جفرا نيوز - تقرير: موسى العجارمة
لا يزال ملف الفقر في الأردن يراوح مكانه دون وجود جهود حكومية ومجتمعية بعيدة عن الدعاية تقدم دورها على أكمل وجه، للحد والتقليل من هذه الظاهرة التي ارتبطت بوباء كورونا بشكل طردي من ناحية العدد والانتشار، وسط تصدر مشاهد حقيقية في العديد من الرقع الجغرافية التي كان أبطالها أناس بسطاء غير قادرين على إخراج قوتهم اليومي.
"رغيف الخبز وجركل الكاز"، المهمة الصعبة اليومية للعديد من الأسر التي كانت تشكو معاناتها بصمت كبير، إلا أن جائحة كورونا ضربت هذه الفئة بعرض الحائط، وأصبحت الأكثر عرضة وتهميشاً في المجتمع، وسط تساؤلات حول مدى الجدوى من البرامج التي أطلقها صندوق المعونة ووزارة التخطيط للحد من هذه الظاهرة، إضافة للمبادرات المجتمعية التي قدمت أدوارًا لا بأس بها خلال فترة الجائحة.
"متى سيزول الوباء وتعود الحياة من جديد؟ ، قابلون بالحياة التي كنا نعيشها قبل الوباء"، هذه العبارات باتت اليوم لسان حال تلك الفئات المتضررة التي كانت تخرج قوتها بشكل يومي، من خلال عملها في مجالات أصبحت معلقة اليوم دون وجود مساعٍ جادة لإعادة النظر بحالهم اليوم، وخاصة أن آخر دراسة معتمدة أجرت لقياس معدلات الفقر قبل حوالي عامين.
*ما هي خطط وبرامج وزارة التنمية الاجتماعية حيال هذا الملف؟
وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح يقول إن الوزارة تعمل على تمكين الأسر الفقيرة من خلال تأهيلها بمشاريع صغيرة مدرة للدخل من برنامج الاسر المنتجة على أن يتم سداد قيمة القرض دون أن يترتب على الأسر أية مبالغ إضافية عن قيمة القرض مع اعطاءهم فترة سماح لمدة ثلاثة اشهر للمساعدتهم في تجهيز المشروع والبدء في تشغيله لضمان نجاحه، موضحاً أنه تم تأهيل (115) اسرة وبقيمة تمويل (302.500) ألف دينار دينار خلال عام 2020، وقد وفرت فرص عمل (115) لأبناء المجتمع المحلي، وتم تأهيل (5214) أسرة منتجة من برنامج الأسر المنتجة وبكلفة إجمالية (10) مليون دينار بشكل تراكمي منذ بداية تنفيذ البرنامج في الوزارة
ويضيف المفلح أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" أن الوزارة عملت أيضاً من خلال تحقيق الأهداف الاستراتيجية لها والواردة ضمن الهدف السادس (تطوير وبناء الشراكات ومأسستها وتعزيز التعاون والتنسيق في مجال العمل الاجتماعي) على تمويل جمعيات خيرية بمشاريع انتاجية الهدف منها: تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمجتمعات المحلية الفقيرة، وتحقيق مبدأ الشراكة بين القطاع الحكومي والأهالي في تحقيق التنمية المستدامة وهذه بدوره يساهم في تعزيز قيم الإنتاج وتجذير سياسة الاعتماد على الذات للأسر والجمعيات على حد سواء وقد تم تمويل (382) جمعية خيرية لإقامة مشاريع إنتاجية وبحجم تمويل (5) ملايين دينار وفرت أكثر من (600) فرصة عمل لأبناء المجتمعات المحلية مستوى المملكة بشكل تراكمي منذ بداية تنفيذ البرنامج في الوزارة منذ العام 2008.
"وعملت الوزارة على تمويل الجمعيات الخيرية بصناديق ائتمان وذلك لتمكين الأسر وخصوصاً المرأة لإقامة مشاريع صغيرة ومشاريع منزلية على مستوى أسرهم، مما استفاد من هذا البرنامج قرابة (420) جمعية خيرية من خلال إقامة صناديق إئتمان في المحافظات بقيمة (5) مليون دينار، وفرت (12.000) ألف فرصة عمل على مستوى المملكة بشكل تراكمي منذ بداية تنفيذ البرنامج في الوزارة منذ العام 2008". بحسب المفلح.
وفيما يتعلق بتحقيق إطار الأمان الاجتماعي، يوضح أنه يتم تنفيذ مشروع المساكن والذي بدا في عام 2003 كمبادرة ملكية سامية من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين أثناء إحدى جولاته في قرى محافظة الطفيلة جنوبي المملكة، وتم تكليف وزارة التنمية الاجتماعية بهذا المشروع اعتبارًا من ذلك العام ، وبلغ عدد الأسر المستفيدة من المشروع منذ إطلاقه تنفيذاً لتوجيهات الملكية وحتى تاريخه (4367) مسكن، كاشفاً أنه خلال عام 2021 سيتم انشاء وإيصال خدمات لحوالي (258) مسكن.
*ماذا عن دور صندوق المعونة الوطنية ؟
ويشير المفلح أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" إلى أن البرامج الذي يعمل عليها صندوق المعونة متنوعة منها برامج المعونات المالية الشهرية المتكررة والمؤقتة إضافة إلى ما تم استحداثه من برامج: الدعم التكميلي ومنها ايضاً برنامج دعم عمال المياومة نتيجة ازمة كورونا التي ساهمت في التخفيف من اثار الفقر وبخاصة أنه تم إدخال فئات جديدة لم تكن مشمولة سابقاً في مظلة صندوق المعونة الوطنية من قبل، مبيناً أن الحكومة قامت بزيادة مخصّصات صندوق المعونة الوطنيّة لعام 2021 لتصل إلى (250) مليون دينار، ليستمرّ الصندوق في تنفيذ برامج الحماية الموجّهة للأسر الفقيرة والعفيفة؛ وليصبح عدد الأسر المكفولة ببرامج صندوق المعونة الوطنية خلال عام 2021 أكثر من (300) ألف أسرة.
*حقوق الإنسان: الحكومة غير قادرة على معالجة الفقر
المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان، د. علاء العرموطي، يعلق على ظاهرة الفقر بأنها حالة عامة دخلت المجتمعات وتخلخلت كافة ثناياه، موضحاً أن الحكومة الأردنية غير قادرة على اتخاذ الإجراءات التي تؤدي للنمو والحد من الفقر.
"منذ عام 2010 لم تستطع الحكومة على إيجاد طرق وحلول غيرت وقللت من نسب الفقر عبر البرامج التي أطلقتها، ولم يتم انتشال أي جيب من هذه الجيوب، وحتى نتائج المسح لا تزال غير واضحة لغاية هذه اللحظة". بحسب العرموطي لجفرا.
ويقول إن الحد الأدنى من الأجور غير كافٍ لمواجهة غلاء الحياة المعيشية في ظل زيادة أسعار السلع، لافتاً إلى أن معظم الشعب الأردني يعتاش تحت إطار المديونية، مما يؤثر ذلك على المنظومة الأخلاقية في المجتمع، ليصبح بعض الأفراد يلجؤون لأساليب غير مشروعة، والدليل بعض الجرائم التي وقعت في الآونة الأخيرة.
وختم العرموطي حديثه بأن هناك تضارب بنسب الفقر التي يتم الإعلان عنها، لكون هناك دراسات أشارت بأن نسب الفقر في الأردن تعادل الـ(15)% بعكس إحصائيات أخرى كشفت بأن الأردن المرتبة الثالثة عربياً بالفقر وتعادل النسبة الكلية بمعدل 56%.
*عايش: الدراسات التي أجريت حول نسب الفقر لا تعكس النسب الصحيحة
الخبير الاقتصادي حسام عايش يؤكد أن الحكومة أبدت اهتمامًا في مواجهة الفقر إلا أن مضمون النتائج لم يكن بالشكل الوافي والملبي للطموحات، لتصبح نسب الفقر مرتفعة، لافتاً إلى أن أسباب الفقر تتغير باستمرار وتتراكم مع مرور الأيام، وقدرة الحكومة على إيجاد الحلول منصفة بشكل آخر على المخرجات لتصبح نتائج الفقر منتشرة كالبؤر من مكان إلى آخر بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ويضيف عايش أثناء حديثه لـ"جفرا نيوز" إلى أن الدراسة الأخيرة التي تم إجراؤها أظهرت بأن النسبة الكلية للفقر في الأردن تعادل الـ (15.7)% وهذه الدراسة لا تعبر عن الأرقام الحقيقية؛ لكون دائرة الإحصاءات العامة كانت تركز على معدل إنفاق الأسر الأردنية وليس على الدخل الكلي، مبيناً أن البنك الدولي أكد أن نسب الفقر ارتفعت خلال الجائحة وأصبحت تعادل الـ35%
يذكر أن الحكومة لم تعلن عن أي أرقام جديدة حول معدلات الفقر التي تم تقديرها قبل حوالي عامين بنسبة 15.7%، بالتزامن مع تصريح البنك الدولي الذي كشف في أكثر من دراسة وتقرير خلال الفترة الماضية عن توقعات بزيادة اعداد الفقراء، وخاصة ما بعد جائحة كورونا.
وتوقع البنك الدولي أن يزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون في الأردن على أقل من 1.3 دينار يومياً (خط الفقر المدقع عالميا) بنسبة 27 % خلال العام الحالي مقارنة بالعام الذي سبقه، مشيراً إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.25 دينار يومياً في الأردن، فيما سيزيد عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 3.9 دينار يوميا بنسبة 13.2 %.
كما أضاف في تقرير نشر حديثاً، أن حوالي 1.5 مليون فقير جديد في الأردن سينزلقون الى ما دون خط الفقر الدولي (5.5 دولار سنويا).
وفي هذا السياق عملت وزارة التنمية في اعداد دراسات اجتماعية عن الاسر الفقيرة وذلك لغايات شمولها بالتامين الصحي للاسر الفقيرة وتم إجراء (44.137) ألف دراسة اجتماعية لإصدار بطاقات التأمين صحي خلال عام 2020، وبشكل تراكمي خلال مدة أخر خمسة سنوات إجراء (191.808) ألف دراسة اجتماعية بهذا الخصوص.
وتعمل الوزارة إلى الجوانب التنموية ايضا بتقديم خدمات الإغاثة الطارئة للأسر الفقيرة ، وتم استهداف (60.000) ألف أسرة بهذه المساعدات في المملكة خلال العام (2020) بقيمة (6) ملايين دينار .