حوار الخصاونة مع القوى السياسية والنيابية ينبغي أن ينعكس على تشكيلة الحكومة المنتظرة
الخميس-2011-10-20

جفرا نيوز - جفرا نيوز - محمد سويدان
الجميع بانتظار ما ستسفر عنه مشاورات الرئيس المكلف عون الخصاونة مع الكتل النيابية وألوان الطيف الحزبي والسياسي ومؤسسات المجتمع المدني من ناحية هل ستنعكس فعلاً على تشكيلة حكومته وبرنامجها، أم أنها ستكون مشاورات شكلية يجريها أي رئيس مكلف في الوقت الذي يكون حدد طاقمه الوزاري؟
لقد تعودنا سابقاً من رؤساء الوزراء المكلفين أن يعقدوا جلسات مشاورات متواصلة مع ممثلين عن القوى السياسية والحزبية والمجتمعية، لتأتي التشكيلة الحكومية عادية وفي بعض الأحيان أقل من عادية، وتثير الاحتجاج.
ولكن الأمر هذه المرة يجب أن يكون مغايراً، فهذه الحكومة تأتي في مرحلة حساسة بسبب الاحتقان الشديد الذي خلفته حكومة معروف البخيت، جراء قراراتها وتوجهاتها السياسية وعلى مختلف الصعد وخصوصاً على صعيد الإصلاح السياسي.
وللتذكير، فإن البخيت أجرى مشاورات سياسية مع كافة ألوان الطيف السياسي والحزبي ومؤسسات المجتمع المدني، وجاء بتشكيلة حكومية عادية، إذا لم تكن أقل من ذلك، ولم تتمكن فعلاً من مواجهة ضغط الشارع المطالب بالإصلاح والذي ينشد إصلاحات حقيقية وعميقة تنعكس على واقع ومستقبل البلد، وتعزز الديمقراطية التي أصبحت شعاراً تتغنى به كل حكومة جديدة، وتتخذ قرارات فعلية تضعف من الديمقراطية ومن الحريات العامة.
إذن، فالمطلوب من الرئيس المكلف، أولاً إجراء حوارات معمقة وحقيقية مع كافة القوى السياسية والحزبية وغيرها، وثانياً أن تثمر هذه الحوارات عن نتائج واضحة وإيجابية تنعكس على تركيبة الحكومة.
ومن الضروري الإشارة إلى أن بعض رؤساء الوزراء حاول تطعيم حكومته ببعض الوزراء من الخلفيات النقابية والحزبية، إلا أن تركيبة تلك الحكومات بالمجمل كانت عادية، ولم يفدها وجود شخصيات فيها ذات خلفيات سياسية وسطية أو معارضة.
فالقضية الأهم من وجود شخصيات حزبية وسياسية في أي حكومة هو نهج هذه الحكومات، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها. فإذا كانت أهدافا إصلاحية حقيقية، فإن التشكيلة الحكومية ستكون بالضرورة متناغمة معها بحيث تضم ممثلين عن القوى والفاعليات السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني التي تؤمن بالإصلاح قولاً وفعلاً وتسعى إلى تحقيقه.
لقد شهدنا رؤساء مكلفين يتحدثون عن الإصلاح السياسي، ويأتون بفريق وزاري فيه وزراء يعملون ضد الإصلاح، ولا يؤمنون به. لذلك، فإن الرئيس الخصاونة، الذي عُرف عنه إيمانه بالحريات العامة وبالديمقراطية، مطالب بأن تنعكس أفكاره ومعتقداته الإصلاحية وإيمانه بالحريات العامة وبالديمقراطية على تشكيلة حكومته.
ولتحقيق ذلك، يحتاج الرئيس المكلف إلى حوار عميق فعلاً مع القوى السياسية وخصوصاً المعارضة وعلى رأسها الحركة الإسلامية والجبهة الوطنية للإصلاح والأحزاب والهيئات التي تضمها.
وبهذا الصدد فإن لقاء الخصاونة برئيس الجبهة الوطنية للإصلاح رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات أول من أمس، إيجابي، ولكن الأهم أن يحدث حوار حقيقي حول برنامج الحكومة ونهجها وكذلك حول إمكانية مشاركة الجبهة في هذه الحكومة.
كما أن هذا الأمر مطلوب مع الإسلاميين الذين يحظون بامتداد كبير في الشارع، ولا يمكن لأحد تجاهله، فالإسلاميون لديهم رؤية وأهداف معلنة، وإذا أرادوا المشاركة في الحكومة فإنها يجب، وفق ما صرحت به قيادات إسلامية، أن تتبنى الكثير من أهدافهم الإصلاحية والتي تعتبر بالنسبة لهم الطريق السليم نحو تعزيز الديمقراطية.
وهناك أيضاً قوى وفاعليات شبابية وشعبية ظهرت مؤخراً، ولها امتداد في الشارع، ولها موقف جذري من عملية الإصلاح، لا يمكن تجاهلها، وعدم الحوار معها، فهي مؤثرة ولها رؤية إصلاحية واضحة، فضلاً عن أنها نفذت مؤخراً العديد من الفعاليات المطالبة بالإصلاح في مختلف محافظات المملكة.
كما ينبغي للرئيس المكلف محاورة القوى والأحزاب الوسطية، فمنها من يتبنى برنامجاً إصلاحياً واضحاً وجذرياً كالتجمع الأردني للإنقاذ، الذي يضم أربعة أحزاب وسطية، فضلاً عن وجود أحزاب وسطية أخرى تسعى للإصلاح لكن بطريقة مختلفة، وليست جذرية.
خلاصة القول، إن الحوار مع الأحزاب والفاعليات الشعبية والشبابية يجب أن يكون مثمراً، وينعكس على تشكيلة الحكومة الجديدة، كما أن الحوار مع الكتل النيابية يجب أن يكون كذلك.
إننا بانتظار التشكيلة الحكومية، فهي ستبين إلى درجة كبيرة توجهات الحكومة المستقبلية ومدى جديتها في الإصلاح.
نتمنى أن يكون الفريق الوزاري الجديد قادرا على تحقيق الإصلاح السياسي، وأن يقنع الرئيس المكلف المواطنين والقوى السياسية بتوجهاته الإصلاحية، وبجديته في تحقيق إنجاز حقيقي على هذا الصعيد.
إن الكثير من الأحزاب والقوى السياسية تتمنى أن يشكل الرئيس الخصاونة حكومة إصلاحية تكون قريبة من حكومة الانقاذ الوطني التي طالبت بها هذه الفاعليات.
ولكنها في نفس الوقت تتمنى في حال لم يتمكن من ذلك أن يعتذر عن عدم تشكيلة الحكومة حتى لا تكون على شاكلة الحكومة التي سبقتها.

