جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب د. عدلي قنديح
تعكس موازنة التمويل والتي يقدر حجمها بحوالي 6.96 مليار دينار، حجم الأموال التي ستقترضها الحكومة خلال العام 2021 من مصادر مختلفة لاستخدامها لتسديد مستحقات قروض ومتأخرات داخلية وخارجية.
فمن المقدر أن تقترض الحكومة داخليا من البنوك وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي خلال العام 2021 ما يقدر بـ4.7 مليار دينار، واقتراض حوالي 1.4 مليار دينار من مؤسسات دولية، واقتراض مبلغ 815.4 مليون دينار عن طريق إصدار سندات اليورو وسندات محلية بالدولار، وأيضا اقتراض ما قيمته 68.8 مليون دينار من الخارج.
وستقوم الحكومة بتوزيع المبلغ المقترض، 6.96 مليار دينار، كما يلي: سيتم استخدام 2.1 مليار تقريبا لسد عجز الموازنة العامة، مما يعني أن الحكومة تقترض للانفاق على الرواتب والأجور والتقاعد وغيرها من النفقات الجارية. وسيتم استخدام مبلغ 410 ملايين دينار لتسديد أقساط قروض خارجية مستحقة خلال هذا العام، واستخدام مبلغ 2.99 مليار لاطفاء ديون داخلية، واستخدام مبلغ 957.2 مليون دينار لاطفاء سندات اليورو وسندات محلية بالدولار. كما وسيتم استخدام مبلغ 368.4 مليون دينار لتسديد سلف وقروض مستحقة على سلطة المياه. وسيتم استخدام مبلغ 178.5 مليون دينار لتسديد أقساط قروض لمعالجة المتأخرات الحكومية.
موازنة التمويل تشير بوضوح إلى حجم الأعباء التي يكبدها عجز الموازنة وارتفاع حجم الدين العام وفوائده على المالية العامة للمملكة ويشير أيضا إلى حجم الفرص والمشاريع الرأسمالية الضائعة جراء ذلك. كما ويشير الاقتراض المحلي بما لا يدع مجالا للشك الى حجم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على الأموال المتوفرة في الاقتصاد والتي يمكن أن يقترضها المستثمرون والرياديون الشباب وقطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف تغطية احتياجاتهم التمويلية الأمر الذي يفاقم ويعيق الشمول المالي والاقتصادي. كما ويشير أيضا الى حجم التشوهات التي يفرضها الاقتراض المحلي للحكومة على أسعار الفائدة في السوق. كل ذلك يضيف المزيد من الاختلالات في جانب المالية العامة وخاصة على حجم وأعباء الدين العام.
التساؤلات التي تطرح وتحتاج لاجابات هي؛ كم هي نسبة الأموال في موازنة التمويل كانت ناجمة عن تأثير جائحة كورونا خلال العام الماضي وهذا العام، وكم منها ناجم عن تقلبات دورة الأعمال الطبيعية التي تحدث بين الفينة والأخرى؟! كل ذلك يعني أن هناك حاجة ماسة لعمل اختبارات الضغوط أو الاجهاد التي تساعد صانعي السياسات في الوقوف على التحذيرات المبكرة للركود أو الانتعاش المقبل و/أو الصدمات المقبلة. فأن من شأن ذلك تمكين صانعي السياسات من عمل تخطيط علمي دقيق للمالية العامة للدولة ووضع خطط سليمة طويلة الأجل مبنية على الأبداع والابتكار في أدوات المالية العامة المتاحة في العديد من الاسواق والدول.
فهناك حاجة ماسة دائمة إلى تقدير مستوى مخاطر موازنة الحكومة من انخفاض الإيرادات وزيادة النفقات، لسد النقص في الإيرادات عند الحاجة والتصرف بحكمة لترشيد الانفاق. وهذا يعني ضرورة اتاحة مجموعة من الأدوات المالية التي تستطيع التخفيف وبسرعة من تداعيات الصدمات الخارجية والانهيارات الاقتصادية التي تتبعها وبالتالي التعامل مع حالات عدم اليقين كالتي نعيش حالياً.
الأمر المحير هو أنه منذ أن عاد الأردن العام 2012 للتعاون من جديد مع صندوق النقد والبنك الدوليين، من خلال ما يعرف ببرامج الاصلاح الاقتصادي والتي كان عنوانها الرئيسي هو إصلاح المالية العامة للدولة، لم نر نتيجة إيجابية ملموسة بالأرقام والنسب المئوية على بيانات مشاريع الموازنات العامة أو موازنات التمويل فيها. وهذا يطرح تساؤلات كبيرة ومحيرة ولا بد من التوقف عندها كثيرا.