جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب محمد الزواوي
ما يزال موضوع اللقاحات مثار نقاش محتدم بين الفئات المختلفة من المجتمع، النقاش يتركز حول عدة نقاط، أهمها ربما ما يتعلق بنظريات المؤامرة التي ليس لها اي ارتباط او جذور علمية وترتكز على الإشاعات. وما يتعلق بعملية التلقيح نفسها التي اطلقتها وزارة الصحة على شكل حملة التلقيح الوطنية عبر منصة خاصة ومدى نجاعة الآلية الحالية للمنصة سواء طريقة التسجيل، أو حتى طبيعة الطريقة التي تقوم بها بتوزيع مواعيد التلقيح والمراكز المعتمدة وغيرها. والنقطة المهمة الأخرى التي يدور حولها النقاش مجتمعياً هو انخفاض المنحنى الوبائي وهل ما تزال الحاجة ملحة للتلقيح مع ذلك؟
أكدت الجهات الصحية في العالم ومنذ البداية بأن الجائحة لن تنحسر بشكل مريح إلا بتوافر اللقاحات، وعليه فإن كل الحلول الاحترازية الحالية ما هي سوى حلول آنية للمحاولة فقط للتقليل من الأضرار. بالتالي، فإن اللقاح هو حجر الزاوية للتخلص من الجائحة وآثارها الاقتصادية سريعاً، وعملية التلقيح والوصول الى المناعة المجتمعية هو شرط أساسي لاستمرار التعافي الصحي، وما سينتج عنه من تعاف اقتصادي. فالمنطق يحتم إذا، بأن تكون الفئات الأكثر تضرراً من الجائحة والتي كانت من أكثر من طالب بفتح القطاعات في مقدمة الصفوف فيما يتعلق بالتلقيح، بل وحتى توظيف الحملات التي قادوها لفتح القطاعات في السابق للتشجيع على تلقي اللقاحات لمواصلة التعافي الصحي والاقتصادي.
وكما قلنا سابقاً فمع توفر اللقاحات في الأردن فنحن أمام فرصة سانحة للتعافي من الجائحة صحياً وبالتالي اقتصادياً، وعلينا بأن نحجز موطئا للقدم في مصاف الدول التي تجاوزت الأزمة مبكراً، حيث إن الفرص الاقتصادية ستكون لائحة أمام من يتعافى أولاً. ولا بد من تصحيح مفهوم مغلوط هنا، يتعلق باستقرار الوضع الوبائي فبحسب الخبراء فهذا الاستقرار مشروط وقد يكون مؤقتا، وهو يرتبط بشكل طردي بالالتزام بإجراءات التباعد والكمامات. ومع ظهور عدة تحورات للفيروس، فإن التراخي سيعني أن موجة ثالثة ستصبح حتمية ربما خلال أقل من شهرين من الآن، وعليه فإن التلقيح هو الحل النهائي لتحقيق المناعة المجتمعية، لكن من الآن وحتى حصول ذلك فلا بد من مواصلة الالتزام لتجنب موجات أخرى.
أما فيما يتعلق بآلية حملة التلقيح الوطنية، ولأن وزارة الصحة تعمل في ظروف استثنائية، وتسارع الزمن على كافة الجبهات للوصول الى بر الأمان، فنتفهم البطء النسبي في عملية التلقيح وحصر مراكز التلقيح لظروف تتعلق بتوفر اللقاح والإقبال المنخفض نسبياً عليه، بالإضافة طبعاً للصعوبات اللوجستية التي ترتبط بمعظم اللقاحات المتوفرة حالياً، مع التوقع بأن الوزارة تقوم بتقييم دوري لعملية التلقيح، وتعمل على رفع الوتيرة تدريجياً بعد الارتياح لمرور المرحلة الأولى بسلام، إلا أن ما قد يؤخذ على الوزارة ربما الجانب الإعلامي للعملية، فبالرغم من الظهور الاعلامي المتكرر لمعظم مسؤولي الوزارة بشكل كبير فإن هناك فجوة تتعلق بعدم وجود استراتيجية اعلامية ترتكز عليها الوزارة، وخصوصاً فيما يتعلق بالحملة الوطنية والواضح جداً من انخفاض الإقبال على التلقيح، وربما يجب إعادة النظر بعض الشيء بالحملة الاعلامية وخصوصاً مع وصول كميات أكبر من اللقاحات، وضرورة رفع درجة الاقبال على التسجيل وبالتالي رفع وتيرة التلقيح.
أخيراً، بالنسبة للفئة المترددة والفئة التي ما تزال تتبادل نظريات المؤامرة فيما يتعلق باللقاح أو حتى الجائحة نفسها، والمبنية ببساطة على عدم فهم أو نقص بالمعلومات العلمية بالأساس، فلا بد من مخاطبة هذه الفئات بشكل واضح لتبيان المعلومات المتعلقة بالجائحة بطرق تفند المغالطات العلمية التي يتبادلونها، وبحث ذلك عبر حملات اعلامية مكثفة تقطع الطريق على أي نقص بالمعلومات لدى العامة. أما من يقوم بإشاعة معلومات مغلوطة، وتشجيع غيره على عدم تلقي اللقاح فعليه أن يعلم بأنه يحمل على عاتقه مسؤولية كل من شجعه على عدم تلقي اللقاح، وهذه الفئة ربما تندرج تحت فتوى دائرة الإفتاء المتعلقة بتحريم مخالطة الغير في حال الإصابة بالعدوى لتجنيبهم خطر العدوى والتي نصت بأن من خالف ذلك فهو آثم شرعاً مرتكزةً على حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، فما المانع من اعتبار من يقنع غيره بعدم أخذ اللقاح كمن أوقع الخطر على نفسه وغيره والمجتمع. والذي يجدر به في حال كان عنده نقص بالمعلومة أو شكوك، بأن يتوجه لأصحاب الاختصاص من الاطباء وهم أجدر من يجيبون على أسئلة هؤلاء وإسداء النصيحة لهم فيما يتعلق بأخذ اللقاح، بدلاً من ترويج الخرافات!