
جفرا نيوز - إليكم ما قاله الكابتن طارق عبد العال :
-بداية ما حقيقة ما تردد عن إبحار العبّارة "بيلا" في رحلتها الأخيرة من ميناء نويبع رغم وجود مشاكل فنية بمحركها؟
العبّارة تحركت من ميناء نويبع يوم 2 نوفمبر الساعة 10 مساءً على متنها 514 راكبا، ولم يكن بها أي مشاكل فنية وكانت سليمة بنسبة 100%، ووصلت لميناء العقبة الأردني الساعة الواحدة صباح الخميس 3 نوفمبر، وبدأت أفرغ حمولتها من ركاب وسيارات وأمتعة، ثم بدأت فى تحميلها من أجل رحلة العودة الساعة 3 صباحا وانتهت من التحميل 7 صباحا.
وبدأت التحرك بالعبّارة في رحلة العودة إلى ميناء نويبع الساعة 7.15 صباح الخميس، ووصلت للسرعة القصوى للعبّارة 7.30 صباحا، وبعد مرور نحو 45 إلى 50 دقيقة على بعد نحو 9 أميال بحري من ميناء العقبة، وكانت مازالت فى المياه الإقليمية الأردنية، ظهر إنذار حريق بشاشة العرض الموجودة بغرفة القيادة والتي ترصد كل جزء بالعبّارة من خلال كاميرات المراقبة، يشير إلى نشوب حريق بالجراج، على الفور طلبت فرد الطاقم المسئول عن متابعة الوضع والمرور بالعبّارة الذي أكد عبر جهاز اللاسلكي نشوب الحريق في الجراج وتحديداً في أمتعة الركاب.
-وكيف تعاملت بعد اكتشافك هذا الحريق؟
على الفور أرسلت إشارات استغاثة للعالم بأكمله، والتقطتها كافة السفن المُبحرة بحول "بيلا" ومحطات الاستقبال الساحلية والموانئ والمطارات المحيطة، وعقب ذلك بإبلاغ ميناء العقبة وميناء نويبع وإدارة شركة الجسر العربي التابعة لها العبّارة "بيلا"، وفى غضون ذلك أصدرت تعليمات لأفراد الطاقم المتخصص في التعامل مع الحريق، والذي بدأ في استكشاف الحريق ومحاولة إطفائه والسيطرة عليه.
واكتشف أن النيران مندلعة في أمتعة الركاب وتزداد بصورة غير طبيعية، لدرجة أن الأدخنة حجبت الروية في جراج العبّارة، وكان بالعبّارة من 150 إلى 200 طن أمتعة، وعندما لم تنج المحاولات الأولية في إطفاء الحريق بدأنا فى تشغيل أنظمة الإطفاء الذاتي بالجراج، ووصلت سرعة ضخ المياه من رشاشات الضخ إلى 750 طن مياه في الساعة.
وفى غضون ذلك كنت أتابع إطفاء الحريق وأتابع مع الموانئ لإرسال الإمدادات للمساعدة، وأثناء هذا بدأت تصل السفن الحربية الأردنية، وفى نفس الوقت كانت العبّارة "آيلة" التابعة لنفس الشركة تبحر بالقرب من "بيلا" متوجهة من نويبع إلى العقبة، وطلبت من قبطانها المساعدة وأبلغته أنى لدى حريق واحتمال أبدأ في إنزال الركاب.
وعندما لم تنج كل محاولات السيطرة على الحريق قررت البدء في إنزال الركاب، وكان عددهم 1230 راكبا وأفراد الطاقم 34 فرداً، وأبلغت الركاب بأنه سيتم إخلاء العبّارة من كافة الركاب، وبالفعل بدأت في إنزال الركاب في قوارب النجاة و"الرماثات".
- ومتى وصلت قوات الإنقاذ؟
مع بدء إنزال الركاب كانت وصلت حوالي 25 قطعة بحرية أردنية للمساعدة تصل سرعتها لنحو 50 عقدة / س في الوقت التي تصل فيه سرعة العبّارة لـ 13 عقدة، وكانت 4 عبّارات من شركة الجسر العربي على وصول، بالإضافة إلى وصول 4 قاطرات من ميناء العقبة الأردني كانت تحاول إطفاء الحريق.
- وأين القوات المصرية من عمليات الإنقاذ؟
الجهود الأردنية في الإنقاذ كانت أضعاف الجهود المصرية، وبعد نحو 20 دقيقة من وصول القطع البحرية الأردنية والـ 4 القاطرات، وصلت القاطرة جهاد المصرية من ميناء نويبع وقطعة بحرية مصرية واحدة جاءت من ميناء طابا.
وعانيت أثناء إنزال الركاب من اندفاعهم وحالة الهلع التي كانت تسيطر عليهم، وبعضهم كان يصر اصطحاب أمتعته معه خلال النزول إلى قوارب النجاة، والحمد الله استطعت التعامل مع كل هذا، وسيطرت على 1274 راكبا كانوا على العبّارة، وانتهيت من إنزال كافة الركاب في 96 دقيقة، وهذا التوقيت مسجل عالميا لأن إشارات الاستغاثة مسجلة في كافة مراكز الإنقاذ بالعالم.
وكان فيه 5 زوجات بأزواجهم مصابون بحالة هلع غير عادية بينهم اثنان حوامل ومعهم أطفال صغيرة، جعلتهم ملازمين لي طوال فترة الإنزال للنهاية، وأرسلت إشارة استغاثة أطلب طائرة هليكوبتر لإنزال هؤلاء الأزواج من خلالها، وردت على هذه الإشارة غرفة العمليات بميناء إيلات (الإسرائيلي) وعرضت علىِ المساعدة وأنها بمقدور إرسال الطائرة ووصلها لموقع العبّارة فى غضون 5 دقائق، والسعودية عرض إرسال الطائرة لكنها قالت ستصل خلال ساعة، ومركز العمليات بالأردن أخبرة أن مستعد إرسال طائرة في 3 دقائق.
- وماذا عن القوات المصرية وما قيل عن إرسال طائرات للمساعدة فى الإنقاذ؟
كل ما قام به الجانب المصري هو إرسال طائرة واحدة هليكوبتر، ولم تفعل أكثر من التحليق فوقنا، ولم نرَ غير ذلك ، ولا تجعلني أتحدث عن تعامل السلطات المصرية مع الحادث، لأني أشعر بمرارة من موقفها.
- وأى طائرة وصلت للمساعدة فى الإنقاذ الأزواج؟
رأيت أن وصول الطائرة وتحليقها فوق العبّارة سوف يزيد من اشتعال النيران بها، لذلك قررت الاستغناء عن فكرة الطائرة، وبدأت في إنزال الأزواج، وكان وصل لي لنش حربي من قوات العمليات الخاصة الأردنية، وأنزلت الأزواج مستخدما الحبال، وأنا آخر شخص غادرت العبّارة، وكافة قراراتي كانت بالتنسيق مع مركز عمليات ميناء العقبة الأردني. ولا صحة تماما لما تردد أنى خيرت الركاب بين القفز في المياه أو الموت حرقا.
- وماذا عما تردد عن نشوب حريق محدود بالعبّارة أثناء رسوها بميناء العقبة الأردني قبل إبحارها في رحلة عودتها إلى نويبع؟
هذا كلام عار تماما من الصحة وغير منطقي، لأنه لو حدث ما كانت سلطات التفتيش الأردنية تسمح بإبحاري.
- وكيف كان التعامل بعد إنقاذ كافة الركاب ومغادرتكم للعبّارة؟
وصلت إلى العقبة الأردني، وبدأت الإجراءات الرسمية الأردنية وخضعت للتحقيق لمدة تتراوح من 6 إلى 8 ساعات من قبل لجنة قضائية فينة، واستمعت لأقوالي.
وما لفت نظري الكلمة التي قيلت لي من أحد رجال القضاء الكبار الأردنيين الذي يوازى منصبه وزير العدل المصري، حيث قال لى: "متشكرين أنت اليوم رفعت رأس الأردن ولم تيتم أحدا من 1274 أسرة".
- رفعت رأس الأردن أم مصر؟
الأردن لأن العبّارة ترفع علما أردنيا، والحادث وقع بالمياه الإقليمية الأردنية، والشركة التابعة لها تملكها دور الأردن ومصر والعراق، ومقرها الرئيسي بالأردن.
- لكنك مصري والركاب غالبيتهم مصريون والشركة تملك ثلثها مصر؟
مصر تجاهلتني ولم يقل لي مسئولا مصريا متشكرين، بل السلطات المصرية حاولت القبض علىِ أثناء عودتي بمجرد وصولي إلى ميناء نويبع، وكان في انتظاري ضابط مباحث ووكيل نيابة، أما ملك الأردن كرمني بعد إنقاذي أرواح 1274 فرداً.
- وكيف تعاملت مع محاولة القبض عليك من السلطات المصرية؟
أنا لا أخشى من شيء.. لكن حينها كان الوقت متأخرا، وكان لابد من أن أطمئن أسرتي، ومستعد لأي تحقيقات.
- ألم يتصل بك أى مسئول مصري عقب عودتك إلى مصر لتكريمك أو شكرك؟
إطلاقا.. بل حاولوا القبض علىِ.. وهذا ما يشعرني بالمرارة، لكن فعلت ما يرضى ضميري ويرضى الله.
- هل تبادر إلى ذهنك حادث العبّارة "السلام 98" عقب نشوب النيران في "بيلا"؟
جاءت للحظة لكن أنا تعاملت بدقة، وأرسلت استغاثات على الفور بالتوازي مع جهود الإطفاء والإنقاذ، بعكس قطبان "السلام 98" الذي رفض أن يستغيث وتعامل مع الحريق بأسلوب سيئ للغاية، مع العلم أن الحريقين كانوا متشابهان تماما وكانا بالجراج.
- وما مدى صحة ما قيل عن تعمد شركة الجسر العربي إغراق "بيلا" بعد 4 أيام من اشتعال النيران بها؟
غير صحيح، لأن العبّارة كانت محاطة بالقوات البحرية الأردنية، والغرق راجع إلى النيران التي أتت عليها، وربما تكون أحدثت بها شقوقا وغرقت.