النسخة الكاملة

ازمة المعلمين من ربح ومن خسر في مواجهة الأمس

الخميس-2019-09-30
جفرا نيوز - جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
تابع المواطنين بمزيد من القلق والإهتمام مقابلة رئيس الوزراء التي بثها التلفزيون الأردني والتي أعقبت إجتماع مجلس الوزراء الذي عقد بشكل عاجل أثر فشل الجولة الاخيرة من المفاوضات بين وزارة التربية والتعليم ونقابة المعلمين، وقد تميز حديث الرئيس بالهدوء كما هي عادته دائماً وخلا خلافاً لإشاعات وتسريبات سابقة من أي خطوة تصعيدية مثل المباشرة بإتخاذ إجراءات قانونية ضد النقابة أو التعاقد مع آلاف من المعلمين الجدد على حساب بند التعليم الإضافي، كان الرئيس واضحاً مباشراً أكد على إحترام المعلم وعلى حقه بحرية التعبير وبالمطالبة بحقوقه ضمن سقف الدستور والقوانين التي تحكمنا جميعاً وبالمقابل أكد على حق الطالب بالتعلم والذي كفله الدستور أيضاً، وقد عرض الرئيس تفاصيل الزيادة على الرواتب التي أقرها مجلس الوزراء موزعة على رتب المعلم المختلفة، والتي تراوحت ما بين (24-31) دينار شهرياً، والتي بلغت كلفتها على الموازنة العامة حوالي (26) مليون دينار سنوياً.
على الرغم من أن اعلان الحكومة عن موقفها وقراراتها قد جاء من خلال مقابلة تلفزيونية، وذلك بهدف مخاطبة الرأي العام وإستمالته وكسب دعمه وتأييده لموقف الحكومة في مواجهتها مع نقابة المعلمين، ألا ان المقابلة قد تضمنت القليل من أدوات التأثير والمخاطبة الفعالة والتجييش الشعبوي والعاطفي، فالرئيس بطبعه لا يتمتع بمواهب وقدرات خطيب متمرس قادر على إبهار المستمعين وسلب العقول والألباب، لم يحاول أن يفند حجج النقابة وذرائعها ولم يقم بالتذكير بأن الحكومة ليست "غبية" وأنها راشدة وليست بحاجة إلى من "يعقلها"، ولم يستعن بجداول ورسوم بيانية تبين أن هناك عشرات بل مئات الآلاف من الموظفين الآخرين الذين يتلقون رواتب كرواتب المعلمين أو أدنى من ذلك، ولم يذكر أن أوقات دوام المعلمين لا تزيد كثيراً عن نصف أوقات بقية موظفي الدولة، كانت رسالته بسيطة مفادها أن المعلمين لهم كل الإحترام والتقدير ويستحقون الكثير ولكن هذا ما نستطيع توفيره في هذه المرحلة، وهو عرض برغم تواضعه يتطلب إجراءات صعبة بل وشديدة الصعوبة في هذه المرحلة الدقيقة التي يعاني منها الإقتصاد ما يعاني والتي تتطلب التضحية والصبر من الجميع وعلى رأسهم المعلمين أصحاب الهدف والرسالة، ربما كان على الرئيس أن يقر بأن هناك فئات من الموظفين والمسؤولين ينعمون برواتب مرتفعة ومميزات متعددة لا تتناسب بأي حال لا مع ما يقومون به من مهام ولا مع ما يحققونه من إنجازات ولا مع أجواء العسرة والقلة التي تعاني منها الدولة، وكان عليه أن يطلق حملة أو حواراً وطنياً لإعادة هيكلة الرواتب والأجور بما يحقق ولو بعد حين درجات أعلى من العدالة والإنصاف
لم تنتظر النقابة طويلاً فقد خرج نائب النقيب على الجمهور محاطاً بأعضاء مجلس النقابة، ليرفض عرض الحكومة ويصفه "بالفتات" و"يتبرع" به للحكومة لتغطية مزيداً من رواتب أو سفرات كبار موظفيها، ربما كان محقاً بعض الشيء في وصفه لقيم الزيادات التي إقترحتها الحكومة فمبلغ (24) دينار هو مبلغ زهيد بكل المقاييس، ولكن كان على سعادته أن لا ينسى أن هذا المبلغ يعادل خمس زيادات سنوية للكثير من الموظفين، هذا هو القطاع العام وهذه هي رواتبه ومقاييسه، وقد إلتحقتم به وأنتم تعلمون ذلك علم اليقين، ويجب على سعادته أن لا ينسى كذلك أن رواتب المعلمين المتدنية التي يشكو منها، هي حلم بعيد المنال لعشرات الآلاف من الموظفين الذي يعملون في القطاع الخاص او الذين ما زالوا يقبعون على أرصفة البطالة منذ سنين.
أطل نائب النقيب وبلغة عاطفية شعبوية خاطب فيها زملاؤه في ميادين "العز" و"الكرامة" ناسياً أن هذه الميادين قد أضحت ساحات لتبديد "وبعزقة" أوقاتاً ثمينة لا يملكونها هم وتعود للطلبة الذين ينتظرون على أحر من الجمر العودة إلى مدارسهم، ومقدماً وعوداً يصعب تنفيذها بتعويض الطلبة عما فاتهم من الحصص والدروس، وأكد ضرورة قيام الحكومة بصرف كامل العلاوة المطلوبة، وأكد أن بدائل التمويل متوفرة وأهمها حل الهيئات المستقلة وإعادة هيكلة الرواتب وكأن بدائل كهذه سهلة التطبيق ويمكن تنفيذها بين عشية وضحاها، وختم بعبارة شعبوية بإمتياز "نجوع جميعاً أو نشبع جميعاً" إستقبلها أنصارها بفرح وزهو كبيرين ولكنه أضاف بأن الإضراب مستمر في أسبوع النشميات
ما زالت شعارات وخطب النقابة تستقطب وتستهوي الكثيرين، ولكن ذلك بحد ذاته لن يربحها المعركة شعبياً فقد تقدمت الحكومة خطوات ملموسة بإتجاه الحل بإقرارها زيادات قد لا ترقى إلى طموحات ومطالب المعلمين وأنصارهم ولكنها خطوة في الإتجاه الصحيح، فيما لا زالت النقابة تمارس العناد وتتمترس خلف خطابات وشعارات خشبية تتغنى بالوطنية والتضحية والإنتماء فيما تستمر في حرمان مليون ونصف مليون طالب وطالبة من العودة إلى مدارسهم.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير