النسخة الكاملة

2020.. روزنامة “ثقيلة” بأحداث مأساوية تغلف العالم!

الخميس-2020-12-28 11:09 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز – اعتاد الجميع في نهاية كل عام، أن ينثروا آمالهم وأمنياتهم على أعتاب عام جديد مقبل علّه يحمل الفرح والخير بين جنباته، حملوا معهم أحلامهم في نهاية 2019، بانتظار ما سيخبئه 2020 من أحداث مفرحة، ولكن ما حصل جاء معاكسا لكل التوقعات والآمال.

عالميا ومحليا، حمل العام 2020 معه متاعب وضغوطات كثيرة،، وكأن الكثيرين كانوا على موعد مع كل ما هو غير متوقع، بعد أن اجتاح فيروس "كورونا” الخطير العالم أجمع وتسبب بوفاة أكثر من 1,7 مليون شخص منذ ظهوره، وأثر على كل مجريات الحياة وبدل من تفاصيلها.

التوقعات كانت بأن يحمل 2020 شعورا بالتفاؤل وبأن يكون رقماً مختلفاً عن أعوام سبقته، وأن يحمل الفرح في جعبته، لكن تلك المشاعر انقلبت رأساً على عقب منذ اليوم الأول من هذا العام، بسبب أحداث عالمية ومحلية فتكت بالكثيرين على مختلف الأصعدة، ولم تغب حتى عن الجوانب الشخصية في حياة الأفراد.

الحرائق، والأوبئة، والقتل، والكوارث الطبيعية، وسقوط الطائرات، والتفجيرات كانت أبرز عناوين العام 2020 حتى اليوم، ما جعل كثيرا من الناس متعبين ومثقلين، متمنين انتهاءه. ذلك ما تردد على ألسنة الناس وما كان منشورا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مثل "ما ضل غير تقوم القيامة 2020 لوين ماخدتينا”، "2020 الله لا يعيدك علينا”، "قتل، موت، حرائق، زلازل، حروب، وتفجيرات، أوبئة 2020 يارب نخلص منك”، "2020 سنة متعبة جداً”، "2020 أسوأ سنة بتاريخ البشرية”، "2020 متى تنتهين؟!”.

منذ اليوم الأول من العام 2020، بدأت الأحداث العالمية والعربية والمحلية تنهال على الناس، وإن لم يكن تأثيرها أو أهميتها متساوية لدى الأفراد، لكن تم ربط كل ما حصل أنه جاء في عام واحد ومنذ اليوم الأول في العام، لتكون "روزنامة” العام ممتلئة.

كانت البداية في الثاني من شهر كانون الثاني (يناير)، فكانت حادثة اغتيال قرب مطار بغداد بسقوط ثلاثة صواريخ على المنطقة. وشهد اليوم ذاته وفاة الإعلامية في قناة "العربية” نجوى قاسم إثر سكتة قلبية مُفاجئة داخل منزلها في دبي.
وبعد أيام قليلة من بداية الشهر حصل حادث تحطم الطائرة الأوكرانية، والذي اعتبر أكثر الحوادث دموية في ايران منذ أكثر من عقد.

ولم يكن الشهر الأول من 2020 قد انتهى حتى هبت حرائق مهولة في الغابات الأسترالية، وأودت بحياة العديدين وشردت الآلاف، أطلقت الحرائق حوالي 250 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

وفي شهر كانون الثاني (يناير) كذلك، فوجئ العالم والعائلة المالكة في المملكة المتحدة بإعلان الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل الانسحاب من العائلة المالكة، والتخلي عن مهامهما. وفي نهاية الشهر، توفي نجم كرة السلة الأميركي كوبي براينت وابنته جيانا و7 آخرين من أصدقائه في حادث تحطم طائرته الخاصة.

وبعد أن بدأت الكرة الأرضية تأخذ استراحة مما حل بها في أول شهرين من العام، وتتجه نحو التحسن، حتى جاءت الجائحة الأكبر مع انتشار فيروس "كورونا”، ما أثر على العالم كله دون أي استثناءات.

"جائحة كورونا” التي ما يزال العالم يعاني منها حتى اليوم، سببت أضراراً اجتماعية واقتصادية عالمية بالغة، كان من ضمنها وقوع أضخم ركود اقتصادي عالمي منذ الكساد الكبير، إضافة إلى تأجيل الأحداث الرياضية والاجتماعية والسياسية والثقافية، أو إلغائها في العديد من دول العالم.

كما أغلقت المدارس والجامعات والكليات في 190 دولة، ما أثر على نحو 73.5 % من الطلاب في العالم.

وفرض حجر صحي كامل، التزم به أغلب سكان العالم منازلهم كإجراء وقائي من المرض، وما تزال الدول تعاني حتى الآن من الفيروس وآثاره النفسية، وتسببه بمرض وفقدان الأحبة بشكل موجع.

ومن الجدير ذكره هنا أن هنالك وباء يضرب البشرية كل 100 عام، وتحديداً في العام العشرين، فبالنسبة للتسلسل التاريخي للأوبئة، فقد ضرب الطاعون العالم في العام 1720، والكوليرا في 1820، والانفلونزا الإسبانية في 1920، واليوم ينتشر وباء "كورونا” في العام 2020.

وكان للعنصرية نصيب في هذا العام، فقد قام عناصر من الشرطة الأميركية، في مدينة منيابولس، باعتقال مواطن ومعاملته بطريقة همجية، لمجرد أنه من أصول إفريقية، ما أدى إلى مقتله، وانطلاق المظاهرات والاحتجاجات في منطقة منيابولس سانت بول، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالعدالة ومحاسبة الفاعلين.

ولم تنته المآسي والمصائب والكوارث عند هذا الحد، فجاءت الفاجعة الكبرى التي حطت في لبنان وصنفتها على أنها مدينة "منكوبة”، وهو انفجار تم تشبيهه بانفجار "هيروشيما”؛ حيث وقع انفجار ضخم في مرفأ بيروت، في 4 آب (أغسطس) 2020، الأمر الذي أدى إلى أضرار كبيرة في المرفأ وخسائر بشرية وهلع ساد المدينة بأكملها، نتيجة قوة الانفجار والسحابة الدخانية الضخمة التي سببها.

فقد سجلت وزارة الصحة اللبنانية مقتل العشرات، وإصابة أكثر من عشرات الآلاف، في حين أشارت التقارير إلى نزوح أكثر من 300 ألف مواطن لبناني بسبب الدمار الذي لحق بمساكنهم، وقدر محافظ بيروت الخسائر المادية الناجمة عن الانفجار بما بين 10 و15 مليار دولار أميركي.

ولم تنته الأحداث عند لبنان؛ حيث إنه وفي اليوم الذي تلا انفجار بيروت، شب حريق في سوق عجمان الشعبي المكون من 125 محلا تضررت بالكامل، نتيجة وجود مواد سريعة الاشتعال، ليعقبه حريق ضخم اندلع في سوق الأعلاف في محافظة حفر الباطن؛ حيث إن الحريق أتى على أكثر من 20 شاحنة محملة جميعها بالأعلاف، بفعل قوة الرياح التي شهدتها المحافظة، والتي تسببت في سرعة انتشار الحريق. وفي الفترة ذاتها تم إخماد حريق اندلع في محافظة النجف في العراق، امتد على أكثر من 50 محلا تجاريا، والسبب الرئيسي للحريق هو تماس كهربائي، وكان قد حدث انفجار ضخم وكبير في مدينة حدودية في كوريا الشمالية، نتيجة لتسرب غاز.

ولم يتوقف الأمر هنا ليأتي الفيضان ويجتاح ولايات عدة في السودان، وتسبب الفيضان في تدمير نحو 26 ألف منزل، كما غمرت المياه مساحات زراعية كبيرة في بعض المناطق، عدا عن تضرر أكثر من 194 ألف شخص، ولم يتوقف الأمر هنا ليأتي الفيضان ويجتاح ولايات عدة في السودان، وتسبب الفيضان في تدمير نحو 26 ألف منزل. وجاءت بعدها النيران لتلتهم مساحات واسعة من أحراج سورية ولبنان، وقد اقتربت في بعض المناطق من منازل المواطنين.

واندلعت النيران في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية السورية ملتهمة مئات الهكتارات من غابات المناطق الساحلية ومناطق جبلية عدة في أرياف المحافظات منها جبلة ومشتى الحلو وصافيتا وتلكلخ وبلوران وصولا إلى وجبال منطقة القرداحة، كما ألحقت الحرائق أضرارا واسعة بالبساتين والحقول الزراعية والأراضي الحرجية وتسببت في هدم أبنية ومصانع كبرى، وتخلل عمليات الإنقاذ وإخماد الحرائق صعوبات عديدة بسبب وعورة التضاريس والرياح القوية، حسب وسائل إعلام رسمية.

وتصدر وسم "#سوريا-تحترق” مواقع التواصل؛ إذ عبر العديد من المشاهير والفنانين من خلاله عن حزنهم لما حل بالأراضي السورية.

هذه الكوارث التي حدثت، وأكثر، ما جعل الناس يعيشون في هلع وخوف من كل ما هو مقبل، متسائلين: "2020 ماذا بعد؟!”.

وفي الأيام الأخيرة للعام الحالي، جاء الخبر الصادم بظهور السلالة الجديدة من فيروس "كورونا” المستجد التي تنتشر في بريطانيا، وهي بمعدل وسطي معدية بنسبة 56 بالمائة أكثر من النسخة الأولى. النوع المتحور من الفيروس الذي ظهر في جنوب شرق بريطانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) من المرجح أن يزيد من الوفيات خلال العام المقبل وكذلك من حاجة المصابين لدخول المستشفيات لتلقي العلاج.

الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، يقول إن دلالات 2020 لم تكن مبشرة بالخير، وهو ما يفسر المعاناة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يعيشها العالم أجمع.ويشير الى أنه وبالرغم من صعوبة ما حدث والمآسي التي رافقت هذا العام منذ بدايته، لكن لا بد من النظر الى الجوانب الإيجابية للحصول على بعض التفاؤل، والنظر الى أن ما حدث استطاع توحيد العالم على شيء واحد وزاد من العمل الإنساني وخلق روح المشاركة عند الناس.

ويعتبر الخزاعي أن التعاون والتكاثف بين أفراد المجتمع والعدالة والتساوي، هي أمور ظهرت بعد كل الأزمات، مبينا أن ذلك جعل الجميع يبحث عن العدالة ورفض التمييز، مبينا أن طاقة الشخص لابد أن تكون إيجابية، لكي يتجاوز الصعب.

ويشير الى أهمية تكاتف المجتمع على أمل أن يكون كل ما هو مقبل أفضل، معتبراً أن هذا الترادف في الأرقام يتطلب من الناس التشابه في المواجهة للتغلب على كل العقبات التي واجهتهم خلال هذا العام.

ويذهب الاختصاصي النفسي الدكتور يوسف مسلم، إلى أن هذا العام يعد "ثقيلا” جداً، وأصعب ما حدث اجتياح الوباء، وتأثر كل العالم به مرة واحدة.

ويشير الى أن كثرة الضغوط النفسية على الإنسان، أوجدت لديه حالة من الإجهاد النفسي، ويختلف التعامل مع هذا الأمر من شخص لآخر، وبحسب قدرة تحمله، وهناك أشخاص تكون مهاراتهم قليلة، بالتالي فإن الإجهاد النفسي عليهم يكون أعلى وأقسى.

وواقعيا، يرى مسلم أنه لا يمكن ربط هذه الأحداث بالعام، كون الأمور والصعوبات والأحداث المتعبة وما نمر به، يمكن أن يأتي في أي وقت، وذلك غير مرتبط برقم معين للعام، وانتهاء العام لا يعني أن الأمور ستنتهي في آخر يوم بها، مبينا أنه وتحت الضغط والإرهاق المتواصل يربط الإنسان أحيانا الأحداث السيئة بتواريخ معينة.

ووفق مسلم، ينبغي على الإنسان، مهما كانت الأحداث مؤلمة، محاولة تجاوز المحن والصعاب بتفاؤل وبروح إيجابية.

الغد