جفرا نيوز -
جفرا نيوز- بقلم المحامي الدكتور سليمان ابو عتمة
نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن بسبب سوء الأوضاع الأمنية في الدول الشقيقة المجاورة وخصوصاً العراق وسوريا وتوقف التجارة البينية بسبب إغلاق الحدود وتوقف التصدير وانخفاض القدرة الإنتاجية للمصانع والشركات الاردنية لإنخفاض القدرة التسويقية والتصديرية وعدم توفر السيولة المالية لتمويل الإنتاج وتوقف الائتمان وتشدد البنوك في منح التسهيلات المالية والقروض، وحيث أن الأردن يعتمد بشكل كبير على التصدير للسوق العراقي حيث انه يستحوذ على نسبة كبيرة من حجم تجارته الخارجية، وكذلك ومنذ بداية عام (2020) ونتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن بسبب تبعات جائحة فيروس كورونا وإنخفاض القدرة الشرائية للمواطن الأردني أثر ذلك بشكل كبير على الشركات الأردنية مما أدى الى تعثرها واعسارها وبالنتيجة توقفها وعجزها عن تسديد التزاماتها المالية تجاه دائنيها، فإذا تم تصفية الشركات المتعثرة مباشرة فانه سيؤدي الى فقدان الآف الموظفين لوظائفهم وعدم تحقق مصلحة الدائنين باسترداد ديونهم من الشركات المتعثرة، وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني.
المشرع الأردني اوجد الحل لإنقاذ المشروعات الإقتصادية المتعثرة من خلال سن قانون الإعسار رقم (21) لسنة (2018) الذي حدد الوسائل والإجراءات القانونية التي تستطيع المشروعات الإقتصادية المتعثرة اللجوء إليها عند إشهار إعسارها، وذلك بتقديم خطة إعادة تنظيم لترتيب أوضاعها الاقتصادية والاستمرار في مزاولة النشاط بدلا من التصفية، وكذلك قام بإصدار نظام الإعسار رقم (8) لسنة (2019)، وبناء على قانون الإعسار تم إلغاء المواد القانونية التي تتحدث عن الإفلاس والصلح الواقي من الإفلاس التي نص عليها قانون التجارة الأردني، وبناء على نظام الإعسار تم إلغاء نظام تصفية الشركات رقم (122) لسنة (2017).
ويهدف قانون الإعسار الى إيجاد الطريق لمعالجة الشركات المتعثرة ومساعدتها على إعادة ممارسة نشاطها الإقتصادي دون اللجوء إلى التصفية، من خلال هيكلة النشاط الإقتصادي ويتضمن اندماج الشركة مع غيرها من الشركات او تجزئة سهم الشركة أو غيرها من الإجراءات التي تؤدي لإعادة هيكلة النشاط الإقتصادي أو من خلال هيكلة الديون ويتضمن إما تخفيض الديون أو إعادة جدولتها أو رسملة الديون أو غيرها من الإجراءات التي تؤدي لإعادة هيكلة الديون.
وعرف المشرع الأردني الإعسار بأنه: "توقف المدين أو عجزه عن سداد الديون المستحقة عليه بإنتظام أو عند تجاوز إجمالي الإلتزامات المترتبة عليه على إجمالي قيمة أمواله"، والمدين هو الشخص الطبيعي ( الإنسان) الذي يمارس العمل التجاري أو من أصحاب المهن المسجل والمرخص حسب القوانين ذات العلاقة أو الشخص الإعتباري (الشركة) الذي ينطبق عليه أحكام قانون الإعسار، وبالتالي يسعى القانون للسماح للنشاط الإقتصادي المعسر بإعادة تنظيم إعماله.
ويتم إعادة هيكلة النشاط الإقتصادي للمدين المعسر من خلال تقديم خطة إعادة تنظيم النشاط الإقتصادي تقدم من المدين أو من دائني المدين أو من وكيل الإعسار المعين من قبل المحكمة وذلك لتجنب اللجوء للتصفية بسبب إعسار المدين، على ان تكون خطة إعادة التنظيم مبنية على فرضيات معقولة وقابلة للتطبيق وبيان التدفقات النقدية التي سوف تنتج عند تطبيق خطة إعادة التنظيم.
قانون الإعسار منح المدين المعسر عدد من المزايا التي يتمتع بها بموجب أحكام قانون الإعسار عند قبول طلب إشهار إعساره من قبل المحكمة المختصة ومنها ما يلي:ـ
أولا: عدم سماع أي دعوى ضد المدين بعد إشهار إعساره وعلى اي شخص يدعي وجود دين له على المدين تسجيل مطالبته لدى وكيل الإعسار.
ثانياً: عدم التنفيذ على أموال المدين بعد إشهار إعساره وتوقف إجراءات التنفيذ التي بدأت قبل إشهار إعساره.
ثالثاً: عدم جواز إلقاء الحجز على أي من أموال المدين بعد إشهار إعساره، بما في ذلك الديون المستحقة لخزينة الدولة.
رابعاً: توقف إجراءات التنفيذ على أموال المدين التي تمت قبل إشهار إعساره.
خامساً: توقف إحتساب الفوائد وغرامات التأخير على ديون المدين من تاريخ إشهار إعساره.
سادساً: حق المدين أو وكيل الإعسار في إنهاء بعض العقود أو طلب فسخها حسب مقتضى الحال والتي ابرمها المدين قبل إشهار الإعسار إذا كان ذلك يحقق مصلحة للمدين.
سابعاً: الحق في إنهاء عقود الإيجار قبل إنتهاء مدتها ودفع بدل الإيجار المستحق حتى تاريخ إخلاء المأجور وإعفاء المدين من أجور بقية مدة العقد.
ثامناً: الطلب من المحكمة تعديل عقود العمل أو إنهائها.
وغيرها الكثير من الامتيازات التي تهدف الى حماية النشاط الإقتصادي وإعادة هيكلته وعدم اللجوء إلى تصفية المشاريع الإقتصادية، وتجنب الآثار السلبية التي تنتج عن تصفية الشركات المتعثرة وتأثيرها على الإقتصاد الوطني.
ومن خلال الإطلاع على بنود وأحكام قانون الإعسار ونظام الإعسار فأن هناك فرص حقيقية للمنشأت الإقتصادية المتعثرة للإستفادة من أحكامه وتجنب التصفية وأثارها السلبية وإعادة الحياة للنشاط الإقتصادي المتعثر.