جفرا نيوز -
بقلم: الدكتور عصام أحمد شقره
دكتوراه في إدارة الأعمال – رجل أعمال ومستثمر أردني
في مرحلة تتسم بتعقّد المشهد الاقتصادي وتزايد التحديات الإقليمية والعالمية، تبرز الحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية، والانطلاق من ثوابت أثبتت نجاحها في تجارب الدول المتقدمة، وفي مقدمتها الاستثمار في الإنسان بوصفه الركيزة الأساسية لأي اقتصاد وطني قادر على الصمود والنمو.
لم يعد رأس المال وحده معيار النجاح الاقتصادي، ولا وفرة الموارد ضمانة للاستقرار، بل أصبحت الكفاءة البشرية، وجودة الإدارة، وحسن توظيف الطاقات، هي المحدد الحقيقي لمسار التنمية. فالاقتصادات الحديثة تُدار بالعقول المؤهلة قبل أن تُدار بالأموال، وبالرؤية الاستراتيجية قبل القرارات الآنية.
ويمتلك الأردن رصيدًا بشريًا متميزًا، وشبابًا قادرًا على الإبداع والمنافسة، إلا أن التحدي يتمثل في مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات السوق، وتعزيز ثقافة العمل المنتج، وتحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية حقيقية تسهم في خفض نسب البطالة وتحفيز الاستثمار.
إن الاستثمار في الإنسان مفهوم شامل لا يقتصر على التعليم أو التدريب، بل يمتد ليشمل بناء منظومة متكاملة تُعزز الكفاءة، وتدعم الابتكار، وتفتح المجال أمام الريادة والمبادرات الاقتصادية، ضمن بيئة تشريعية وتنظيمية مستقرة تشجع على الإنتاج والاستثمار طويل الأمد.
كما أن الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص تشكّل حجر الأساس في هذا المسار، حيث تضطلع الدولة بدورها في تهيئة المناخ المناسب، فيما يتولى القطاع الخاص قيادة عجلة الاستثمار والتشغيل، على قاعدة واضحة قوامها الثقة، والشفافية، وتكافؤ الفرص.
إن الاقتصاد الوطني لا يُبنى بالحلول المؤقتة، ولا بالمعالجات السريعة، بل يُؤسس على رؤية استراتيجية تستثمر في الإنسان، بوصفه رأس المال الحقيقي، وصانع القيمة، وضمانة الاستقرار والتنمية المستدامة.
فالرهان على الإنسان ليس خيارًا… بل ضرورة وطنية.
النسخة الكاملة
