النسخة الكاملة

العصبية العشائرية آخر أسلحة الفاسدين للتهرب من المسؤولية والمحاسبة

الخميس-2011-12-19
جفرا نيوز - جفرا نيوز - ماجد توبة  لم يكن مستبعدا، ولا غريبا، ان تستنفر الاجراءات الرسمية الاخيرة في ملف مكافحة الفساد، والبدء بإحالة قضايا كبرى الى القضاء، لجوء العديد من الشخصيات العامة، المعنية بمثل هذه القضايا، الى "سلاح" العصبية العشائرية والقبلية او المناطقية، تماما كما يستمرئ البعض الاحتماء بما يمكن تسميته "الشعور بالاضطهاد والمظلومية العصبية"، للتهرب من المسؤولية او المحاسبة.
بل ومن المتوقع ان يتزايد اللجوء الى هذا "السلاح" في مقبل الايام، اذا ما صدقت التعهدات والوعود الرسمية، بسياسة واجراءات جديدة في ملف مكافحة الفساد، والاستجابة لحراك الشارع، المشتعل منذ عشرة اشهر، رابطا بين الاصلاح ومكافحة الفساد باثر رجعي.
وسلاح العصبية، والاستقواء بها على القانون والمجتمع وحقوق الدولة والمواطن، هو سلاح اخير، كما يبدو، يلجأ له بعض المتنفذين إضافة إلى مسؤولين سابقين، تدور حولهم الشبهات والتساؤلات، واستغلال الوظيفة الرسمية، بعد ان لجأوا سابقا الى سلاح النفوذ الرسمي، وشبكة علاقات رسمية، وفرت لهم جدارا من الحماية من المساءلة والتحقيق، قبل ان يتهاوى هذا الجدار، على وقع الحراك الشعبي المتواصل بلا هوادة منذ هبوب نسائم الربيع العربي.
لم يعد ممكنا التهرب من فتح ملفات الفساد، الكبيرة قبل الصغيرة، خاصة بعد التوجيهات الملكية الحازمة، في لقاء جلالة الملك برؤساء السلطات الثلاث ومسؤولي المؤسسات الرسمية المعنية بمكافحة الفساد، حيث لم يعد هناك عذر ولا حجة للتهرب من المسؤولية لمسؤول او مؤسسة او سلطة. بل وبات النجاح في ملف مكافحة الفساد طوق النجاة امامنا ليكتمل الاصلاح، ولتستعاد حلقة الثقة المفقودة بين الدولة ومواطنيها، ويكتمل الربيع الاردني بنموذجه المأمول.
التصدي لسلاح العصبية والقبلية، ونزعة المظلومية والاستهداف على اساس المنبت والاصل، في ملف الفساد، واستعادة حقوق الخزينة والمجتمع، وانفاذ القانون والمحاسبة بحق من يثبت القضاء تورطه في فساد او تقصير ادى لفساد ومخالفات قانونية، نقول ان التصدي لهذا السلاح ليس من مسؤولية الحكومة او القضاء او السلطات الرسمية فقط، بل يتعداها ايضا الى دور المجتمع والمعارضة والحراك الشعبي، والفاعليات الشعبية والعشائرية والمجتمعية المختلفة.
ليس مقبولا ان تتكسر الموجة "الموعودة"، في مكافحة الفساد ونبش الملفات الكبرى، امام الاستقواء بسلاح العصبية والدم والمناطقية وتقسيمات المنبت والاصول، وعلى الجميع، رسميين وشعبيين وفعاليات وطنية وشعبية ومدنية، الارتقاء الى مسؤولية هذه اللحظة، ودعم، بل والضغط، على المؤسسة الرسمية لفتح جميع الملفات، والتحقيق فيها، والذهاب الى الاخير في المحاسبة امام القضاء، وعدم التهاون في الضرب بسيف القانون والحق العام لكل من يثبت قضائيا، دون استهداف او تصفية حسابات، تورطه في فساد واعتداء على مال عام.
توالي التصريحات والتأكيدات الرسمية بمرحلة جديدة من مكافحة الفساد وفتح مختلف الملفات، التي بقيت شعارات في الشارع والحراك الشعبي منذ عدة اشهر، دون ان تجد طريقها الى القضاء والنيابة العامة لحسم الحقيقة من الافتراء واغتيال الشخصية، امر اثار ارتياحا واضحا في الشارع وبين نشطاء الحراك الجماهيري، رغم ان العديد منهم معذورين، بعدم الذهاب بعيدا في التفاؤل والاستبشار، قبل ان يبين الخيط الابيض من الاسود في ملف الفساد، خاصة وان العقل الجمعي للاردنيين ونشطاء المعارضة، مغرق بشواهد التهرب الرسمي من انفاذ المحاسبة والقانون تجاه القطط السمان وكبار الفاسدين.
وفي مقابل المطلوب من الجانب الرسمي والدولة بجدية المعالجة لملف الفساد وشموليته والذهاب فيه الى الاخير، ثمة مسؤولية، لا تقل اهمية ومصيرية، ملقاة على عاتق المواطنين والفاعليات الشعبية والمعارضة والحراك الشعبي، تتمثل في التمسك بسيادة القانون وحكمه على حساب كل الروابط، وكل فزاعات الفاسدين وتضليلاتهم الاجتماعية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير