تغريدات ترامب لا عقل لمن لا ادب له

جفرا نيوز - مهدي مبارك عبد الله

قديما قالت العرب لا عقل لمن لا أدب له ومن اختال في ولايته إبان عن حماقته ويستدل على عقل المرئ بما يجري على لسانه العاقل من عقله

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل ومن أكثر الرؤساء نشاطا على موقع التواصل الاجتماعي يتابعه أكثر من 40 مليون و800 ألف تغريداته تكاد تكون يومية وغالبا ما تعبر عن مواقف رسمية للسياسة الأمريكي وقد أعلن ترامب ان استخدامه للسوشيال ميديا هو الرئاسة على الطريقة الحديثة بعدما أصبح مؤسسا حقيقيا لمرحلة جديدة من الاستخدام السياسي لوسائل التواصل الاجتماعي حين جعل حسابه على تويتر جزءا لا يتجزأ من رئاسته وقراراته إذ يستخدمه للترويج لأجندته والإعلان عن سياساته والهجوم على منتقديه حتى أن وزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون علم بإقالته من خلال تغريدة مقتضبة

ترامب عمد إلى حجب الكثير من المنتقدين له مما ومنعهم من الرد على تغريداته مما أثار عليه مشاكل قانونية بعد أن اعترض عدة أشخاص من المحجوبين وقد قالت القاضية في محكمة نيويورك ناعومي ريس باكوالد بهذا الخصوص إن التعليقات على حساب الرئيس وحسابات غيره من مسؤولي الحكومة تعد منتديات عامة وإن حجب مستخدمي تويتر بسبب آرائهم ينتهك حقهم في حرية التعبير بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي وقد منعت المحكمة الرئيس من حجبهم وحول ترامب حسابه إلى منصة لرئاسته يطلق من خلالها القرارات الكبرى ويحتفل بإنجازاته ويهاجم خصومه داخليا وخارجيا وقد بدأ ترامب إطلاق سيل تغريداته الرئاسية بعد أقل من ساعة من تنصيبه حيث يصر على استخدام حسابه في إهانة وتهديد خصومه والرد على الشائعات الكثيرة التي تتداول بحفه والتباهي من حين لآخر بانتصاراته وإنجازاته

وقد وجه ترامب تغريداته بالهجوم والانتقاد اللاذع لخصومه من الحزب الديمقراطي ومعارضيه من الحزب الجمهوري الذي ينتمي له وجاءت معظم التغريدات دفاعا من جانبه ضد الاتهامات الموجهة لفريقه الرئاسي بالتورط في اتصالات مع روسيا خلال فترة حملته الانتخابية

كما شن ترامب هجوما عنيفا على روبرت مولر المحقق الأمريكي الخاص الذي يحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية واصفا إياه بأنه شخص غير عادل وان فريقه يضم أكبر عدد من الديمقراطيين وانتقد ترامب في إحدى تغريدات التهكم محاميه السابق قائلا إذا كان أي شخص يبحث عن محام جيد فأنصحه بشده ألا يستعين بخدمات مايكل كوهين ولم تسلم وسائل الإعلام من هجوم ترامب فقد اشتعلت حرب التغريدات بينه وبين شبكة الأخبار الأمريكية إثر نشره تغريدة هاجم فيها شبكة CNN الأمريكية بقوله إنها تعد مصدرا مهما للأخبار الكاذبة

وتعطي صورة سيئة عن الولايات المتحدة للعالم بل ونشر مقطع فيديو يظهر فيه الرئيس يضرب " سي إن إن " ويطيح بها أرضًا وهنالك العديد من وسائل الاعلام الاخرى التي يتهمها ترامب دائما بنشر الأخبار الكاذبة وتعمد التلاعب بتصريحاته وتضليل الشعب الأمريكي وقد خصص حسابه لمهاجمة مذيعي قنوات الأخبار مثل ميكا برزيزينسكي من MSNBC والفنانين المعارضين له مثل ميريل ستريب وقد انتقم من وسائل الإعلام المعادية لسياسته بطريقة غير اخلاقية و قال إنه سيعلن عن جوائز لأسوأ وسائل الإعلام وأكثرها فسادًا في امريكا مؤكدًا على تويتر وأضاف سأمنح الجائزة لعدم النزاهة والتقارير السيئة لفئات مختلفة وللأخبار المزيفة داعيا إلى ترقب الإعلان عن موعدها

وعلى المستوى الخارجي هاجم رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي ونصحها بالتركيز على إرهاب الإسلام الراديكالي في بريطانيا بعد أن انتقدت إعادة نشره مقاطع فيديو يمينية متطرفة على حسابه كما لم يسلم صادق خان عمدة لندن الذي اتهمه بالاستخفاف بالتهديد الإرهابي وكتب في تغريدة له حيث قال قُتل 7 على الأقل وأصيب 48 آخرون في هجوم إرهابي ورئيس بلدية لندن يقول لا داعي للقلق

ولم يخف الرئيس الأمريكي وقوفه وراء قرار قطع العلاقات مع قطر اذ كتب في تغريدة له قبل ايام قليلة على قرار الحصار قال فيها من الجيد رؤية زيارتي للمنطقة ولقائي مع المعنيين تؤتي ثمارها حيث قالوا إنهم سيتخذون نهجا صارما ضد تمويل الإرهاب وكل المؤشرات كانت تشير إلى قطر

وفي تغريدة أخرى نشرها سابقا قال إن إيران كانت على وشك الانهيار قبل أن تزوّدها الولايات المتحدة بفرصة جديدة للحياة بـ 150 مليار دولار في إشارة إلى الأرصدة المجمَّدة التي أتاح الاتفاق النووي الإيراني لإيران استعادتها وقال ان إيران تلعب بالنار ولا تقدر كم كان الرئيس أوباما طيبا معها لن أكون هكذا وعلى وقع المظاهرات المتصاعدة في إيران لم يفوت ترامب الفرصة وأعلنها صريحة أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب ووصف النظام الإيراني بالوحشي والفاسد وأضاف ان الأموال التي قدمها أوباما للنظام الإيراني ذهبت للإرهاب وجيوب قادة النظام في طهران والولايات المتحدة تراقب ما يجري في إيران

وفي أول يوم من عام 2018 غرد عبر حسابه الرسمي المصغر تويتر موجهًا اتهامات عنيفة لباكستان قائلًا إن الولايات المتحدة منحت باكستان بحماقة مساعدات تجاوزت 33 مليار دولار على مدى 15 عاما ولم يمنحونا سوى الأكاذيب والخداع معتقدين أن زعماءنا حمقى وتابع كما أنهم يوفرون ملاذًا آمنًا للإرهابيين الذين نتعقبهم في أفغانستان دون مساعدة تُذكر وقد استخدم حسابه لتهديد الفلسطينيين وألمح في تغريدة له أن الولايات المتحدة قد توقف المساعدات المالية السنوية التي تقدمها للسلطة الفلسطينية وقال إن واشنطن تعطي الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنويا ولا تنال أي تقدير أو احترام وهم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل وأضاف طالما أن الفلسطينيين ما عادوا يريدون التفاوض على السلام لماذا ينبغي علينا أن نسدد لهم أي من هذه المدفوعات المستقبلية الضخمة

وعمل على استفزاز الزعيم الكوري الشمالي قبل لقائهما الأخير عبر تغريدة قال فيها زعيم كوريا الشمالية قال إن الزر النووي موجود على مكتبه طيلة الوقت هل يمكن لأحد من نظامه المتردي والجائع أن يخبره بأنني أنا أيضا لدي زر نووي لكنه أكبر بكثير وأكثر قوة منه زره كما أن جميع أزراري تعمل ووصف الرئيس الكوري بالرجل الصاروخ الصغير
وفي تغريدة فريدة قال أن روسيا تتعهد بإسقاط جميع الصواريخ التي ستُطلق على سورية استعدي يا روسيا لأنها ستأتي جميلة وجديدة وذكية لا ينبغي أن تكونوا شركاء لحيوان قاتل بالغار يقتل شعبه ويستمتع بذلك

وهنأ القوات الأمريكية بالضربة التي نفذها الجيش الأمريكي على مواقع الجيش السوري ولا ننسى هجومه على الأفارقة عندما وصف الأفارقة وهايتي بأوكار قذرة وحثالة وهي التصريحات التي أحدثت أزمة دبلوماسية كبيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول إفريقية وعلى إثرها استنكر سفراء دول المجموعة الإفريقية في الأمم المتحدة، تصريحات ترامب مطالبين إياه بالتراجع عن تصريحاته والاعتذار عنها وهو ما دفع وزارة الخارجية الأمريكية لتقديم اعتذار إلى تلك الدول حتى لا تحدث أزمة بين واشنطن والدول الإفريقية

وقد امتد إيذاءه عبر حسابه الى شركة أمازون أحد أهم الشركات العالمية قائلا إن أكبر شركات التجزئة الأمريكية أمازون بعكس الشركات الأخرى تدفع القليل من الضرائب وأحيانا لا تدفعها للحكومة وللحكومات المحلية وإنها تستعمل شركة البريد كصبي التوصيلات ما يلحق خسارة كبيرة بالاقتصاد الأمريكي فممارسة الشركة تدفع إلى كثير من الأميركيين العاملين في المجال إلى الخروج منه

وخلال عام 2017 نشر دونالد ترامب العديد من التغريدات العجيبة ومنها تلك التي صاحبت إمضاءه قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قال فيها لقد قررت أن الوقت قد حان لاعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل وفي ردود الفعل بشأن تغريداته أعلن الكرملين في روسيا اعتبارها مواقف رسمية مرفوضة

وأعلن في حسابه على تويتر أيضا تأييده للعرض الموحد من اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 ووجه تهديدا مبطنا إلى الدول التي ربما تعارض ذلك وفي تغريدة له كذلك لمح فيها إلى استخدام الأسلحة النووية الأمريكية ما أثار انتقادات بأن موقع التواصل الاجتماعي توتير يسمح بنشر تهديدات تدعو للعنف وقالت الصحفية ريتشل بيكر الكاتبة بموقع Verge فررت الغاء تطبيق تويتر من على هاتفها لأنها تريد أن تكون في نعيم الجهل عندما تحدث كارثة ترامب النووية وهي بعيدة عن الكومبيوتر

وقد احتار كثير من المحامين وعلماء النفس في تفسير الظاهرة الترامبية الغريبة وممارساته العجيبة بمهاجمة الجميع وإلحاق الأذى بهم عمدا وبصورة متكررة عبر منصته الالكترونية ووجدوا في الأمر تنمر مفرط من قبله على الانترنت والبعض الأخر وجد فيه سلوك بلطجي عبيط غير مبرر ودائما م كانت تغريدات تثير أزمات كبيرة سواء في الداخل الأمريكي أو فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية مع دول الخارج سواء بسبب هجومه على قادة دول وهو ما فعله مؤخرا مع رئيس الوزراء الكندي حيث قال عبر حسابه إن واشنطن لن توافق على البيان النهائي لقمة الـ7 الكبار وإعلانه سحب تأييده للبيان الخاص بالقمة مما اعتبرته الدول الأعضاء أنه محاولة لإفشال القمة

ومن الواضح ان جميع تغريدات ترامب تبدو صياغتها هشة ولا تساعد على رسم صورة محترمة لرئيس دولة عظمى قوي وجدير بأن يحسب له حساب وإن تغريداته واستمرار وجوده على تويتر يعرض العالم للخطر ويمثل خرقا للحظر الذي تفرضه تويتر على التهديد باللجوء للعنف حيث نظم بعض المستخدمين للموقع احتجاجا عند مقر تويتر في سان فرانسيسكو لمنع ترامب من استخدامه وقال الكاتب الصحفي الذي عمل في إدارة ريجان وجورج بوش ان تغريدات ترامب أكبر دليل على أننا نرى رئيسا أمريكيا تتحلل قدراته العقلية والنفسية والإدراكية ومن المرعب رؤية هذاالرئيس ليس في حال جيد لكنه على الأقل ما زال يصدر قوانين وبعد المصائب التي حلت برئيس حملته الانتخابية ومحاميه يشعر المتأمل في تغريدات الرئيس الأميركي على حسابه في موقع تويتر أنه بحالة غضب هستيرية مستمرة وشديد ووفقا لمصادر إعلامية أكد المستشارون المقربون من ترامب أنه يعيش حالة من الانهيار العصبي

الخلاصة ان ترامب رئيس متهور ومجنون يحكم العالم ويجره نحو ( الكراهية والعدائية والخراب بأسلوب غوغائي وبلطجي وبعقلية التاجر اليهودي شيلوك ودون أي اعتبار لمصالح بلاده ومصير العالم ) وبعد خسارته الانتخابات الأخيرة حاول عبر تغريداته تضليل الناس بان " إنهم يحاولون سرقة الانتخابات لن ندعهم يفعلون ذلك أبدا " دون أن يقدم دليلا على مزاعمه

أخيرا ماذا كان محتوى تغريدة ترامب التي كادت أن تتسبب بحرب عالمي يقول بوب وودورد أن محتوى التغريدة كان أمراً عسكرياً يقضي بإعادة 28500جندي أمريكي مع عائلاتهم من كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة هذه التغريدة كانت ستُفهم فوراً على انها إنذار حقيقي بوقوع هجوم أمريكي وشيك على كوريا الشمالية وجاء كلام بوب وودورد في كتابه الجديد ” الخوف ” وهو كتاب يكشف ملابسات وأسرار عن الرئيس دونالد ترامب
mahdimubarak@gmail.com