الفراغ مرتعه جحيم
الإثنين-2019-10-28 12:04 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز ـ عمران فريحات
إن ما بين الآخرة والدنيا لفروق كثيرة، ولعل أول ما يخطر في بال المرء عند الحديث عن الأولى تكون الإجابة هي الجنة أو النار بينما عند الانتقال للثانية فإن لها أبوابا كثيرة ومعقدة ومتشابكة؛ فمن الناس من يخطر في باله للوهلة الأولى أنها حياة العدل والظلم، ومنهم من يرى أنها حياة السادة والعبيد، ومنهم من يرى أنها حياة القوي والضعيف وغيره... ، مدلولات كثيرة قد نجدها أثناء تفكرنا ولا يقل أيا منها أهمية عن الأخرى!
كم من المؤلم أن تتدهور تلك المدلولات بصورة قد نصفها بالغريبة في مجتمع قد عرف تاريخه بالثقافة واتزانها وإيمانه بما يميزنا عن بعضنا بعضا، واحترام شعور الغير قبل البحث فيه.
وعند النظر بواقع الحال في مجتمعنا، وما نمر به من حالة ربما تتصف بأنها غير عادية قد نجد فيها أن ثمة هالة تحيط باللاقليل من أبناء المجتمع مركزها قد يكون حقا، هو الفراغ الداخلي بمكنونه الواسع من شؤون مادية وأخرى نفسية؛ أدت إلى حال يرثى له ولا يحسد عليه أحد، تمثلت ربما بإساءة البعض وعدم احترامه لشعور الغير فكان مصدر ذلك التصرف الاجتهاد في محاولة لملء الفراغه الداخلي إبان ذلك التصرف، وعند النظر بحجم التراجع للبعض في اقتناعهم وإيمانهم بأن المجتمع كلوحة الفسيفساء كل حجر فيها فيه ما يميزه وبذات الوقت هي ركن أساسي لإكتمال اللوحة بصورتها العامة بجمالها ورسالتها، فمن غير المعقول أن تصل الأمور لدى البعض أن يهوى بأن يكون المجتمع بمجمله كما يرغب، ويراه مناسب ليس ضاربا بكل قوة تلك اللوحة بتنوعها وتميزها، بل ومجرما لكل من خالفه في الرأي أو الفكر، أو كأنه ربما يطمس حبره عليها، فلم تعد تلك اللوحة بحسبه إلا لونه، وبهذا الإطار فقد نرى أن هنالك حاجة حقيقية للبحث في هذا الأمر أو تلك التصرفات، أو الأفكار وبوقفه جدية من قبل صناع القرار في الدائرة الأولى سيما أن هنالك واجب مجتمعي مقدس ذكي ومثقف في الدائرة الثانية لمعالجة مثل هذه الأهواء التي قد بنيت نتيجة حالة متراكمة من اللاشيء في ذاته، وبالوصول للثقافة واتزانها بين ما كانت وما هو حال، منذ زمان ليس ببعيد بمكانة مرموقة مجتمعيا للمثقفين الحقيقيين، وبين ما آل إليه اللاقليل في هذه الأزمان من حالة من الاستثقاف واتباع نظام سماع الشيء من الغير، ثم الحديث به دون البحث في مصادره أو التفكر به، وببساطة قد نجد أن بعض الأشخاص تحولوا إلى آلة إسماع وتسميع، وهو أمر غير مقبول حتى وصل فيهم الأمر بفراغهم أن ينثروا حالة من الضعف، أو العبودية أو الظلم لبيان قوتهم وسيادتهم و عدلهم، فلا يمكن لفاقد الشيء من البشر أن يعطيه ومن أراد ملئ فراغه فعليه بالغوص بذاته وبنائها لا أن يغوص في غيره ويغرقها.

