والذي ترأس الاتحاد البرلماني العربي لمدة عامين، فتجده دائما يقود التنسيق بين المجالس النيابية العربية من أجل موقف برلماني عربي موحد
للدفاع عن قضية فلسطين في المنتديات البرلمانية الدولية.
 يعتبر المهندس المجالي رئيسا واسع الصدر ويتحمل النقد من النواب ومن الاعلام، فالرئيس، بحسبه، يجب أن يستوعب كل الآراء الناقدة والمؤيدة وكان لا يعتب على أي نائب ناقد لرئاسة المجلس حتى لو غابت الموضوعية عن النقد ووصلت الى الشخصنة.
المجالي كان دائم الانحياز للحريات الصحفية، فكانت أبواب مجلس النواب واجتماعاته مفتوحة للاعلام من أجل الحصول على المعلومة لنقلها الى الرأي العام بسهولة ويسر.
 المجالي رجل الدولة قاد مؤسسة البرلمان من عام 1998لغاية 2009 كرئيس قادر على أن يدافع عن مواقف الدولة وايضا له مواقفه التي تتعارض أحيانا مع نهج الحكومات وخاصة في مجال دفاعه عن استقلالية مجلس النواب وتطوير الحياة الحزبية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير