
*** باب البطولة مفتوح أمام الرئيس الخصاونة عبر استقالة فورية أو تحقيق الإصلاح المطلوب
***ـ النظام يخسر كل يوم من رصيده والمعارضة تكسب كل يوم إلى رصيدها.. ومن ضمنها العشائر
***ـ صراع مراكز القوى وصل دائرة المخابرات.. هل يقدر مديرها الجديد على وضع حد لذلك..؟!
***ـ النظام استجاب متأخرا لتعديل قانوني الإنتخاب والأحزاب.. عليه أن يدفع الفاتورة مرة واحدة
***ـ الوقت يمضي لمصلحتنا.. يمكن أن نحاور الحكومة دون أن نشارك بها.. لسنا في عجلة من أمرنا
***ـ ليس لدى النظام أي خيار آخر غير الإستجابة لمطالبنا الإصلاحية.. الأنظمة التي لم تفعل.. سقطت
***ـ إذا اقتنع الملك بضرورة انتاج علاقة جديدة مع "حماس" فلن تستمر العقبة الأمنية أمام هذه العلاقة
جفرا نيوز - قال زكي بني ارشيد، القيادي البارز في الحركة الإسلامية الأردنية، أنه إن سقط نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، قبل انجاز الإصلاحات في الأردن، فإن هذا يلحق خطراً شديداً بالنظام الأردني..!
ورأى بني ارشيد في هذا الحوار، أن النظام الأردني استجاب متأخرا لتعديل قانوني الإنتخاب والأحزاب.. وقال عليه أن يدفع الفاتورة مرة واحدة.. مبديا أن "الوقت يمضي لمصلحتنا".. وقال "لسنا في عجلة من أمرنا".. مشيرا إلى أنه "ليس لدى النظام أي خيار آخر غير الإستجابة لمطالبنا الإصلاحية".. مردفا "الأنظمة التي لم تفعل.. سقطت".
وأوضح بني ارشيد أن "النظام يخسر في كل يوم من رصيده, فيما تكسب المعارضة كل يوم إلى رصيدها.. ومن ضمنها العشائر".
وتابع أن باب البطولة مفتوح أمام رئيس الوزراء الجديد عون الخصاونة عبر تقديم استقالة فورية للملك، أو عبر تحقيق فوري للإصلاح المطلوب.
واشار بني ارشيد إلى أن صراع مراكز القوى في الدولة الأردنية، وصل إلى داخل دائرة المخابرات العامة.. وتساءل هل يقدر مديرها الجديد على وضع حد لذلك..؟!
وحول مستقبل علاقة الأردن مع حركة "حماس" قال بني ارشيد، "إذا اقتنع الملك بضرورة انتاج علاقة جديدة مع "حماس" فلن تستمر العقبة الأمنية أمام هذه العلاقة"
كان السؤال الأول:
• كيف تقرأ المشهد الحالي في الأردن بعد تشكيل حكومة الدكتور عون الخصاونة..؟
ـ لا أرى فروقات بين حكومة عون الخصاونة, والحكومات التي سبقتها.
ربما يكون الفرق الوحيد, أو الذي يمكن ملاحظته بين حكومة عون الخصاونة, وحكومة معروف البخيت هو موضوع تأجيل الإنتخابات البلدية, وأحسب أنه لو استمرت حكومة البخيت لاضطر إلى تأجيل هذه الإنتخابات, وبخلاف ذلك فإن المهام الوظيفية التي اوكلت للدكتور عون الخصاونة, هي ذات المهمات الوظيفية التي سبق أن اوكلت لمعروف البخيت.
• هي مهمات وتكليفات عابرة للحكومات..
ـ صحيح.. هي مهمات خارج صلاحيات الحكومات. وبهذا المعنى لا أرى اضافة جديدة, نوعية أو متميزة للحكومة الجديدة. وهذا تحديداً هو المعنى الذي كنا نتحدث عنه, لجهة ضرورة تغيير آلية ومنهج تشكيل الحكومات, وليس تغيير الأسماء.
• هل هذا ما دعاكم إلى رفض المشاركة في الحكومة..؟
ـ بالضبط وبالتحديد, ما دعانا للإعتذار عن عدم المشاركة في الحكومة, امتناع الرئيس عن تقديم تعديلات دستورية متعلقة بالمواد 34,35,36 من الدستور الأردني.
• بم تتعلق هذه المواد..؟
ـ تتعلق بحصانة مجلس النواب (المادة 34), وبتكليف الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة (المادة 35), وبإلغاء مجلس الأعيان أو انتخابه (المادة 36).
مأزق البخيت هو نفسه مأزق الخصاونة
• رفضكم للتعاون مع البخيت, كان عاملاً اساساً في صنع المأزق الذي أدى إلى مغادرة حكومته. ولا يصدق عاقل أن اصلاحاً في الطريق, دون أن تشارك المعارضة في الحكومة التي ستحقق الإصلاح.
اعتذاركم عن المشاركة, وضع حكومة الخصاونة في ذات الزاوية الحرجة, التي سبق أن حشرت فيها حكومة البخيت..
• ماذا تتوقعون..؟
ـ قبل التحدث عن سيناريوهات المستقبل, وتوقعاته, لابد من أن أشير أيضاً إلى ضرورة اجراء مقاربات سياسية جديدة, ابتداءً من التشاور السياسي بين النظام والقوى الوطنية في ما يخص إسم الرئيس وبرنامج عمله, والإصلاحات المطلوبة.
بدون اجراء هذه المشاورات, فإن هذا يعني استمرار النهج السابق.
الحكومة الجديدة امامها فرصة, وأمامها تحديات.
الفرصة تتمثل في احتياج الوضع المأزوم إلى استثمار الفرصة الأخيرة للنظام الأردني, حيث لم يعد هناك الكثير من الوقت.
لا أظن أن المسار السياسي سوف يفتح على انفراجات حقيقية, ذلك أن المطالب التي تقدمت بها القوى الوطنية, وتكاد تكون موضع اجماع, تتطلب حدوث اصلاح سريع, فضلاً عن كونها مطالب عادلة ومحقة, وتشكل الحد الأدنى من التحول الديمقراطي المطلوب.
في قراءة المشهد أن صانع القرار في الأردن يستجيب بالتجزئة لمطالب الإصلاح..
• يستجيب أم يناور..؟ على طريقة خطوة للأمام, خطوتان للوراء..
ـ أعتقد أن الخطوة إلى الأمام لا يمكن التراجع عنها في ظل الأجواء الحالية.
كل ما يمكن الحديث عنه هو..
• هذا ما حدث عام 1989.. تم التراجع عن مضمون جميع الخطوات الإصلاحية التي اتخذت بعد هبة نيسان..
ـ بالتأكيد أن هنالك اختلافات في المناخات السياسية والإقليمية والدولية من جهة. ومن جهة أخرى, ومن أجل عدم امكانية التراجع عن أية مكاسب اصلاحية, نريد أن نحصن هذه المكاسب دستورياً.
دسترة كل المطالب هو ضامن حقيقي لعدم التراجع عن الإصلاحات, وقبل ذلك الحراك الشعبي, الذي يمثل ضامناً مهماً في هذا الصدد.
الحراك الشعبي هو الذي أنجز الإصلاح, وهو الكفيل بإدامته.
• الحراك الشعبي. أم احتمالات تطوره..؟
ـ كلاهما.. أعتقد أن النظام قلق جداً, ومنزعج من استمرار هذا الفعل الشعبي من حوالي أكثر من عشرة أشهر, وهذه أول مرة في تاريخ الأردن تستمر فعاليات جماهيرية, لمثل هذه المدة.. اضافة إلى تمدد هذا الحراك افقياً وعمودياً.. إذ تخطى هذا الحراك كل الجغرافيا الأردنية, وليس فقط العشائر..
النظام يخسر كل يوم
• وتكمن أهمية حراك العشائر في أنها ظلت دوماً قاعدة تاريخية للنظام.
ـ وفقاً لهذه القراءة, يمكن القول أن النظام يخسر في كل يوم من رصيده, فيما تكسب المعارضة كل يوم إلى رصيدها.. ومن ضمنها العشائر.
ما أزعج النظام في تقديري هو الإرتفاع العامودي في المطالب, ممثلاً في ارتفاع سقوف المطالب والشعارات التي بدأت تقترب من خطوط أسميت فيما مضى بالحمراء, أو سبق التوافق على أنها خطوط حمراء, لا يجوز لأحد أن يقترب منها. وهذا يعني أنه إذا استمر الحراك في تطوره أن يؤدي إلى تغيير في البرامج الإصلاحية, والتحدث عن شعارات أخرى غير شعار اصلاح النظام.
• على كل حال, هنالك من هتف بشعار تغيير أو اسقاط النظام, وأنتم كحركة اسلامية تنصلتم منه, وقلتم أنكم لم تهتفوا به, وإنما فعل ذلك غيركم..
ـ شعار اصلاح النظام هو المعتمد لدينا, ولم تتغير لدينا هذه المقاربة, ونحن تصدر مواقفنا وشعاراتنا عن برنامج ورؤيا للإصلاح, ونعتقد أن الأفضل هو اصلاح النظام, خاصة وأن الحديث عن توافق ونصاب وطني يتحدد بإتجاه اصلاح النظام, ولا أعرف أو أعلم, إنه كانت هناك ثمة قوى سياسية تتحدث عن شعارات أخرى من طراز اسقاط النظام.
بالتأكيد نحن عيننا على الوطن, وعلى الأمن والإستقرار, ولكن الصيغة التي نراها مناسبة هي ضرورة تقديم جرعة جديدة كافية لإصلاحات سياسية تتناول المواد الدستورية التي ذكرتها قبل قليل.
• ما هي حساباتكم التي تجعلكم تقفون ضد شعار اسقاط النظام..؟
ـ هنالك عدة اعتبارات وحسابات, أولها أننا نريد بالفعل اصلاح النظام اصلاحاً حقيقاً يغير من بنية النظام, ومن قواعد اللعبة السياسية في الأردن. ونريد أن يأتي هذا الإصلاح دون كلفة باهضة, كما جرى في دول الجوار.
• هل هذا ممكن..؟
ـ هذا ممكن إذا استمع صاحب القرار إلى هذه التوجهات, أو أصغى لها, واقتنع بضرورة ايجاد اصلاح اردني بنموذج ونكهة اردنية لتجاوز المآسي الناجمة عن تحقيق الإصلاح, من طرف الجهات الوطنية والسياسية والحزبية..
هذا هو المطلب. لكن هذه مثل أي عملية تشابكية تحتاج إلى ايجاب وقبول.. إلى توافق طرفين.
احتمالات تراجع النظام
• هل تراجع النظام في وارد القبول الآن..؟
ـ إذا اردنا أن نستحضر بشكل سريع محطات استجابة النظام لمطالب اصلاحية, فإنه لابد من التذكير بأنه في نهاية 2010, كان الخلاف بيننا وبين الحكومة, أو النظام, على قانون الإنتخابات, حيث كانت القوى السياسية تتحدث بالإجماع عن أن المدخل الحقيقي للإصلاح هو تغيير قانون الإنتخابات, ادارت الحكومة ظهرها لهذا المطلب وخسرت فرصة كبيرة جداً, وأعتقد أنها لو كسبت تلك الفرصة, وراهنت على قراءات صحيحة, لكنا في غنى الآن عن كثير مما يجري في الأردن والمنطقة.
وحين استجاب النظام لهذا المطلب, كان الوقت قد أصبح متأخراً.
لذلك, ينعقد الإجماع الآن لدى الأحزاب والقوى السياسية على ضرورة إجراء تعديلات دستورية وليس فقط تعديلات على قانون الإنتخاب.
اعتقد أن الفرصة الحقيقية أمام النظام الآن هي أن يدفع الفاتورة دفعة واحدة, دون تقسيط, بالإستجابة لمطالب التعديلات الدستورية الضابطة لتحول ديمقراطي, وأن يكون الإخراج وطنياً.. من خلال عقد مؤتمر وطني, أو أن يدعو له الملك.
• هل تعتقد أن الملك يمكن أن يدعو إلى مؤتمر وطني للإصلاح, فتتجاوز مخرجات المؤتمر ما يمكن أن يقبل به..؟!
ـ المؤتمر الوطني الذي اقصده هو اخراج لموقف سياسي, وليس تأسيساً له.
أخراج لحزمة اصلاحات, بعد أن يتم التوافق عليها, فنذهب لمؤتمر يناقش كيفية اخراج هذه الإصلاحات, ويكون تتويجاً لهذا الجهد, ويمكن أن نسميه في حينه عرساً وطنياً جديداً.
خيارات النظام
• هذا ما ترتأونه أنتم.. ما الذي يرتئيه النظام..؟
ما هي خيارات النظام..؟
ـ خيارات النظام أن يبقى مستمعاً للمستشارين, الذين يشيرون عليه بأنه لا ضرورة لجرعات زائدة حسب تعبيرهم ووصفهم, من الإصلاح, وأن شهية الشعب الأردني قد تنفتح أكثر فأكثر على مزيد من الإصلاحات, وأن هذا يمكن أن يهدد مستقبل النظام والعرش.
وأعتقد أن هذه المشورات هي التي تهدد مستقبل النظام وتسبب خيبات الأمل, وفي تقديري الدقيق أن تمكن النظام واستقراره وتقويته, يكون من خلال القفز إلى الأمام, وتقديم جرعة وافية جداً من الإصلاحات, بل ربما تكون أكبر من مطالب الحد الأدنى للمعارضة, وعندها تقام الحجة على كل من يتحرك في الشارع, وننتهي من هذا الإشكال, ونتفرغ بعد ذلك للبناء الجديد.
اعادة فتح باب التعديلات
• إعادة فتح باب التعديلات مجدداً, تم في إطار محاولة لإسترضائكم, واقناعكم بدخول حكومة الخصاونة.. أما وقد رفضتم, هل سيفتح باب الحوار فعلاً, خاصة وأن محاورة الآخرين تمت بالفعل..؟
هل إعادة فتح باب الحوار مرتهن بمشاركتكم في الحكومة أم لا..؟
ـ يمكن أن نحاور دون أن نشارك.
• هل يقبل النظام بذلك..؟
ـ هذا السؤال يوجه للنظام.
أنا في تقديري أنه ليس هناك طريق أن سبيل إلا أن ندخل طريق الإصلاح الواسع. وهذا يمكن أن يتم من خلال الحوار.
ومن جهتنا, نحن لا نستجدي الحوار مع أحد. ونحن اصحاب برنامج اصلاحي ليس فيه أي مصلحة خاصة لحزبنا, إنما نتحدث عن مطالبات سياسية اصلاحية ديمقراطية وطنية, تهم كل الأردنيين, معنية بإعادة انتاج الحياة السياسية وانتاج مؤسسات الدولة من جديد, بعد الفشل الذي وصلت له هذه المؤسسات, وأفرغت من كل مضمونها وجوهرها.
ونحن لسنا في عجلة من أمرنا, خاصة أننا نتحدث عن مطالب اصلاحية وحراكات سلمية. ما دمنا ملتزمين بموقف سياسي محصن من مؤسسات الحركة الإسلامية, وحراك الشارع السلمي, وتطور الموقف الإقليمي, وأقصد بذلك الثورات, سواء أكانت في سوريا أو اليمن, فهذا يعني أن الوقت يمضي لمصلحتنا.
إذا كان هناك ثمة عقل سياسي, ومطبخ سياسي, أعتقد أنه يجب أن تحدث انعطافة سريعة بإتجاه الإصلاح, لا تحتمل التأجيل.
• هذا ما تعتقدونه.. هل هذا ما يعتقده النظام..؟
هل النظام مؤهل لأن يقوم بهذه الإنعطافة..؟
ـ مرة أخرى اقول: ليس لدى النظام أي خيار آخر.
• هنالك انظمة أخرى في العالم العربي لم يكن أمامها غير الإستجابة, ولم تفعل..؟
ـ ولذلك سقطت.
نحن في لحظة حاسمة, لابد من التوقف عن النفخ في بعض التفصيلات والجزئيات والشكليات, والدخول في الإصلاح الحقيقي.
عدم شعبية الحراك
• اعترفت في ردودك على بعض المداخلات في مؤتمر البحر الميت للحوار الشعبي, بأنكم لم تنجحوا في تحويل الحراك الحزبي إلى حوار شعبي.. هل يشكل الحراك الحزبي منفرداً خطراًً على النظام..؟
ـ نحن بالتأكيد نتحدث عن اصلاح النظام, فهل يمكن الوصول إلى الحد الأدنى من الإصلاح دون حدوث فعاليات شعبية واسعة جداً, علماً أنه لا يمكن عزل صفة الفعاليات الشعبية, عما حدث في الأردن خلال الشهور العشر الأخيرة.
وألفت هنا إلى أنه في 29 ايلول/ سبتمبر, حين أقرت التعديلات الدستورية, خرجت أكبر مسيرة في عمان.
كيف يمكن أن يقرأ ذلك.
• يقرأ بأن خيبة الأمل كانت كبيرة.
ـ وقد خرجت تلك المسيرة تحت عنوان "لن تخدعونا".
كذلك, بعد أن شكلت حكومة الخصاونة, خرجت مسيرة ضخمة وكبيرة, وقبلها كانت مسيرة تحت عنوان الجبهة الوطنية.
نحن نتحدث عن بقعة زيت تتمدد, تسمى الحراكات الجماهيرية والشعبية, التي تزداد حضوراً وتأثيراً, كل اسبوع وكل شهر.
• ما هي الجرعة الإصلاحية المطلوبة الآن..؟
ـ تتعلق هذه الجرعة بالمواد 34, 36,35 من الدستور, اضافة إلى ما كلفت به الحكومة: قانون الإنتخابات, قانون بلديات جديد, أو تجرى عليه تعديلات, والهيئة الوطنية المستقلة للإشراف على الإنتخابات.. بلدية أو نيابية, والمحكمة الدستورية.
بطولة الخصاونة
• كيف ترى مأزق الحكومة الحالية والمخرج منه, أم أنه سيطبق (بتسكين الطاء) على هذه الحكومة, كما أطبق على حكومة معروف البخيت..؟
ـ الأردن بحاجة إلى بطل سياسي, وهذا البطل يمكن أن يأتي الآن.
أعتقد أن الفرصة متاحة الآن أمام الدكتور عون الخصاونة, لأن يتقدم بإستقالته فوراً, أو أن يستجيب للإصلاح المطلوب. إذا قدم استقالته, فإنه ينتج بذلك بطلاً وطنياً اردنياً من رحم مؤسسات الدولة الأردنية, بعد أن عقمت مؤسسات الدولة عن انتاج ابطال وتركت هذه المهمة للشعب.
• ولكن هل يبحث الرئيس عن البطولة..؟
ـ إذا كان يبحث عن البطولة, فهذا حق مشروع..
• حق مشروع لا يريد أن يستفيد منه.
ـ أو ليس قادراً..
الملك الآن هو في حاجة لعون الخصاونة, وليس العكس.
عون الخصاونة لم يكن في حاجة إلى هذا المنصب. لقد عرض عليه التكليف عدة مرات, وهذا يعني أن خيارات الملك محدودة جداً, لجهة من يتولى رئاسة الحكومة.
• ليس في من يتولى, وإنما فيمن يمكن أن يكون مقنعاً للناس..؟
ـ هذا تحليل دقيق جداً. وكان في الإمكان ولا تزال هناك فرصة, لا أظن أنه مؤهل لها.
مستجدات العلاقة مع "حماس"
• ما حقيقة ما يجري بين النظام و "حماس"..؟ وكيف تفهمه..؟
ـ هنالك حراك بإتجاه إعادة انتاج العلاقة بين الأردن, وبين "حماس", تقوم به بعض مؤسسات النظام.
• غير الأمنية في هذه المرة..
ـ نعم غير الأمنية.
توجد كذلك رغبات لدى بعض الدول الأخرى لإتمام هذه المصالحة وأعتقد قطر تحديداً.
• لماذا..؟ ما الذي تريده قطر..؟
ـ ربما يكمن ذلك في طموح قطر لأن تلعب ادواراً اقليمية. وهذا دور من أهم الأدوار الإقليمية التي يمكن أن تلعبها.
• هذا من شأنه أن يساهم في عزل سوريا عن الورقة الفلسطينية..؟
ـ حتى عزل سوريا هو أحد الأدوار التي يمكن أن تلعبها قطر, كما حدث في الموضوع الليبي.
أظن كذلك أن قطر تعتقد أنها قد ورطت في موضوع اخراج قيادات "حماس" من الأردن عام 1999, وباعتبارها طرفاً في المشكلة, تريد أن تكون طرفاً في حلها.
والأهم من كل ذلك, وجود مصلحة اردنية حقيقية في إعادة انتاج هذه العلاقة..
• ما هي هذه المصلحة..؟
ـ هي مصلحة متعلقة بالمخاطر التي بدأت تتزايد فيما يتعلق بموضوع الوطن البديل, وفشل مسارات التسوية والتفاوض, وعجز وضعف القيادة الفلسطينية, والمتغيرات الإقليمية, وتحديداً تغيير النظام المصري, الذي كسر ظهر محمود عباس ومجموعته..
• وغير عباس..
ـ نعم.. وغير عباس.. لقد كسر العامود الفقري لمحور دول الإعتدال.
ثم إذا كان هنالك عقل سياسي يقرأ بشكل جيد, مستشرفاً المستقبل, فلابد أن ينظر هذا العقل إلى المستقبل, و "حماس" والقضية الفلسطينية المتشابكة جداً بالوضع الأردني, هي المستقبل وليس أبو مازن.
"حماس" وسوريا
• أن تتصالح "حماس" مع الأردن, فهذا يزعج السوريين. هل "حماس" جاهزة لذلك.. نقل مقر قيادة "حماس" من دمشق لعمان..؟
ـ أولاً أنا استبعد أن يتم نقل مقر قيادة "حماس" للأردن.
• لماذا..؟
ـ لعدة اعتبارات.. الظرف السياسي لم ينضج, لا في الأردن, ولا في بقية الدول.
• ما الذي يمكن أن ينضج الظرف السياسي في الأردن..؟ هل تعني بذلك التحفظات الأميركية والإسرائيلية..؟
ـ بالتأكيد.. هذا ما اقصده.
إلى ما سبق, في تقديري أن "حماس" حرصت على اقامة علاقات متوازنة مع جميع دول المنطقة. وهي تسير أحياناً على حافة السيف في محاولة اقامة علاقات مع ايران والسعودية في ذات الآن.
ويمكن الحديث عن هذه المعادلة بالمحافظة على العلاقات مع السوريين, وإقامة علاقات جديدة مع الأردن.
• الوضع مختلف. النظام في سوريا يسير الآن على حافة الهاوية, وهو معرض للسقوط, ولذلك فإن ردة فعل النظام اتجاه "حماس" في حال استعادة علاقتها مع الأردن, تختلف عن معادلة التوازن في العلاقات مع ايران والسعودية.
مصالحة "حماس" مع الأردن تبدو عملية كسر عظم بالنسبة للنظام السوري".
دمشق تتهم عمان حالياً بالمسؤولية عما يجري في سوريا, رغم أن اعرف الناس بعدم صحة ذلك هم المسؤولين السوريين انفسهم.
ـ ولذلك السوريين حريصون على بقاء "حماس" في دمشق.
• طبعاً.
ـ على كل, ومن خلال متابعتي, أعتقد أن "حماس" لم تتخلى عن سياستها التي يمكن أن تفهم في يوم من الأيام على أنها منحازة لطرق دون آخر, أو أنها تدخل في تحالفات اقليمية, وخاصة فيما يتعلق بالشؤون الداخلية للدول, ولكن من مصلحتها أن تحتفظ بنصاب واسع من العلاقات الدولية.. خاصة أننا نتحدث عن أن كل المتغيرات التي جرت في المنطقة يمكن أن يكون المستفيد الأكبر منها حركة "حماس".
الزمن يعمل لصالح "حماس"
• هذا صحيح, خاصة بعد ظهور نتائج الإنتخابات التونسية, وغداً الإنتخابات المصرية, التي يتوقع أن تنتج ذات النتائج التونسية.
ـ بالضبط. ولهذا تعجل نتنياهو اتمام صفقة تبادل الأسرى في مصر, قبل تبلور الصورة النهائية لنظام الحكم المقبل في مصر.. لأن القادم سيكون اسوأ بالنسبة له, وأفضل بالنسبة لـ "حماس".
• ما هي المعلومات التي يمكن أن تفرج عنها بخصوص العلاقات بين الأردن و"حماس"..؟
ـ ليس لدي أكثر مما ينشر في وسائل الإعلام. لكني أعتقد أن تطوير العلاقات بين الجانبين يعتمد على مدى استعداد الأردن لقبول وتطوير هذه العلاقة.
في ظني أن "حماس" تعاملت, وما تزال تتعامل مع الأردن بإيجابية.
• المعادلة الداخلية الأردنية هي صاحبة القرار لهذه الجهة.. في تقديرك على ماذا سترسو في نهاية المطاف.
هل يبدو أن دائرة المخابرات التي كانت متحمسة للمصالحة مع "حماس" حين كان هذا الملف في حوزتها, تبدو الآن تعمل على عرقلة المصالحة, بعد أن أحيل هذا الملف للحكومة..
ـ إذا كان هناك ثمة تقدير لمصلحة الأردن, وخاصة فيما يتعلق بقراءة المستقبل, وبعض المعونات, التي يمكن أن تأتي من قطر مثلاً.. فهذا يعني تجاوز للعقبة الأمنية.. أو بشكل أدق, إذا اقتنع الملك بضرورة انتاج علاقة جديدة فلن تستمر العقبة الأمنية أمام هذه العلاقة.
• قيل, بل وجه في خطاب ملكي لمدير المخابرات الجديد أنه لا علاقة للدائرة بالشأن السياسي الداخلي..
ـ التجارب التي خضناها تدعونا لعدم التفاؤل والحذر والقناعة في أن الإستثناء هو الذي يسود في الأردن, ما لم يحدث العكس.
مدير المخابرات الجديد
• مدير المخابرات الجديد, ما تقييمكم لشخصه..؟ وللدور الذي يمكن أن يلعبه مستقبلاً..؟ وهل يمثل حالة انفراج..؟
ـ المعلومات المتوفرة لا تؤهلني للتحدث عن تفصيلات. وليس المهم مواصفات مدير المخابرات, بقدر اهمية الحديث عن الدور الحقيقي لهذا الجهاز, والإرادة السياسية العليا, في وضع حد للتدخلات الأمنية, أو المخابراتية.
• المقالان اللذان نشرهما رئيس تحرير "الرأي" شبه الرسمية, في نقد الحكومة الجديدة, واتجاهها نحو الإنفتاح على حركة "حماس" ماذا يعنيان لجهة موقف الدائرة من الحكومة..؟
ـ هذا يعني استمرار صراع مراكز القوى داخل الدولة الأردنية, ولو افترضنا أن مدير المخابرات الجديد يريد أن ينهي هذا الصراع, فالسؤال الذي يطرح نفسه هل هو قادر على ذلك..؟
ما أريد قوله أن حالة التفكك في مؤسسات الدولة الأردنية أنتجت مراكز قوى حتى داخل المخابرات, مارس بعضها سياسات قد لا تعبر عن وجهة نظر أو القرار الرسمي للدائرة. وقد سمعنا عن ادائه لبعض هذه الإجراءات, من قبل مراكز قوى داخل الدولة.
هذا هو تقديري للموقف.
• هل صحيح أن رئيس الحكومة هو الذي جاء بمدير المخابرات الجديد..؟
ـ هو لم يقل ذلك..
• لكنه يقال..؟
ـ أنا كنت اتمنى أن يكون فعل ذلك. أنا لا أعيب عليه أن يكون نسب مدير مخابرات..
• هذا ما فعله عبد الكريم الكباريتي حين شكل حكومته, وجاء بسميح البطيخي مديراً للمخابرات.
ـ بالضبط.. وهو كذلك الذي نسب في حينه عون الخصاونة رئيساً للديوان.
انعكاس الحدث السوري على الأردن
• ما هي رؤيتكم لإنعكاس الحدث السوري على الأردن, في حال سقط النظام السوري, وفي حال عدم سقوطه..؟
ـ قناعتي أن النظام سيسقط.. والمسألة مسألة وقت..
بالمناسبة كانت أول مرة دخلت فيها سوريا سنة 1997, وتم اعتقالي يومها لمدة 17 يوماً. وفي سنة 2006 دخلت سوريا للمرة الثانية بترتيب مسبق.
• ما سبب اعتقالهم لك..؟
ـ يبدو أنه كان لديهم تقرير يفيد بأنني من الإخوان المسلمين, وأنني قادم إلى سوريا في مهمة تتعلق بالإخوان المسلمين السوريين.
كان هذا أكثر ما توقف عنده التحقيق. ويبدو أنهم عندما توصلوا إلى قناعة بعدم وجود أي علاقة لي بالأمر, وأن هذه كانت أول مرة أدخل فيها إلى سوريا, تم الإفراج عني, وذلك اضافة إلى المطالبات الأردنية.
باختصار, النظام السوري يعد ايامه, وفي تقديري أنه سيصمد كحد أقصى لمدة ستة أشهر أخرى. وسيكون لسقوط هذا النظام تأثير كبير على مجمل المنطقة, وليس فقط على الأردن.. سوريا حجر زاوية في الموضوع الإقليمي. سيكون لسقوطه انعكاس على ايران والأردن والعراق ولبنان والسعودية.
وعلى ذلك, يجب أن يكون هنالك استعجال اردني, لإعادة انتاج الذات من جديد.
• هل يجب أن يتم ذلك قبل سقوط النظام السوري, حتى لا تزيد الكلفة..؟
ـ هذا صحيح..
• والعاقل هو من ينصح الملك بضرورة انجاز الإصلاح الأردني قبل سقوط النظام السوري..
ـ بالضبط..
• سقوط النظام في سوريا, قبل انجاز الإصلاحات في الأردن يلحق خطراً شديداً بالنظام في الأردن..
ـ صحيح.. وعليهم أن يفهموا قبل فوات الآوان.
المستقبل العربي