النسخة الكاملة

رحيل الحكومة قد يطفئ نار الشارع ويقنع الجميع بالانخراط في طريق الإصلاح

الخميس-2011-10-13
جفرا نيوز - جفرا نيوز - محمد خير الرواشدة حالة ضبابية تغلف الأجواء السياسية محلياً، وسط حيرة في قراءة مفاتيح الخريطة الإصلاحية، ورسم ملامحها العامة، خصوصاً مع تفاقم تجليات أزمة الثقة بين الشارع والحكومة.
معترك الأيام القليلة الماضية يكشف عن غياب البصيرة في استشراف حيثيات اللحظة الإصلاحية، المتوقع أن يبدأ تطبيقها مع موعد انتخابات البلديات، الذي حددته الحكومة في السابع والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وما يتلو هذا الاستحقاق من سلسلة خطوات يجب أن تكون منسجمة ومتناغمة.
وبات مفهوما الحديث عن مخاوف، يسوقها مراقبون، من أن تُشكل الانتخابات البلدية "نكسة" للإصلاح، بدلا من أن تشكل دفعا لعجلاته، ذلك أن ريح الأزمات يمكن الشعور بلسعاتها على بعد 73 يوما من الاقتراع.
وأمام استحقاقات الساعة الإصلاحية الأردنية، التي بدأت دقاتها قبل نبض ربيع الإصلاح العربي، فإن مصادر سياسية مطلعة تتوقع أن يحسم مطبخ القرار خياراته في المدى المنظور، وليس بأبعد من الأيام الأولى للدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة، في السادس والعشرين من الشهر الحالي، وأن خيار التغيير الحكومي والتغيير في عدد من المناصب العليا، ما يزال مطروحا بقوة.
لكن المصادر نفسها تعتقد أن التأني في التغيير؛ هو بوصلة، المطبخ السياسي والأمني، فالتغيير المطلوب في المدى المنظور يجب أن يقوم على اختيار شخصيات، تحمل صفات العمل العام، وتتحلى بأعلى درجات المسؤولية والجدية والبصيرة، وبما يخدم فكرة تقريب مساحات الثقة بين الشارع والحكومات.
كما أن الحل الوحيد لبلورة توافق وطني على عناوين المرحلة المقبلة، يتطلب تصدر شخصيات، تحظى بالمصداقية والموثوقية من قبل الشارع، في حين أن معايير النزاهة والصرامة لا يجب إغفالها لدى اختيار رجال المرحلة الحرجة التي نعيش فيها.
تعليقا على هذه الأفكار، يرى مراقبون، أن هذا الطرح قد يكون هو ما يفسر تقاعس الحكومة عن امتلاك ناصية الولاية العامة، والقدرة على استعادة ثقة الشارع بالدولة، بل وتأني هذه الحكومة على أكثر من صعيد وفي أكثر من ملف، وسط مخاوف الفريق الحكومي من الرحيل المفاجئ، وشعوره بأن قنوات الاتصال مفقودة بين الشارع، وبين مطبخ القرار.
لكن مراقبين يسجلون انتقال حالة تصريف الأعمال من الحكومة إلى مجلس النواب، الذي يشعر هو الآخر أن بقاءه بات فقط لـ"تمضية مدة تشريعية، وتغطية مادة دستورية، تمنع إقرار أي قانون مؤقت، إلا في حالات الكوارث والطوارئ وصرف النفقات العاجلة".
وعلى الرغم من انتظار مجلس النواب السادس عشر في دورته العادية الثانية، والمتوقع أن تكون الأخيرة من عمره، لقوانين مهمة وناظمة للحياة السياسية، إلا أن نوابا يعتقدون أن بقاءهم ما هو إلا "فرق حساب" للحظة إصلاح أردنية، ما يجعل المجلس يتقاسم حالتي الخمول بالتشريع أو "التنمر" على مشاريع القوانين.
في هذا الإطار، تكشف مصادر مطلعة أن توجها بات مطروحا بقوة لإبقاء مجلس النواب الحالي، بدون حلّ، واستمراره حتى إجراء الانتخابات المبكرة المقبلة، والتي ستجري بموجب قانون انتخاب جديد، وذلك تجاوزا لإمكانية إحداث أي فراغ تشريعي، وربما أيضا كسرا لحدة العتب النيابي.
مع العودة إلى الضبابية، التي تغلف الأجواء السياسية، فإن متابعين يرون أن أسبابها باتت مرهونة بحراك الشارع، الذي اتخذ من يوم الجمعة موعدا، ومن قاع المدينة مَحجّا، للمناداة بالإصلاحات، والتي بدأ إيقاع شعاراتها يزداد سخونة، وتداعياتها قد تدفع لمزيد من الإرباك والتخبط في السياسات الحكومية.
في هذا السياق، فإن "ضروريات" متعددة تم طرحها أمام مطبخ القرار السياسي، تشير إلى ضرورة التغيير الحكومي، وتقديم شخصيات سياسية تجد ترحيبا من الشارع، في حين أن توفير أجواء هادئة، وخلق قناة اتصال، وصنع مناخ من الانسجام، بين مراكز القوى، حالة صار من الواجب تجسيدها وتوفيرها في المرحلة المقبلة، وهذا العامل المهم لا يمكن أن يتوفر إلا باختيار شخصيات سياسية تؤمن بالإصلاح، مخرجا لأزمة عنق الزجاجة، مع إلايمان بضرورة تطبيق القانون وحفظ شكل وهيبة الدولة.
مطبخ القرار السياسي يجد نفسه اليوم محاطا بملفات تحتاج لفكفكة، عبر خطوة واحدة، لكن اثارها تصيب عدة أهداف بركلة واحدة، فمن أزمة ثقة الشارع والقوى السياسية، مرورا بلملمة الملفات العالقة والشائكة، وصولا لاستعادة دولة المؤسسات والقانون، كل ذلك يتطلب تغييرا على مستوى الطموح، بات الشارع ينتظره بتلهف.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير