الى مناصري المضربين مع التحية
الخميس-2019-09-16

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المهندس عادل بصبوص
تستمر أزمة إضراب المعلمين ولا حل وشيك في الأفق، وطرفا النزاع متشبثان كل بموقفه، والناس منقسمون بينهما، فمعارضو الإضراب بمن فيهم الغالبية العظمى من أولياء امور الطلبة، يترقبون بقلق شديد أية بارقة أمل لإنهاء الأزمة، معظمهم صامت لا ينبس ببنت شفة والقليل منهم يحث المعلمين على العودة إلى قاعات التدريس مع الإستمرار في المطالبة "بحقوقهم" بأساليب لا يكون فيها الطلبة الضحية والرهينة والسلاح في مواجهة الطرف الآخر، أما مناصرو الإضراب وكثير منهم غير متضررين من تعطل العملية التعليمية ولا يهمهم ذلك من قريب أو بعيد ، فهدير أصواتهم وهتافاتهم لا يهدأ، يتلون علينا صباح مساء دروساً في الوطنية ومعلقات عن دور المعلم وسمو رسالته ودوره في رقي الأمم ونهضتها، ويخلعون على من يعارض الإضراب صفات ونعوتاً تبدأ "بالعمالة" للحكومة وتكاد تصل حد الخيانة وإنعدام الوطنية، ويصورون القضية برمتها وكأنها مجرد عناد و"مجاكرة" من رئيس الحكومة، وتنكر لحقوق مسلوبة، وأن الموضوع ليس مجرد مطالبات نقابية ومهنية فكرامة المعلم وكرامة الوطن بالتالي على المحك، فإذا خرج المعلم "مهزوماً مكسور الخاطر" من هذه المواجهة فعلى الوطن وعلى مستقبله السلام.
لمناصري الإضراب نقول ... الموضوع يا سادة لا علاقة له بالكرامة والوطنية ولا بدور المعلم ورسالته السامية ... فالجميع والحكومة على رأسهم يعلمون كما تعلمون أهمية ذلك ... وما تطرحونه مسلمات لا خلاف عليها ... فالقصة ببساطة مجرد مطالبات مالية – قد تكون محقة أو قد لا تكون – تأتي في توقيت بالغ السوء للخزينة التي تشكو عجزاً متزايداً غير مسبوق
يعنى الحكومة "معهاش" تدفع أية زيادات او إستحقاقات إضافية، ليس هذا فقط هناك صعوبات حقيقية في تدبير الاموال لتغطية الرواتب والإلتزامات الحالية ... رئيس الحكومة غير سعيد أبدا بما آلت إليه الامور ... ولو كان الامر يحل بمجرد النزول عن الشجرة لقفز عنها فوراً، الموافقة تعني الإلتزام بزيادة الرواتب بعشرات الملايين من الدنانير إن لم يكن أكثر.... دلونا من فضلكم على مصدر لتوفير هذه المبالغ غير مزيد من الإقتراض والغرق في المديونية ... دعوكم من العبارات المكرورة عن إسترداد الأموال المنهوبة والتي نختبأ جميعاً خلفها عندما نعجز عن وضع حلول او مقترحات عملية قابلة للتطبيق، تناصرون إضراب المعلمين دعماً للمصلحة العامة، ألا تعلمون يا رعاكم الله أن المصلحة العامة كل لا يتجزء ... وأن تجنيب الخزينة أعباء مالية إضافية لا تطيقها يقع أيضاً ضمن المصلحة العامة أيضاً .... إن ما تطالبون به سيقودنا إلى كارثة سوف نكتوي بأكلافها ونتائجها سنين طويلة .
إن الإستمرار في تأليب الشارع على الحكومة وفي تحريض المعلمين على "الثبات" والإستمرار في الإضراب ... هو في الواقع إستغلال رخيص لأزمة الوطن وتعميق لجراحه كسباً للشهرة والشعبية، وإضرار مقصود بمصالح الطلبة والمعلمين في آن معاً، إننا نواجه مشكلة سيكون لها تداعيات ومآلات خطيرة في حال إستمرارها، أما بخصوص الحقوق "المسلوبة" فهذه مسؤولية الوطن بمجمله، فالشعارات والهتافات المعارضة لا تحلها ... إذا كان المعلم مظلوم مادياً فمسؤوليتنا جميعاً إنصافه ومن جيوبنا، حجم الكعكة محدود لا بل في تناقص، وإنصاف المظلومين يتطلب إعادة التوزيع بشكل عادل وهنا نتساءل لماذا لا يقوم المعارضون وأصحاب الأصوات العالية – ونحن سنحذو حذوهم بالتأكيد – بالتبرع بما نسبته (2%) من إجمالي رواتبهم لصندوق ينشىء لدعم المعلم، لماذا لا يقوم أولياء أمور الطلبة المناصرين للإضراب والقادرين مادياً - ونحن أيضاً سنحذو حذوهم – بدفع مبلغ (50) دينار كرسوم سنوية عن الطالب الواحد تذهب لهذا الصندوق مساهمة في كلفة تعليمه التي تبلغ مئات الدنانير سنوياً ... هل هذا كثير .
أرجوكم إرحمونا من الصراخ والشعارات والمزايدات ... فالوضع لا يحتمل والمركب كله يترنح ... والوطن أمانة في أعناق الجميع ... وهو يحتاج إضافة إلى الدعاء .... للكثير الكثير من القطران.
حما الله الأردن وجنبه الشرور والفتن.

