النسخة الكاملة

خبراء الحكومة وجهت ضربة قاضية الى "المواصفات والمقايس" بمشروع قانون الجودة

الخميس-2020-09-22 08:58 am
جفرا نيوز -
جفرا  نيوز - أثارت موافقة الحكومة على مشروع قانون "الجودة وحماية المستهلك” تساؤلات وانتقادات كثيرة في آن واحد فيما وصف مراقبون هذه الخطوة بـ”المتسرعة” خاصة وأنها لم تعتمد على دراسة معمقة أو استشارة أصحاب الخبرات.

مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء برئاسة د.عمر الرزاز يصدر لأول مرة ويلغى بموجبه قانون المواصفات والمقاييس وقانون المنافسة وقانون حماية المستهلك.

وبدلا من هذه القوانين سيتم إنشاء هيئة الجودة وحماية المستهلك وتحديد مركزها الرئيسي في عمان ومنح مجلس مفوضي الهيئة صلاحية فتح فروع ومكاتب لها في المملكة وتحديد أهدافها ومهامها وصلاحياتها والتزاماتها، ومنحها الشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وحق التقاضي.

ويرى خبراء أن دمج المديريات والمؤسسات التي كانت مسؤولة عن تنفيذ القوانين الملغاة(وفق مشروع القانون) سيؤدي إلى تضارب واضح، إذ تقول وزيرة الصناعة والتجارة سابقا مها العلي عبر منشور لها على موقع فيس بوك "على سبيل المثال أن مؤسسة المواصفات والمقاييس مؤسسة عريقة ذات كفاءات فنية عالية ومتميزة على مستوى الأردن والمنطقة وتعمل ضمن أفضل الممارسات العالمية، وهي عضو في منظمة التقييس العالمية ISO وكغيرها من المؤسسات المثيلة من مختلف دول العالم تعنى بوضع المعايير الفنية للمنتجات وهو عمل فني بحت ولا يجوز ان يكون لهذه المؤسسات دور في سياسات السوق أو تنظيمه لما يمكن ان يحمله ذلك من تضارب في المصالح”.

ويرى خبراء آخرون أن خطوة الدمج تحتاج إلى ترو كبير، وفي هذا الاطار يؤكد وزير البيئة ومدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس سابقا د.ياسين الخياط أن دمج المؤسسات موضوع يحتاج إلى تأن ودراسة، واستشارة ذوي الخبرة والعاملين قبل الاقدام على أي قرار من هذا النوع” موضحا بأن دمج المؤسسات وإلغاء أخرى لا بد أن يكون مدروسا.

واتفقت الوزيرة السابقة العلي مع الخياط وقالت”التوجه لدمج مديرية المنافسة بوزارة الصناعة والتجارة والتموين مع مؤسسة المواصفات والمقاييس تحت مسمى هيئة الجودة يحتاج الى ترو”.

وبين الخياط أنه لا يمكن التعامل مع جميع المؤسسات المستقلة بنفس الطريقة والمنظور، فهناك مؤسسات لا دور لها وممكن الاستغناء عنها، لكنّ هناك مؤسسات أخرى مهمة وأساسية ومن غير الممكن إلغاؤها كمؤسسة المواصفات والمقاييس.

ويرى الخياط أن التجربة العالمية في هذا المجال تذهب دائما نحو استقلالية المؤسسات المسؤولة عن المواصفات والمقاييس، دون دمجها بما يضمن استقلاليتها وشفافيتها.

بدورها، أشارت العلي إلى أن قانون المنافسة هدفه تنظيم السوق من حيث منع الاحتكار والتحالفات والتركز والوضع المهيمن في السوق وتقاسم السوق والاتفاق على الأسعار من قبل انشطة الانتاج والتجارة والخدمات والذي ينعكس في النهاية على أسعار السلع والخدمات ومدى توفرها في السوق للمستهلك وليس له أي علاقة بجودة المنتج.

وأضافت "مؤسسة المواصفات والمقاييس تعنى بضمان جودة المنتج للمستهلك وهي جهة فنية متخصصة في وضع القواعد الفنية والمواصفات للسلع المنتجة محليا والمستوردة وإجراءات تقييم المطابقة وجهة معنية باعتماد مختبرات الفحص في مختلف القطاعات”.

وقالت "إن كان قانون المواصفات والمقاييس وقانون المنافسة يهدفان إلى حماية المستهلك إلا أن الأدوات المستخدمة لتحقيق الهدف مختلفة تماما فالأول يتناول جودة المنتج اما الثاني فيتناول توفر المنتج وسعره أي جانب العرض في السوق”.

من جهته اعتبر الخياط أن إدخال مهام أخرى على مهام مؤسسة المواصفات والمقاييس "خطأ كبيرا” خصوصا أن المنافسة وحماية المستهلك تختلف في مضمونها عن مهام مؤسسة المواصفات التي بالأساس تهدف الى حماية جودة المنتج ومطابقته بالمواصفات الأردنية والعالمية بما فيه مصلحة المواطن، مبينا بأن عمل مؤسسة المواصفات والمقاييس عمل "فني بحت” من حيث وضع المواصفات والقواعد الفنية ومدى مطابقتها للمنتج وهذا بعيد عن حماية المنافسة وحماية المستهلك من حيث الغايات.

ووفقا للخياط فإن الفصل الرابع من مشروع القانون الجديد جاء تحت عنوان "حماية البيئة” والسؤال الذي يطرح هنا "لماذا يتم ادماج موضوع البيئة في هذا القانون، خصوصا وأنّ هناك قانون لحماية البيئة منفصل وقوي”، مشيرا الى أن القانون الجديد تضمن مواد حول التراخيص والتفتيش، ولها علاقة برصد الملوثات الناتجة عن المنشآت وهذا بعيد عن مهمة المواصفات والمقاييس التي تضع المواصفات والقواعد الفنية وتراقب عليها”.

في المقابل، يعتقد وزير تطوير القطاع العام الأسبق د.ماهر المدادحة أنّ اختصار هذه القوانين ( المواصفات، والمنافسة، حماية المستهلك) بقانون واحد قد يكون إيجابيا في حال كان خطوة لدمج المؤسسات المعنية واعادة هيكلتها، على أن لا يؤثر ذلك في دورها الرقابي ومهامها الاساسية.

ويؤكد المدادحة ضرورة أن يكون القانون الجديد قد حافظ على القدرة التنظيمية والرقابية لمؤسسات الدولة، مقابل أن يتم اعادة هيكلة واختصار المؤسسات الزائدة، ومنع ازدواجية المهام.

وفي ذات السياق يشير رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية خير أبو صعيليك إلى أن أي خطوة تؤدي الى دمج المؤسسات قد تعتبر مهمة لكن دون المساس بالمقتضى الفني في ظل وجود متطلبات دولية تشترط أن يكون هنالك عمل مؤسسة المواصفات والمقاييس مستقل للحصول على الاعتمادية الدولية.

وشدد أبو صعيليك على ضرورة اجراء دراسة معمقة حول مشروع قانون الجودة وحماية المستهلك نظرا لوجود ارتباط مباشر بالعملية التصنيعية والتجارية وشهادة المطابقة والاعتراف المتبادل والاعتمادية.

وأشار إلى ضرورة مناقشة مشروع القانون بخلفية تستند الى وجود شهادات مطابقة واعتماد معترف بها وتوفر أسس الحوكمة اللازمة حتى يتم الحصول على الاعتمادية.

وأضاف” من المبكر الحكم على مشروع القانون كونه سيعرض على مجلس النواب والذي سيقوم بدوره بمناقشة بنود هذا المشروع والتأكيد على ضرورة استقلالية المواصفات والمقاييس وتوفر المتطلبات اللازمة للحصول على الاعتمادية والاعتراف المتبادل بين الدول ".

وأوضح أبو صعيليك ان ليس كل عملية دمج يمكن ان تؤدي إلى نتائج إيجابية وبالتالي يجب التأني ودراسة مشروع القانون لضمان عدم التأثير السلبي على المستورد أو الصانع أو التاجر.

غير انه استغرب ان يتم دمج مديرية المنافسة التي تتبع حاليا إلى وزارة الصناعة والتجارة والتموين كون لا يوجد ارتباط في عملها مع المواصفات والمقاييس.

وقال رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير ان الغرفة بانتظار ان تعرض الحكومة مشروع قانون الجودة وحماية المستهلك لسنة2020 على القطاع للمناقشة والإطلاع على تفاصيل المهام التي سيقوم بها بخاصة وانه بموجبه سيتم الغاء ثلاثة قوانين هي: قانون المواصفات والمقاييس، وقانون المنافسة، وقانون حماية المستهلك.

وبين الجغبير أن الغرفة حريصة على وجود قانون عصري بالشراكة مع القطاع الخاص يحقق العدالة لجميع الاطراف وحتى لا يكون مشروع القانون بعد اقراره بصيغته النهائية برسم التعديل.

وتقول الحكومة إن "مشروع القانون يهدف إلى ضمان جودة المنتجات الوطنية وتوفير الحماية الصحية والبيئية والسلامة العامة للمواطنين، والمساهمة في تشجيع ونشر ثقافة المنافسة بما يضمن فعالية أداء الأسواق وسيرها وحماية المنافسة من كل الممارسات التي ترمي إلى الإخلال بها إضافة إلى توحيد الجهات والمرجعيات المعنية بحماية المستهلك والمنافسة والجودة تحت مظلة واحدة وتوسيع صلاحياتها واعطائها مزيدا من الاستقلالية في اتخاذ القرار”.

الغد