الإصلاح السياسي وتجربة اللامركزية
الخميس-2019-10-30

جفرا نيوز -
جفرا نيوز ـ تعتبر اللامركزية أحد مشاريع الإصلاح السياسي التي تبناها جلالةالملك منذ توليه سلطاته الدستورية؛ وطالب بها الحكومات المتعاقبة في خطاباته في مختلف المناسبات الوطنية والاستحقاقات الدستورية كافتتاح الدورات البرلمانية العادية للمجالس النيابية ؛ وتم تقديم اكثر من نموذج لتطبيق اللامركزية في الاردن حتى استقر الحال على القانون الحالي المعمول به والذي صدر عن مجلس النواب لعام 2015؛ ورافق اصدار قانون اللامركزية إجراء تعديلات على قانون البلديات وتضمينه إضافة انتخاب مجالس محلية في كل منطقة من مناطق البلدية لها رئيس وأعضاء مكملة ورديفة لصلاحيات وعمل المجالس البلدية المركزية بما يتوافق مع مهام مجالس المحافظات؛ وتحديد صلاحيات كل منها في القانون؛ وبدأ تنفيذ تجربة اللامركزية على أرض الواقع اعتبارا من 15/8/2017 بعد إجراء الانتخابات للمجالس البلدية والمحلية ومجالس المحافظات في يوم واحد.
ومن مهام مجالس المحافظات الرئيسة؛ المصادقة على دليل الاحتياجات المعد من قبل المجالس المحلية للبلديات بالتنسيق مع الحكام الاداريين ووحدات التنمية في المحافظات بمشاركة كافة القطاعات الشعبية والمجتمعية ومؤسسات المجتمع المدني؛ وكذلك المصادقة على مشروع موازنة المحافظة والمشاريع التنموية التي تضمنتها الموازنة؛ بعد اعدادها من قبل المجلس التنفيذي؛ بالإضافة إلى المهام الأخرى الواردة في القانون ومنها متابعة نسب إنجازات تنفيذ المشاريع الواردة في موازنة مجالس المحافظات.
وبعد مرور ما يزيد عن عامين من عمر هذه التجربة فقد اثبتت اللامركزية نجاعتها واهميتها في تحسين مستوى الخدمات التنموية والخدمية في كافة مناطق المحافظات وخصوصا المناطق النائية في القرى والمناطق البعيدة عن مراكز المحافظات؛ على الرغم من التحديات والمعوقات التشريعية والإدارية التي واجهتها.
إن اللامركزية أصبحت ضرورة ولا يمكن التراجع عنها؛ لما تمثلة من توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار التنموي؛ لأن اهل مكة أدرى بشعابها؛ حيث أصبح الآن بإمكان ألمواطنين تحديد اولوياتهم من الاحتياجات والمشاريع الخدمية والتنموية كالخدمات الصحية والتعليمية والشبابية والاجتماعية والزراعية والطرق والمياه وآية احتياجات ضرورية لتحسين الواقع الخدماتي للمواطنين بشكل مباشر؛ بدلا من اللجوء إلى مراكز الوزارات للحصول عليها وأحيانا تفرض عليهم مشاريع ليست ذات أولوية بالنسبة لهم.
واللامركزية والتغلب على التحديات والمعوقات لا بد من إجراء بعض التعديلات على قانون اللامركزية بهدف تعزيز صلاحيات واستقلالية مجالس المحافظات؛ وإلغاء التعيينات للاعضاء؛ واقتصار مهمة اعداد دليل الاحتياجات لمجالس المحافظات بالتنسيق والتشاور مع القطاعات الشعبية كافة؛ وإلغاء مهام وصلاحيات المجالس المحلية من هذه المهمة. بالإضافة إلى إفتتاح مكاتب او فروع لدائرة العطاءات العامة في محافظات المملكة لتتولى مهام إجراءات طرح عطاءات المشاريع المقرة من مجالس المحافظات بدلا من اللجوء إلى مراكز الوزارات في العاصمة عمان؛ وهذا ما يعيق تنفيذ المشاريع لبطء الإجراءات الإدارية في الوزارات. بالإضافة إلى تعزيز صلاحيات المدراء التنفيذيين في المحافظات؛ ورفد المديريات بالكوادر البشرية المتخصصة في إعداد الدراسات والموازنات والكلف التقديرية للمشاريع. و باعتقادي ان ما تفكر به الحكومة بتعديل القانون بحيث يتم دمج مجالس المحافظات مع البلديات؛ وتعيين نصف الأعضاء؛ يعتبر انقلاب على فكرة ومشروع اللامركزية التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني وردة على الديمقراطية التي أكد عليها كذلك جلالة الملك في أوراقه النقاشية. لذلك فإن التجربة الحالية للامركزية هي الأفضل والانجح مع إجراء بعض التعديلات التشريعية اللازمة. لأن دمجها مع المجالس البلدية سوف يخلق مشاكل تنازع صلاحيات بين المجلسين.

