النسخة الكاملة

افغانستان في حالة حرب مع كورونا .. فكيف ستتخلص منه ؟

الخميس-2020-12-18 07:28 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كانت صفية حاملا في شهرها السابع عندما اخترقت رصاصة طائشة جسمها أمام منزلها. وبعد أن قطعت مسافة عدة ساعات لتصل إلى أول مرفق صحي – إذ اضطرت لأخذ طريق أطول لتجنب مناطق المعارك – وصلت إلى مستشفى بوست الإقليمي المدعوم من أطباء بلا حدود في مدينة لشكر كاه، عاصمة إقليم هلمند.

توكان مستشفى الإصابات البالغة الذي يضم 100 سرير مليئا بالجرحى خلال 24 ساعة من المعارك الشديدة، بينما كانت فرقنا تحضّر لتكييف العمل بمقتضى فائض المرضى جاءت صفية. خضعت صفية لعملية قيصرية لإنقاذ حياتها، لكن بالرغم من جميع الجهود، فطفلتها التي انتظرت أربعة أعوام لتحمل بها لم تعش. لقد قتلت الطلقة طفلتها وهي في بطنها.

صفية تمثل المصاعب التي يواجهها المرضى في الحصول على الرعاية الصحية في أفغانستان، وسط سنة تاريخية للبلاد، وقعت فيها الولايات المتحدة اتفاقا مع طالبان، يمهد الطريق لانسحاب مشروط للقوات الأمريكية.

وبالرغم من الاتفاق، لم تشهدمنظمة أطباء بلا حدود منذ عام 2016، عنفا كالذي حدث في أكتوبر. ففي غضون أسبوع واحد فقط حيث كانت فرق المنظمة تستجيب فقط لفائض الجرحى عالجنا 62 مصابا بأعيرة نارية أو بشظايا ناجمة عن القصف وإصابات ناجمة عن انفجار قنابل وعبوات ناسفة.

وقالت ماريانا كورتيسي، منسقة مستشفى أطباء بلا حدود: " لم يكن مصدر قلقنا الجرحى فقط، ففي كل أسبوع من تلك الفترة كان عدد المرضى الذين يتم فرزهم في قسم الطوارئ ينخفض بمقدار 700 مريض، وانخفض عدد المرضى الذين يدخلون قسم الرقود بنحو 100 مريض. ودلَّ هذا على أن الناس الذين لديهم إصابات أو أمراض مهددة للحياة لكن غير مرتبطة بالنزاع لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفى بسبب انعدام الأمن على الطرقات".

معاناة مراد

مراد خان، مريض في برنامج السل الذي تديره أطباء بلا حدود في قندهار. وقد أخبر المنظمة أن أحد الطرق التي كان يسلكها لاستلام دواء السل خاصته لم يعد آمنا. وفي الكثير من الأحيان بينما يسافر من إقليم إلى آخر للوصول إلى مركز علاج السل يضطر للانتظار حتى 5 ساعات حتى تهدأ المعارك ثم يواصل رحلته. وكان يسافر مع 4 من أبنائه المصابين بالسل أيضاً.

وسواء يصاب الناس بالأعيرة النارية أو يُشخَّصون بالسل، فالنتيجة ذاتها بدون وجود مرفق صحي يعالجهم. ولا يستطيع الآخرون الوصول إلى الخدمات القليلة المتوفرة بسبب انعدام الأمن أو تكاليف التنقل أو الوصول إلى مرفق لا يوفر علاجاً لحالتهم. بالنسبة للنساء الأفغانيات يشكل الوصول إلى الرعاية الصحية تحدياً أكبر، إذ ينبغي أن يكون هناك مرافق مستعد لمرافقتهن.

فقدان الأمومة

شاملة، عمرها 31 عاماً وهي أم لستة أولاد. وصلت إلى مستشفى الأمومة الذي تديره أطباء بلا حدود في مدينة خوست في نوفمبر. وكانت مشاكل أسرية حالت دون ولادة أربعة من أولادها في المستشفى، لكنها تمكنت من إقناع بعض أفراد أسرتها من مرافقتها للمستشفى في ولادة آخر طفلين لها إذ كانت تشعر بالضعف الشديد.

وعندما بدأت تشعر بآلام المخاض في حملها الأخير، طلبت أيضا من أفراد أسرتها الذكور أخذها إلى المستشفى. كان الوقت مساء ورفضوا أخذها، خشية التعرض لهجوم على الطريق. وقالوا لها أن عليها أن تحتمل الألم حتى الصباح. وفي اليوم التالي عندما كانوا في طريقهم إلى مستشفى الأمومة فقدت شاملة جنينها.

رحلة النازحين

تعيش قمر جول في مخيم للنازحين في هرات، في غرب أفغانستان، منذ 3 سنوات. جاءت إلى هرات من منطقتها في إقليم فارياب بعد أن هوجمت نقطة التفتيش التي كان يتموضع فيها زوجها. ومن حينها لم تسمع عنه شيئاً ولا تدري إن كان مازال حيا.

في ديسمبر 2018 أنشأت أطباء بلا حدود ما كان ينبغي أن يكون ’عيادة شتوية‘ فقط، لتقديم الرعاية الصحية للأطفال ضمن الأسر النازحة حديثا إلى هرات.

ومع ارتفاع عدد الناس وتزايد الاحتياجات الصحية في المخيمات ومغادرة منظمات أخرى، بقيت عيادتنا الوحيدة في المنطقة.

وبالرغم من طول المعاناة التي يكتنفها العيش في مخيم مرتجل يُعدُّ حلا مؤقتاً فقط، فلا تشعر قمر جول بعد أن الوضع أصبح آمناً للعودة إلى بيتها مع بناتها.

السفر إلى مرافق الرعاية الصحية في أفغانستان أمر خطير، لكن الوصول إلى أحدها لا يضمن سلامة مرضانا أيضا. لقد مر المرضى وطوام أطباء بلا حدود بهذه التجربة المؤلمة صباح يوم 12 مايو، عندما اقتحم مسلحون جناح الأمومة الذي تديره أطباء بلا حدود في مستشفى دشت برجي الذي يضم 100 سرير في غرب كابل.

وقد قتل المهاجمون بالرصاص 16 أما في أسرتهن – بينهن 5 كانوا على وشك الولادة – وزميلتنا القابلة مريم، وطفلين كانا هناك لأخذ لقاح دوري  و6 أشخاص آخرين.

وقع هذا الهجوم الوحشي بعد 5 سنوات من غارة أميركية دمرت مركز أطباء بلا حدود لعلاج الإصابات البليغة في قندوز وأودت بحياة 24 مريضاً و14 موظفاً وأربعة مرافقين لمرضى.

ما زالت أفغانستان تشهد هجمات على المرافق الطبية حيث سُجلت 67 حادثة من قبل منظمة الصحة العالمية بين يناير وأكتوبر 2020.

ويستمر العنف العشوائي في كونه السبب الرئيسي لإصابات المدنيين، كما أن أنشطة الحياة اليومية كالسفر إلى ومن مرافق الرعاية الصحية تعرّض حياة الناس لخطر الإصابة أو الموت. الطرق في الغالب غير سالكة بسبب المعارك الدائرة أو أنها مزروعة بالعبوات الناسفة.

وإذ يعد الوصول إلى الرعاية الطبية من بين الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في أفغانستان، فإن منظمة أطباء بلا حدود قلقة من مرضاها الذين يعلقون وسط المعارك الدائرة أثناء محاولتهم الوصول إلى المرافق الصحية. كما نلاحظ أيضاً تناقضاً بين الرواية الرسمية حول المكاسب المدعومة دولياً على صعيد نظام الرعاية الصحية العامة وبين الواقع على الأرض.

وكالات 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير