جفرا نيوز - لاشك ان تزايد اعداد الاصابات بفيروس كورونا في الاردن مقلق للغاية ويضع صاحب القرار بين مطرقة الواقع وسندان التداعيات، لكن ما يحصل في الاردن من هذا التصاعد الحاصل في اعداد الاصابات لابد ان يكون وراءه اسباب اكثر من عدم التزام المواطن باجراءات الوقاية للحفاظ على الصحة والسلامة العامة، وان ارتداء الكمامة لم تصل بعد لمرحلة ان تكون ثقافة عامة بحسب وجهة نظر العديد من المسؤولين، الا ان هذا الامر ليس حكرا على الاردن فالعالم يشهد تزايدا ملموسا في اعداد الاصابات بهذا الفيروس،ويحلو للبعض تسميتها بالموجة الثانية لكورونا
بالمقابل هناك اصوات تصب الزيت على النار، فتقوم بتضخيم كبير لحجم المشكلة، ليرتفع حجم التكهنات فيما يتعلق بمدى جاهزية القطاع الطبي، وجعل الايام المقبلة اكثر ظلمة مما يتخيله العقل، وكان اخرها تداول دراسة من معهد امريكي يصف الوضع الوبائي في الاردن بالكارثي، ليتصدر صفحات التواصل الاجتماعي، متجاهلين ان التقرير كان متشابها في وصفه للكثير من الدول
ويترافق مع تفاقم حالة الجائحة والارتفاع المضطرد لاعداد الاصابات بالفيروس، الاجراءات الحكومية التي تأخذ طابع القرارات فورية التنفيذ والتي تزداد حدة مرة بعد الاخرى، وذلك للتقليل من اعداد الاصابات، لكن لا تراجع في الاعداد، وبين هذا وذاك تبدأ تسريبات رسمية وشبه رسمية عن اجراءات لاحقة قد تتخذها الحكومة للسيطرة على الوباء.
آخر هذه التوصيات ( تحت الدراسة ) للاجراءات المقترحة والتي يتم تداولها، مقترح باعادة الحظر الشامل يومي الجمعة والسبت، وتقيد حركة المواطنين والمنشآت التجارية، وتقليل نسبة العمالة في بعض القطاعات، زيادة ساعات الحجر الجزئي، وهذه الاجراءات ليست بالجديدة فقد تم تنفيذ بعضها بداية الازمة، ولكن عند تطبيقها سابقا ادت الى مشاكل اقتصادية قد يمتد اثرها الى ما بعد العام المقبل، ولم تجد نفعا في التقليل من اعداد الاصابات بالفيروس.
ومنذ بداية الازمة لاحقتنا الاجراءات وتزايدت معها الاعداد، فيما لم يتم تقييم لتأثيرات هذه القرارات على المجتمع بشكل عام، فالزيادة اصبحت باعداد الاصابات ونسب البطالة والفقر وتكاليف المعيشة والامراض النفسية والاجتماعية، والقائمة تطول، ويغيب معها التوازن بين القرار وتأثيراته، علما باننا لسنا ضد ما تقوم به الحكومة بقدر ما هو وصف للحالة الجانبية للاجراءات الحالية والمتوقعة.
فيما يتعلق بجاهزية القطاع الصحي، التصريحات تتقلب يوما بعد الاخر، عدا عن ذلك تغييب اهمية الاقسام الاخرى لامراض مزمنة يعاني منها مجموعة ليست بالقليلة من الاردنيين كالضغط والسكري وغض الطرف عن اهمية المراجعة في المستشفيات مما يزيد عرضتهم لانتكاسات صحية في حال اصيبوا بفيروس كورونا وبالتالي العودة الى النقطة صفر.
اما نجاعة اجراءات الاغلاق الشامل وتمديد ساعات الحظر الجزئي، فإنها تطرح عدة اسئلة عن مدى فاعليتها في تخفيف اعداد الاصابات، فالتزاحم على الاسواق والمحال يزداد مع زيادة نسبة التشدد بالاجراءات الوقائية، لتصبح هذه التجمعات البشرية الكبيرة في الشوارع والاسواق والمولات مع اخذ كافة احتياطات السلامة العامة بيئة خصبة لانتقال الفيروس وزيادة اعداد الاصابات، اما في اليوم الاول بعد اي حظر شامل نجد الشوارع ممتلئة تماما خاصة تلك التي تقابل المشافي الخاصة والحكومية فهناك حالات صحية تسترعي المراجعة الدورية، لنجد المكان الامثل لانتقال الفيروس.
وفيما يتعلق بحق اصحاب العمل والعمالة خاصة عمال المياومة، فهي حتما ستُفضي الى انتكاسة مالية لعدد ليس بالقليل من الاسر الاردنية، تراجع مستوى الدخل والعيش في ظروف تهدد الموظف بامكانية تخفيض راتبه الشهري للنصف والخوف من فقدان هذه الوظيفة مع الارتفاع المضطرد في تكاليف المعيشة اليومية.
عدا عن الامراض النفسية نتيجة الاغلاق الشامل وتمديد ساعات الحظر الجزئي، فحدث ولا حرج، فالجميع في بيته مستنفر لسبب وبدون سبب، فالخوف من الاصابة والشعور بالاقامة الجبرية يحملهم اعباءا نفسية لا قبل لهم بها.
عدد لا يُستهان به من دول العالم تعاني الامرين نتيجة هذه الجائحة وازدياد اعداد الاصابات بها، الا ان المعظم ادرك بما لا يدع مجالا للشك ان معالجة تداعياتها اصعب بكثير من الوصول الى لقاح للتخلص من هذا الفيروس، ان استمرار غض الطرف والنظر في اتجاه واحد سيزيد تفاقم المشكلة ولن يحلها، فلسنا بالدولة القادرة على تعويض مواطنيها ماديا في حال توقفوا عن العمل، ولا يمكن ضمان تقليل نسب الارتفاع المضطرد في تكاليف المعيشة، ومازلنا من سنوات طوال مضت نشتكي من تفاقم مشكلتي البطالة والفقر، فلا داعي لاضافة المزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في وقت نحن بأمس الحاجة للامن الاقتصادي والاجتماعي بنفس قدر الحصول على الامن الصحي.
الدستور