النسخة الكاملة

استعادة الثقة بمجلس النواب مرهونة بتفعيل دوره الرقابي

الخميس-2020-12-14 10:49 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب - د. هايل ودعان الدعجة 

اللافت في اداء مجالس النواب تركيزها على البعد التشريعي على حساب البعد الرقابي . ورغم ذلك فان المواطن لا يكون بصورة النقاشات والجهود الكبيرة التي تبذلها اللجان النيابية ، التي باتت تشكل مطبخ التشريع ، وتشهد النقاشات المختلفة المتعلقة بالتشريعات والقوانين وتشبعها بحثا من خلال اللقاءات النقاشية والحوارية المتعددة التي تعقدها مع الاشخاص والجهات ذات العلاقة . وذلك بسبب عدم تغطية هذا الدور التشريعي الكبير الذي تقوم به اعلاميا ، وبالتالي فان من الطبيعي ان يكون الحكم على الاداء النيابي في هذا الجانب التشريعي مقتصرا على ما يتم عرضه وتداوله من قبل اعضاء المجلس ، والذي بالكاد يذكر اذا ما قورن بما تقوم به اللجان بوصفها مطبخ التشريع من جهد ونشاط كبيرين . 

عدا عن العقدة او النظرة السلبية وما يصاحبها من تعليقات ( ساخرة ) من قبل بعض المواطنين لكل شيء يتعلق بالتصويت تحت القبة ، خاصة عندما تكون نتيجته بالموافقة . يترافق ذلك مع ما يمكن ملاحظته من عدم اهتمام ومتابعة من قبل الشارع الاردني للجانب التشريعي على اهميته اصلا ، وميله أكثر الى ما يتم من نقاشات ومداولات حول قضايا وملفات اخرى تحت القبة ، وما قد يصاحبها من مناكفات ومشادات وخلافات واشكاليات احيانا . وان هذه النقاشات غالبا ما تثار بفعل الدور الرقابي الذي يمارسه مجلس النواب من خلال الادوات الرقابية التي يمتلكها في تعامله مع الحكومة ومتابعته لادائها واليات عملها ، كالاسئلة والاستجوابات وطلبات المناقشة والمذكرات المختلفة ( وبند ما يستجد من اعمال ) وغيرها ، والتي تمثل ضوابط ومعايير من اجل ضبط اداء الحكومه وتوجيهه الى المسار الصحيح ، بطريقة تجعلها تشعر بانها تحت مجهر رقابة المجلس ، الذي سيشعر نتيجة لذلك باهتمام القواعد الشعبية ورضاها عن ادائه . الامر الذي يتطلب من رئاسة المجلس ايلاء الدور الرقابي الكثير من الاهتمام عبر تكثيف الجلسات الرقابية ومساواتها بالجلسات التشريعية مثلا ، وتفعيل الادوات الرقابية التي تعكس اهتماما نيابيا بقضايا وطنية مختلفة ، يفترض ان يكون المجلس بصورتها ، وبصورة موقف الحكومة وسياستها منها وكيفية تعاطيها معها .

  مما يتطلب من رئاسة المجلس ايضا ، مطالبة الحكومة والزامها بالاجابة على الاسئلة النيابية والرد عليها ، وكذلك تحديد موعد المناقشة في الاستجوابات ضمن الفترة الدستورية المحددة ، وادراجهما على جدول اعمال الجلسات الرقابية اولا باول دون تأخير او تأجيل حتى لا تفقد تأثيرها وأهميتها ، والحال ينطبق ايضا على طلبات المناقشة التي تنطوي على طرح قضايا وطنية للمناقشة والحوار وتبادل الراي مع الحكومة ليطلع المجلس على سياسة الحكومة تجاهها ، والعمل على تخصيص جلسات لها باسرع وقت ، خاصة اذا ما كانت تتعلق باحداث وقضايا الساعة . كذلك فان الوظيفة الرقابية وتوظيفها بالشكل المطلوب من شأنها الاسهام باستعادة المجلس لثقة المواطن ، خاصة عند مراقبته ومتابعته لاداء الحكومة وخططها وسياساتها وبرامجها ، المتعلقة بالمشاريع التنموية والرأسمالية والخدمية المرتبطة بالبنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين في الصحة والتعليم والنقل والطاقة والحماية الاجتماعية وغيرها . شريطة ان يحرص كل نائب على شمول المنطقة الانتخابية التي يمثلها بهذه المشاريع والخدمات ، الامر الذي سيكون موضع اهتمام المواطن الذي سيقابله بالرضا والارتياح ، وبصورة سوف تنعكس ايجابيا على نظرته لهذا النائب وتقييمه والحكم على ادائه  .

ان مثل هذه الاجواء الايجابية المصاحبة لتفعيل الدور البرلماني الرقابي ، ستجعل الحكومة تحسب حسابا للمجلس عند حضورها الجلسات الرقابية تحديدا ، بحيث تكون مستعدة لكل الاحتمالات الممكنة التي تمليها الاجواء الرقابية ، مما سيرفع من سوية اداء مجلس النواب ، ويغير من الانطباع السلبي المأخوذ عنه من قبل القواعد الشعبية التي تراجعت ثقتها به في السنوات الاخيرة ، كما تعكس ذلك نسبة الاقبال الضعيفة على المشاركة في الانتخابات النيابية . فاذا ما اراد المجلس تحسين صورته واستعادة ثقة المواطن وتعزيز حضوره كمؤسسة دستورية وطنية لها كيانها ومكانتها في النظام السياسي الاردني ، فعليه تفعيل دوره الرقابي بعيدا عن توظيف ادواته الرقابية في المناكفات والابتزازات والاستفزازات لتحقيق مصالح ضيقة واجندات خاصة .