النسخة الكاملة

الأردنيون عيونهم نحو 98 نائب جديد ومراقبة مفاجآت ومطبات محتملة في «سنة أولى برلمان»

الخميس-2020-12-05 10:16 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - ثمة صعوبات لا يمكن إنكارها عندما يتعلق الأمر بمحاولة رسمية مستميتة تظهر ملامحها في المشهد المحلي الأردني لترتيب أوراق مجلس النواب الجديد.

القلق والخوف وأحيانا الارتباك، ملامح مستقرة في هذا السياق. والسبب مجدداً أنها قد تكون المرة الأولى التي تنتهي فيها انتخابات نيابية عامة بفوز ووجود نحو 100 وجه ورمز جديد ينضمون للمسرح التشريعي والاشتباك البيروقراطي، الأمر الذي لم يحصل في الماضي؛ لأن الحديث هنا عن 100 عنصر جديد يبحثون عن موقع وحضور ونفوذ من 130 نائباً هم قوام مجلس النواب ودفعة واحدة.

زحام كراسٍ بين 100 وجه جديد على الأقل وتكتلات تحتاج للسلطة

حصل ذلك بطبيعة الحال جراء التقديرات في مواقع القرار المركزي التي فهمت مبكراً بأن الشارع لم يعد يحتمل مجلس النواب السابق. لكن ذلك التقدير انتهى بانتخابات تجاذبية، اجتماعياً ومناطقياً وعشائرياً، فيها الحد الأدنى من المعارضة، ويكاد لا يذكر، في الوقت الذي يستغرب فيه منهجيون في صف الأحزاب المعارضة إصراراً على التراكم الملموس في الثقل التقليدي لممثلي الشعب، وأفقاً لتعبير استعمله على هامش نقاش مع القيادي الشاب في الحركة الإسلامية الدكتور رامي العياصرة.

وعندما يتعلق الأمر بتشخيص الواقع الموضوعي، يضرب العياصرة وبدون قصد مسبق، على وتر كلفة الإصرار على تكريس الأمر الواقع بسلوك ومنهجية بعيدين عن مضمون ومنطوق الإصلاح السياسي المؤسساتي، حيث الانتقاص لأي سبب وبأي تكنيك، برأي القيادي المعارض أيضاً الشيخ مراد العضايلة، من قيمة الرأي الآخر والإصلاح السياسي ومن شرعية العملية الانتخابية، انتهى دوماً بتجارب مرتبكة وبقرارات حل لمجالس النواب قبل انتهاء صلاحيتها الدستورية. لكن مواقع القرار تعتقد بأن الوقت فات الآن على التشخيص، ولا تلتفت كثيراً لمثل هذه الآراء.

وما سمي بعملية الهندسة يعود للواجهة، في محاولة محفوفة ببعض المخاطر لترتيب أوراق مجلس نواب جديد يبحث عن فرصة، وتبحث الدولة عبره وبواسطته في المقابل عن فرصة فعلية لإعادة الهيبة المؤسسية والدستورية لدور المجلس النيابي، وهي تعبيرات استعملها أيضاً على هامش نقاش مع « النائب عبد المنعم العودات وهو يحاول الرد على استفسار له علاقة بالأسباب التي دفعته للترشح بحماسة لانتخابات رئاسة المجلس.

بعيداً عن حسابات تلك الانتخابات وما حصل معها سابقاً وسيحصل لاحقاً، يمكن رصد بعض ملامح الارتباك المبكرة وبعض الطروحات التي تبدو نتائجها في الموازنة، ولو على المستوى النيابي الفردي، بين خطاب كتلوي سياسي بمساحة وطنية هذه المرة يساعد الدولة والناس والمجلس نفسه، وبين خطاب خدماتي لا يقف عند حدود تكريس الهويات الفرعية في عملية التمثيل فقط، لكنه يمكن أن يعيد استنساخ تجارب مؤسفة في الماضي عنوانها الاصطفاف والتكتل عبر بوابة السلطة فقط، وعنوانها ظواهر طالما استخدمها الشارع سياسياً و»منصاتياً» في انتقاد مؤسسة البرلمان السابق، مثل ظاهرة نواب الـ «ألو» حيث الهواتف الخلوية تحدد مسارات التشريع والرقابة بصورة تفضح أحياناً الكولسات ونفوذ السلطة التنفيذية القوي في العمق البرلماني.

يختبر النواب الجدد الآن مستوى حضور الهاتف، لكن الجديد وبسبب الاحتقانات الاجتماعية التي أثارتها الانتخابات الأخيرة أصلاً أن الجميع في الأثناء يراقب اليوم الهواتف نفسها.

ويتوقع صياغة ما لأسلوب جديد في إدارة مصالح ومشاريع وقوانين اتجاهات الدولة بعيداً عن الفكرة التي كانت سائدة في الماضي، ليس عبر اتصالات الكولساتية والمزارع فقط، ولكن أيضاً عبر تقنيات تسقط قواعد اللعب المكشوفة والمألوفة في الماضي عندما كانت تخاطب بعض النواب على الأقل باعتبارهم مجرد «أصوات ترفع الأيدي» فقط عند التصويت المطلوب».

يقر أقطاب البرلمان الجديد، وبينهم العودات والدكتور عبد الرحيم الازايدة -وقد استمعت «القدس العربي» لهما- بأن العمل المؤسسي الدستوري أولوية اليوم، وذلك ليس لظروف معقدة واستثنائية فحسب، ولكن أيضاً لأن الدولة قبل الشارع معنية بتأسيس مساحة منصفة لمؤسسة النواب في السياق الدستوري.

يبدو مثل هذا الطرح أقرب إلى الخطاب الرومانسي، لكن الرومانسية السياسية مطلوبة أيضاً؛ لأن الرهان هنا على المشكلات والتحديات خلافاً للمصالح. والأهم أن تجربة البرلمان ستولد في افتتاح رسمي الخميس المقبل، وهي تتحرك بزحف وبطء بين بعض الألغام.

ثمة مشكلات بطبيعة الحال مبكراً، من بينها سعي شريحة المتقاعدين العسكريين تحديداً لدور وحضور متقدم في مجلس النواب، بصرف النظر عن الخبرة السياسية والتشريعية حتى عندما تتوفر طبعاً الخبرة الوطنية والمهنية.

وتكسب هذه الشريحة أهميتها ووزنها من العدد الكبير للمقاعد التي فاز بها متقاعدون عسكريون.
مشكلة أخرى لها لون مختلف؛ فالنواب الجدد عددهم كبير جداً ويزيد عن 80% وهؤلاء بالعادة لديهم حساسية سريعة من رفاقهم القدماء الذين يشكلون اليوم أقلية. ولا يخفف من حدة هذه الحساسية، كمشكلة، من إدارة المشهد إلا التوزيع الأفقي للتكتلات والكتل التي ستتشكل. ولأن خبرات النواب الجدد في السياق شبه منعدمة أو محدودة، سيضطر الجميع لتدخل هندسيي من خارج القبة حتى يضمن ذلك التوزيع المنصف في تشكيل الكتل، ما سيلحق ضرراً مستقبلاً بنظام الخدمات ويشكل أساساً لابتزاز الحكومة خدماتياً ويرهق الدولة في توزيع المكاسب. الأهم أن تدخل الهندسة مجدداً في تشكيل كتل منضبطة سيكرس الصورة السلبية عند الرأي العام عن مجلس نواب جديد لا ذنب له في الواقع.

يبحث النواب الجدد بعد الحصول على مقاعدهم عن مساحاتهم في التأثير والاختيار والانتقاء، وقد أظهر عدد كبير منهم ما يشبه صيغة أقل بقليل من الاعتراض تتغذى على الرغبة في الظهور في مواجهة ترتيبات يعتقد أنها توافقية تتم خارج المجلس والقبة.

هنا حصرياً قد تنتعش المناكفات. وقد تنتعش أيضاً –وهذا سيناريو لمسه المراقبون الخبراء– سلوكيات المكيدة والتوريط عند نواب قدماء أصحاب خبرة يعتبرون أنفسهم أكثر خبرة من الجدد، ويستعدون في السايكولوجيا السياسية لإظهار السلطة وقد أخطأت في حسابات إقصائهم، وفي منهجية تجديد الدماء، وتغيير الرموز بصورة أفقية.

لا يبدو الأمر بصفة عامة مستحيلاً، وسنة البرلمان الأولي قد تحفل بالمفاجآت والمطبات. وليس صحيحاً القول بالرهان على أن الأمور تسير باسترخاء وارتياح وهدوء عندما يتعلق الأمر بتوليفة وتركيبة سلطة البرلمان القدس العربي