النسخة الكاملة

“كورونا” بين حكومتين.. إجراءات مشددة وانتشار كثيف للفيروس

الخميس-2020-12-30 12:09 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز – ضربت جائحة فيروس كورونا المستجد، مفاصل الحياة في الاردن اقتصاديا واجتماعيا وصحيا، حيث شهد العام 2020 إجراءات واحداثا لم يعهدها الاردنيون، من قبيل فرض الحظر الشامل والجزئي، بالتزامن مع تعطيل الدوائر الحكومية والخاصة، بما فيها تعطيل الدراسة المدرسية والجامعية، فضلا عن إجرءات واشتراطات صحية من قبيل التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامة، والقفازات، ناهيك عما سببته من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني، وتسريح عمال وتخفيض أجور.

البداية كانت من مدينة ووهان الصينية، عندما اخلى الاردن مواطنين أردنيين وعربا كانوا متواجدين في هذه المدينة، التي تُعتبر مصدر ظهور وباء كورونا، لتعلن الحكومة السابقة برئاسة عمر الرزاز آنذاك نشر ماسحات حرارية في المعابر، ووضع غرف عزل في المطارات، وحجر بعض المصابين دون تسجيل إصابات وقتها، بالإضافة إلى منع تصدير الكمامات الطبية خارج المملكة، وسط إطلاق حملات للتوعية كإجراء احترازي.

في آذار (مارس) 2020، كان الاردن على أول موعد مع الوباء، حيث سجل اول اصابة كانت مثار تندر لدى أردنيين، لمواطن عائد من إيطاليا، حيث خصصت الحكومة أكثر من منطقة عزل وحجر صحي للمصابين أو المشتبه بإصابتهم في مستشفيي الأمير حمزة والبشير الحكوميين، وفي عدد من الفنادق المستأجرة في منطقة البحر الميت، ولاحقًا في عمان والعقبة.

ورغم وجود إصابة واحدة، فقد بدأ تأثير "كورونا” على الاقتصاد كبيرا، حيث سجل القطاع السياحي إلغاء للعديد من الحجوزات لمجموعات سياحية، رافقها تأثر للأيدي العاملة، حيث سرحت الكثير من المؤسسات العديد من عمالها وموظفيها، فضلا عن ارتفاع معدل البطالة خلال الربع الأخير من العام 2020 إلى 23.9 %.

ومع إعلان "كورونا”، جائحة عالمية، قررت حكومة الرزاز وقف وإلغاء جميع الأنشطة والفعاليات والمؤتمرات والتجمعات النقابية، وتطبيق العمل المرن والعمل عن بُعد.

كما اتخذت الحكومة إجراءات صارمة فعلقت دوام المؤسسات التعليمية، وأقرت التعلم عن بُعد، وأوقفت الرحلات الجوية من وإلى المملكة وعطلت ممارسة الشعائر الدينية في دور العبادة (المساجد والكنائس) رغم ان حالات الإصابة كانت قليلة نسبيا.

ولكن بعد ارتفاع معدلات الإصابة، صدرت الإرادة الملكية السامية بالموافقة على تنسيب حكومة الرزاز بتفعيل قانون الدفاع وسط انتقادات شديدة، حيث اغلقت الحكومة مداخل ومخارج المحافظات ومنع التنقل، فيما بينها لتبدأ بصرف مساعدات نقدية وعينية للأسر المتضررة من الحظر، ومنح تصاريح تنقل لقطاعات محددة.

كما ألقت تداعيات كورونا ظلالها على كل مفاصل الحياة والقرارات الرسمية، حيث اعلنت حكومة الرزاز برامج لتقديم مساعدات نقدية للعاملين بأجر يومي، لأولئك الذين تضرروا من حظر التجول.

وبعدها عادت القطاعات الحكومية والاقتصادية للعمل، بعد تراجع عدد الإصابات بالفيروس وتسجيل حالات قليلة لعدة ايام حتى وصلت الى صفر حالة، فيما اعتمدت الحكومة آليات جديدة في نظام تنقل الأفراد، الزوجي والفردي، في حركة المركبات، واحيانا السماح للمواطنين بالسير دون مركبات.

ثم عاد حظر للتجوال، في شهر رمضان وكانت المساجد والكنائس، بلا مصلين فيما قدمت حكومة الرزاز آنذاك المصفوفة تلو الأخرى، ومعايير الاصفر والاخضر والاحمر لتلقي بها فيما بعد جانبا وكأنها لم تكن بعد ان خرجت الامور عن السيطرة.

فبدأت بفتح دور العبادة ضمن شروط صحية، والسماح للمواطنين بالتنقل بحرية بين المحافظات ضمن إجراءات محددة وفتح دور الحضانة والمقاهي والمطاعم والفنادق.

غير ان ارتفاع الاصابات عاد مجددا من المعابر الحدودية، وتحديدا من محافظة المفرق (معبر جابر)، التي شهدت تسجيل إصابات بفيروس كورونا، جراء مخالطة سائق شاحنة مصاب، ليدخل المئات من سائقي الشاحنات الحجر الصحي على الحدود.

وفي الأثناء، سمحت الحكومة للأردنيين في الخارج بالعودة على مراحل، وذلك بالتزامن مع دخول حالات المعابر التي زادت الطين بلة، لعدم اتخاذ الحكومة إجراءات ناجعة للمعابر الحدودية.

ومنذ بداية العام 2020 وحتى شهر آب (أغسطس)، كانت الامور مقبولة صحيا، رغم التشديدات، الا انها بدأت حالة جديدة وغير مسبوقة بزيادة عدد الاصابات، ما دفع الحكومة إلى إعادة الانتشار الأمني وفرض ارتداء الكمامة، تحت طائلة المخالفات المالية، مع مواصلة الحكومة التحضير لإجراء الانتخابات النيابية .

في أيلول (سبتمبر) عاد الطلبة الى مقاعد الدراسة، إلا أن قرار الحكومة بالتراجع عن القرار في ظل ارتفاع أعداد الإصابات بـ”كورونا” في ظل تعقيدات بالمشهد وتحذيرات وانتكاسات لواقع التعليم، فضلا عن اتهامات للحكومة بالتقصير بإدارة ملف المعابر الحدودية التي انتشر من خلالها الفيروس، لتعلن الحكومة حظرا شاملا كل يوم جمعة وسبت تم اقتصاره على يوم الجمعة لاحقا، ودخول المملكة في حالة من الانتشار المجتمعي للوباء.

وبعد ان وصلت الاوضاع الى مراحل غير مقبولة، جاء شهر تشرين الأول (اكتوبر) بأنباء عن رحيل حكومة الرزاز، حيث كلف جلالة الملك عبدالله الثاني، بشر الخصاونة بمقاليد الحكومة الجديدة.

جاءت حكومة الخصاونة في ظل تحديات كبيرة، تتمثل بارتفاع في عدد الإصابات اليومي، وكذلك وارتفاع معدلات الوفاة، فضلًا عن اقتصاد يئن، فيما أظهر مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2021، أن العجز في الموازنة سيصل إلى 2.05 مليار دينار.

كما ارتفع الدين العام المستحق على الأردن في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2020، إلى 11 %، أي ما قيمته 26.54 مليار دينار،مقارنة مع 23.9 مليار دينار مع نهاية العام 2019.

فباشر الخصاونة باطلاق برامج دعم بقيمة 320 مليون دينار لتخفيف آثار الجائحة من خلال دعم القطاعات المتضررة، وأعاد صياغة الإجراءات الطبية من جديد، عبر وزير الصحة نذير عبيدات الذي نجح في توسعة رقعة المستشفيات التي تستقبل حالات كورونا، فضلًا عن زيادة اعداد الاطباء وتنظيم العمل والعلاقة بين مختلف القطاعات الطبية والصحية، فكانت المستشفيات الميدانية الاربعة الحكومية ومثلها ثلاثة تتبع للخدمات الطبية الملكية.

إلى جانب زيادة رقعة المعالجات لوباء كورونا في القطاع الخاص، وتخفيض اسعار فحص الـ”بي سي آر”، إضافة الى سلسلة اجراءات في مختلف القطاعات اثارت ارتياحا كبيرا لدى المواطنين رغم قتامة موقف كورونا، وارتفاع معدلات الاصابة لتصل حاجز الثمانية آلاف اصابة ونحو 100 وفاة يوميا. 


الغد - محمود الطراونة