الحكومة المقبلة: تحقيق الولاية العامة يساوي نصف النجاح وإبعاد المحاصصة بداية الإصلاح
الخميس-2011-10-19

جفرا نيوز - جفرا نيوز - جهاد المنسي
من لاهاي في هولندا إلى الدوار الرابع في العاصمة عمان، حضر الرئيس المكلف عون الخصاونة، ليتسنم سدة السلطة التنفيذية، في وقت سيقع على كاهله حمل ملفات تنوء بثقلها الجبال، وطريق وعر بحاجة الى طاقات وزراء فوق العادة، وبرنامج حكومي متناسق متوازن يعبر عن المرحلة.
هو يعرف يقينا، أن البلاد وصلت قبل أسبوعين الى مرحلة تأزيم عالية الخطر.. إلى حد أن يعتدي مواطنون على آخرين بدون تدخل الدولة، ووصل الحال كذلك الى قطع طريق حيوي كالطريق الصحراوي، احتجاجا فقط على عدم فصل بلدية عن أخرى.
في السنوات الماضية، تراجعت سلطة الدولة إلى درجة شديدة الخطورة، وباتت هيبتها تنتعش في مناطق معينة، وتتراجع في أخرى، وهي معادلة غير مفهومة وبحاجة إلى ميكروسكوب يكبر الصور ألف مرة، لنقف على مجريات ما يحدث.
الملفات التي تنتظر الخصاونة، شائكة وعديدة، تبدأ بالملف السياسي الإصلاحي، وتمر عبر قناة الاقتصاد المأزوم حتى الخطر، ومن ثم الملف الاجتماعي المتفجر، وما بينهما من ملفات أمنية وخارجية.
الرئيس المكلف يعرف خبايا المشهد الأردني عبر لقاءات، اعتاد على حضورها وعقدها في الأردن عند زياراته الى عمان، وهو يعرف طبيعة المرحلة عن طريق معرفته بما تمر به المنطقة على نحو عام، ويعرف أيضا بحكم خلفيته كعضو وفد مفاوض، قضايا خارجية كثيرة، وبالتالي فإن الأمل معقود بأن ينجح في الذهاب بالبلاد إلى طريق جديد عنوانه الإصلاح ومحاربة واجتثاث الفساد والإفساد.
الخصاونة، عليه ترتيب أوراقه المستقبلية، واستعادة ولاية الحكومة كاملة فعلا لا قولا، وإبعاد أي تدخلات أمنية أو أي تدخلات أخرى في أداء وسير حكومته، وهذا يمر عبر اختيار طاقم وزاري قوي، يحظى بحضور وقبول الشارع وكل الأطراف، ولا يعرف طريقا للتنفيذ غير طريق مجلس الوزراء.
أطياف كثيرة وفعاليات حزبية ونيابية وشعبية، استبشرت خيرا بتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، وفي خلفيتها سيرة الرجل الايجابية، وسيرة مهنية رفيعة، ويد بيضاء، لا تشوبها شائبة.ما نقل عن الخصاونة، وطلبه من صاحب الأمر تأمين عدم تدخل أي جهة في عمله، يسلط ضوءا على طريقة تفكيره، وما يسعى اليه، والرسالة التي يود إيصالها.
أن تحظى السلطة التنفيذية بولاية كاملة على كامل مفاصل الدولة، توجه ايجابي ومطلوب، وهذا من شأنه إعادتنا إلى مربع يمكن أن يبنى عليه، تكون الحكومة فيه صاحبة الخيار والقرار، وتعود كافة الجهات (أمنية أو أخرى) الى ممارسة عملها الذي وجدت من أجله، بدون أن تفقد السلطة التنفيذية دورها وولايتها العامة، وبدون أن تشكل كل جهة دائرة صنع قرار وحدها، فتصبح السلطة التنفيذية الأضعف والأقل تأثيرا وحيلة.
الرئيس المكلف يعي المعادلة جيدا، وكيف لا وهو الذي ترأس الديوان الملكي قبل 15 عاما في زمن رئيس الحكومة آنذاك عبد الكريم الكباريتي، الذي كان يطالب دوما بولاية كاملة للحكومة تنبسط على كل مفاصل الدولة.
في هذا النطاق، فإن الخصاونة يعرف يقينا أن المرحلة المقبلة، بحاجة الى أفق سياسي واسع ونظرة شاملة، لكل مفاصل الحياة، والى قرارات غير مسبوقة، ورسم طريق واضح ومحدد للإصلاح، بعيد عن الشللية والعصبية والجهوية والقبلية والفئوية والإقليمية والعنصرية.
نعم.. نحن بحاجة إلى حكومة تشكل بعيدا عن التقسيمات الجهوية والعشائرية، فما الضير في أن يكون كل أعضاء الحكومة من منطقة واحدة، إذا اثبتوا أن لهم قدرة على قيادة المرحلة الجديدة إلى بر الأمان، فالوطن ليس كعكة يتم تقاسمها وتقطيعها بين المحافظات.
المفاضلة بين شخص وآخر، تتأتى بالجهد والعمل والمثابرة والقدرة على الإقناع وما تمثله كل شخصية من امكانيات قيادية مقنعة، وما عدا ذلك، فالجميع سواء، ولا تفضيل بين هذا او ذاك.
اليوم، يبدأ الرئيس المكلف لقاءاته بالنواب، كتلا ومستقلين، فالنواب الذين حملوا في خطاباتهم لواء الإصلاح، وطالبوا بحكومة قوية، عليهم ألا يرتدوا إلى مناطقهم، مطالبين بالتوزير من هذه المنطقة أو تلك.
إن طريق الإصلاح تختلف مع طريق الجهوية والعشائرية والفئوية، وكلاهما لا يلتقيان، فالإصلاح طريقه واضح ومحدد، والنواب اليوم إذا تحدثوا فيه، يختارون طريقا مختلفا عن الإصلاح.
نسيء الى الوطن عندما نبدأ بتقسيم المواقع القيادية قياسا على الجغرافيا، جنوبا وشمالا، شرقا وغربا، بوادي ومخيمات، قرى وحضرا، فالوطن للجميع ولا يجوز التعامل معه باعتباره كعكة تقسم بالتساوي.
تلك الذهنية التي سادت في الاعوام الماضية لا يمكن لقطار الإصلاح أن ينطلق بالمسير، وهي تتحكم فينا، وإنما علينا قبل الدخول في أتون الإصلاح والتطوير، أن نطور طريقة تفكيرنا عما كانت عليه، وان نبعث برسائل غاية في الوضوح، مفادها أن خيمة الوطن تضم الجميع، وتتسع للكل.
الكل بانتظار ما ستنجبه الحكومة الجديدة من أسماء، والجميع يراهنون على ان الرئيس المكلف الذي زار عمان عندما كان عضوا في محكمة العدل الدولية مرات عدة، والتقى خلالها ساسة ومثقفين ومراقبين، يعرف المرحلة التي تمر بها البلاد، ويعرف أيضا أن الأقوال بحاجة الى أفعال، وان الإصلاح بحاجة الى قوانين تفعّله على ارض الواقع.

