
جفرا نيوز - بقلم محمد الصبيحي
لا شك عندي أن السيد الرئيس عون الخصاونة سيكتشف قريبا مدى حاجته الى تعديل وزاري , فالصورة الوردية للثقة النيابية سرعان ما ستتلاشى عند بدء تسديد الفواتير , هكذا هي الاعراف النيابية في ظل غياب القوى السياسية عن البرلمان .. ثقة بجهود وعلاقات شخصية ومطالبات تبدأ في شق طريقها نحو مبنى الرئاسة .
السيد الرئيس سيجد نفسه قريبا بين أمرين أحلاهما مر فاما أن يسدد فواتير أقل ما يقال فيها أنها غير منصفة وفيها محسوبية وإما أن يثبت بشجاعة عند مبادئه القضائية , واذ ا ما أختار الثانية فان المشكلة التي ستواجهه أنه لن يستطيع السكوت على أخطاء الوزراء , وسيجد نواب كثر ضالتهم في الهجوم على الحكومة وبناء شعبية على حسابها أستعدادا للانتخابات , في الهجوم على هذا الوزير أو ذاك , وسيحاولون إسقاط وزير أو أكثر من خلال طرح الثقة تحت القبة , ويبدو أن الظروف بدأت تختمر وسيمنحهم المقصود المبرر والذريعة , وفي الحالين فان المخرج الوحيد أمام الرئيس سيكون التعديل الوزاري هذا من ناحية العلاقة مع مجلس النواب
أما من ناحية الشارع والقوى السياسية فانني أعتقد أن الرئيس فوجىء بعدم حماس الناس والقوى السياسية لتشكيلة حكومته بقدر ما كانوا متحمسين لاختياره شخصيا لرئاسة الحكومة , بل ان كثيرين كانوا يتوقعون منه ان يفاجئنا بتشكيل غير عادي فاذا بالمفاجأة مجرد زحمة غير عادية وغير ضرورية في المناصب الوزارية في مبنى الرئاسة تصل الى حد خيبة أمل في الشارع . ولكن القادم أصعب وشهر العسل سينتهي مع انتهاء المائة يوم الاولى من عمر الحكومة .
وحين نقول الشارع والقوى السياسية فاننا نقصد حراك الشباب أولا والحركة الاسلامية ثانيا وما عدا ذلك فليس له عنوان أو تاثير , وكلاهما ( الحراك والاخوان ) غير قادر على تحقيق شيء منفردا , ولذلك فان غياب أحدهما يضعف الثاني
ما يجري الان مجرد هدنة سياسية بين الحكومة والاسلاميين .. انها هدنة يحتاجها الطرفان بصورة ملحة , الحكومة تريدها لترتيب نفسها والتعرف على الملفات المحلية وانجاز عدد من التشريعات التي تسابق فيها الحراك في الشارع , والاسلاميون يريدون الهدنة لأنهم لا يريدون اتخاذ موقف أو المشاركة في الاصلاح الان بانتظار ما سيؤول اليه الوضع في سوريا وهم يعتقدون أن أفضل ظرف لرفع سقف المطالب وتحقيق المكاسب السياسية هو بعد رجحان الكفة لهم في سوريا وبخلاف ذلك فان وضعهم الحالي لن يتأثر كثيرا بل ستظل الحكومة بحاجة لهم من أجل حماية الاستقرار ..
اذا سقط النظام في سوريا وصعد الاخوان هناك الى السلطة بصورة كاملة أو جزئية فان أخوان الاردن سيتحدثون مع الحكومة بلغة جديدة الهدف منها أفتعال أزمة من أجل أسقاط الحكومة والبدء بتفاوض جديد مع النظام من موقف أقوى , ولذا ستكون عين الخليج مفتوحة علينا , ولعل السبب الذي يجعل الاخوان يهادنون الحكومة وهو أيلولة الوضع في سوريا هو نفسه الذي يجعل مجلس التعاون الخليجي يفرمل اجراءات انضمام الاردن الى المجلس بانتظار ما سيكون بين الحكومة والاخوان المسلمين وحراك الشارع .
ما أردت قوله أن التساؤلات التي نسمعها الان حول مدى قدرة الحكومة بشكلها الحالي على التعامل مع الملفات الكبرى , هي تساؤلات مشروعة وان تأجيل التفاهم مع الاسلاميين على برنامج أصلاح نهائي بمشاركتهم الان سيكون مكلفا بعد حين حيث سترتفع الاسعار السياسية بما لاقدرة للحكومة على تحمله أو التعامل معه .
تعديل على الحكومة ودفع من الجهات العليا لجلوس الحركة الاسلامية مع الحكومة الان والاتفاق على النهج والبرنامج يبدو لي حاجة ملحة لحماية البلد من التأثيرات والمؤامرات الخارجية , وبغير ذلك فاننا نلعب لعبة حظ خطرة تكون فيها الحكومة جالسة فوق صفيح ساخن .
الاخوان أفرادا وقيادات لهم مصالح ومكتسبات لن يغامروا بخسارتها وهم ليسوا كأخوان مصر أو سوريا الذين ذاقوا ظلمة السجون والتعذيب والاعدامات والنفي خارج الوطن , ولذا فان التفاهم والاتفاق من أجل وطن ديمقراطي مستقر ممكن ولكن يجب قطع الهدنة الوهمية وجلبهم الآن الى طاولة الحوار والخروج ببرنامج مشترك .