الأطفال والإنترنت.. غياب الإشراف العائلي يعرضهم للانتهاكات
الخميس-2020-09-06 08:32 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - رغبة من أحمد (اسم مستعار) في تنمية مهارة الرسم لدى ابنه، البالغ من العمر 6 أعوام، لجأ إلى استخدام تطبيق رسم مخصص للأطفال دون سن السابعة على الإنترنت، ظنا منه أن تطبيقا من هذا النوع، سينمي مهارة الرسم لدى ابنه، وفي الوقت ذاته، يضمن الحماية الرقمية له من أي إساءة أو عنف.
لكن الصادم، أنه وخلال جلوس الأب مع ابنه للعب على التطبيق، لاحظ وصول رسائل "غير لائقة” على صندوق الدردشة، ليكشف أن المرسل شخص بالغ يحاول استدراج الأطفال عبر التطبيقات المخصصة للصغار.
هذه القصة وغيرها، تم توثيقها من قبل برنامج السلامة الرقمية في الأردن الذي تنفذه مؤسسة "سيكدف” ضمن استبيان حضره البرنامج من خلال فريق سلامات حول الاستخدام الآمن للإنترنت وشارك به نحو 350 أبا وأما، وأظهر أن نحو 13.8 % من الأطفال في الأردن تعرضوا لشكل من أشكال العنف على شبكة الإنترنت.
ورغم أن الاستبيان أظهر أن 86.2 % من الأهالي قالوا إن ابناءهم لم يتعرضوا الى أي نوع من انواع العنف الالكتروني، لكن خبراء خلال جلسة حوارية بعنوان "كيف نحمي اطفالنا خلال استخدام الانترنت؟”، نظمها برنامج السلامة الرقمية في الأردن، لفتوا الى أن نسبة المتعرضين للاساءة قد تكون أعلى بكثير خصوصا أن الاطفال غالبا ما يخفون تعرضهم للعنف إما بسبب الخوف من المعنِّف أو الخجل أو الخوف من الوصمة الاجتماعية.
وأكد الخبراء، ضرورة رفع الوعي لدى الأهالي بالاستخدام الآمن للإنترنت للأطفال وكيفية الرقابة على استخدام أطفالهم للإنترنت، خصوصا أن الاستطلاع أظهر أن نحو 69 % من الأطفال يقضون ساعة الى ست ساعات يوميا على الانترنت، وهي النسبة التي ارتفعت بعد إغلاق المدارس والتحول الى التعليم الالكتروني.
وبحسب الاستطلاع، فان أنواع الأضرار التي يواجهها أطفالهم عند استخدامهم شبكة الانترنت، 7.7 % تلقي الرسائل النصية والصور غير اللائقة، 3.2 % سرقة الحسابات ونشر الصور الشخصية، وبنسبة 2.6 % أوضحوا تعرّض أطفالهم للتنمر على شبكة الإنترنت.
والاستطلاع تضمن كذلك قصة تعرض طفل للتنمر والتعليقات من أصدقائه على شكله ووزنه أو التقليل من شأنه لصغر سنه، كما تحدث ولي أمر آخر عن مشكلة ظهور الإعلانات التي تحتوي مشاهد عنف ومشاهد تحرش عند تصفح الأطفال لبعض التطبيقات.
وبحسب منسقة برنامج السلامة الرقمية في الأردن، لينا المومني، كان اكثر التطبيقات استخداما من قبل أطفالهم هي تطبيق الـYoutube بنسبة %74.1، يليه تطبيق Tiktok بنسبة 28.1 % بالإضافة الى تراوح النسب لبعض الألعاب الإلكترونية المتداولة بكثرة مؤخرا وكان أكثرها استخداما لعبة Fortnite بنسبة 29.7 %، وكذلك الحال لببجي وروبلوكس.
ولفتت المومني، الى ان مشروع السلامة الرقمية يعمل في خمس دول عربية ويعمل على تقديم الاستجابة والمساعدة في الدعم القانوني والنفسي والتقني للأشخاص الذين يتعرضون للاساءة الرقمية الى جانب عقد ندوات وورشات التوعية الرقمية.
وقالت، إن هناك نتيجة لافتة في الاستطلاع وهي أن 57 % من الأهالي لا يعرفون عن خاصية الإشراف العائلي على استخدام الانترنت ولم يستخدموها مطلقا، رغم أن خاصية مهمة الإشراف العائلي توفر توصيات لمراقبة الاطفال.
من جانبها، أكدت الخبيرة القانونية في حماية الطفل، حنين البيطار، أهمية توعية الأهل بإعدادات الحماية على الانترنت ومراقبة الأهل للتطبيقات التي يتابعها أبناؤهم.
ولفتت الى حالة الطفل الذي تعرض لتحرش لفظي عبر تطبيق الرسم، وقالت، "يفضل استخدام التطبيقات التي لا تتطلب اتصالا مباشرا على الانترنت او التي لا توفر نوافذ للدردشة فتلك تعد أكثر أمنا للاطفال”.
ودعت البيطار الاهالي الى مراجعة الاعدادات المتعلقة بأي تطبيق يرغب أطفالهم في استخدامه ومراقبة الفئة العمرية المخصصة لتلك التطبيقات وعدم السماح للاطفال باستخدام تطبيقات لفئة عمرية اكبر من عمرهم.
واشارت كذلك الى اهمية أن يقوم الأهل بتوعية اطفالهم على كيفية التصرف، قائلة، "كأهل مستحيل ان نبقى بجوار أطفالنا نراقب ما يتابعونه، لذلك يفترض بنا توعيتهم على التطبيقات التي يسمح لهم باستخدامها وكيف يكون استخدامها بطريقة آمنة”.
ولفتت الى وجود تطبيقات تساعد الأهل في الرقابة على المحتوى الالكتروني الذي يتعرض له الاطفال كحجب تطبيقات معينة وتحديد عدد الساعات على الانترنت وحجب محرك البحث عن كلمات محددة.
وبينت البيطار، ان الكثير من الأطفال يتعرضون للعنف الالكتروني لكنهم لا يبلغون ذويهم بسبب الخوف أو الخجل، لافتة الى ان الابتزاز وبث الإشاعات هي اكثر اشكال العنف التي تتعرض لها الفتيات على الانترنت، اما الاطفال الذكور فيبرز تحدي الترويج للمهدئات والمواد المخدرة على الانترنت مشكلة كبيرة تستوجب المتابعة والمراقبة من قبل الأهل.
وحول تدني نسب التبليغ عن الجرائم الالكترونية والإساءات، بينت البيطار أن "ذلك يعود إلى أن الأهل غالبا لا يعرفون عن وقوع تلك الحوادث كما انه في حال عرفت الأم قد تلجأ إلى إخفاء ذلك عن الأب خوفا من ردة فعل الأب، كما يخشى الأهل أحيانا التبليغ خوفا من ان يؤثر ذلك على حالة طفلهم النفسية او خوفا من التعرض للوصم”.
أما أستاذ علم النفس في الجامعة الاردنية، أحمد الشيخ علي، فتناول في حديثه الأثر السلبي للافراط في استخدام الانترنت على النواحي العقلية والاجتماعية والانفعالية والجسمية للاطفال، لافتا أن أعراض الإفراط في استخدام الانترنت تشبه الى حد كبير أعراض الإدمان.
وحول اعراض الاستخدام المفرط للانترنت، لفت الشيخ علي إلى "مشكلة عدم الاكتراث، وادمان الصور البصرية وكأن الطفل يعيش في عالم افتراضي ومنعزل عن عالمه الطبيعي، وايضا ممكن ان يكون عدوانيا وعصبيا”.
ولفت كذلك الى ان "قضاء وقت طويل على الانترنت والتعبير عن النفس عبر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي له آثار خطيرة على قدرة الطفل بالتعبير وجاهية عن مشاعره والتعامل المباشر مع الأشخاص المحيطين”.
وعند التعرض لأي نوع من أنواع العنف على الانترنت وتحديدا الجنسي، اوصى الشيخ علي والبيطار، بضرورة "دراسة كل حالة على حدة والاتجاه للاستشارة النفسية والاجتماعية أولا، ومن ثم السير بالإجراءات الأخرى المطلوبة”.
وينص قانون منع الجرائم الالكترونية على عقوبات مشددة في جرائم الاستغلال الجنسي عبر الانترنت، اذ تنص المادة 9 من القانون المعدل على انه "يعاقب كل من أرسل أو نشر عن طريق نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني قصدا كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي يتضمن أعمالا إباحية أو تتعلق بالاستغلال الجنسي بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار”.
كما تنص المادة 12 من القانون المعدل على "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 3000 دينار كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني أو نظام المعلومات في ابتزاز شخص لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، كما يعاقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو الموقع الالكتروني أو نظام المعلومات لخرق الحياة الخاصة للآخرين”.
وكانت وحدة الجرائم الإلكترونية بإدارة البحث الجنائي، تعاملت منذ بداية العام الحالي وحتى أواخر حزيران (يونيو) الماضي مع 4000 جريمة إلكترونية، 3000 منها خلال فترة الحظر”، لكن الرقم المنشور لم يحدد تفاصيل هذه الجرائم.
الغد