المعلمون/ الحكومة..القرار أو الفرار والفارق نقطة
الإثنين-2019-09-09 08:51 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - خبير تربوي
قال احدهم والدي يُجبِرُها بعد أن تنكسر ، ورد الاخر وقد ملأ ماضغيه فخراً، بل والدي يُجبِرُها قبل أن تنكسر ، (حوار عميق بين قبل وبعد ) وكم من الحلول الجذرية التي كانت متوفرة وفي متناول اليد وتكلفتها بسيطة بالمنظور العام ومن الممكن معالجتها أوتوماتيكيا دون الوصول للتحدي والمكاسرة ، ولا حاجة لكسر العظم اذا سلم الجسم ، وكان لا بد من الحسم قبل ان تشد الازمة رِحالها.
بدايةً نقول ان القرارات غير المدروسة توقِظ العامة ، وتفتح شهيتهم لتجربة خوض معارك مرابحها مضمونه ، والجلطات المتتابعة كالأزمات المتعاقبة ، فالجلطات المتتابعة تعني الموت المفاجئ ، بينما الازمات المتعاقبة تعني الزوال الحتمي ودون سابق انذار.
المعلمون ، والتفافهم غير المسبوق يتطلب المرونة والحنكة والمصداقية لإيجاد الحلول التوافقية بالإجماع، وتناثر الكلمات والعبارات والاتهامات يزيد من حدة التوتر ويعزز اصرار المعلمين على تحقيق مطالبهم وهناك من يعبث ويحاول استثمار الموقف وركوب الموجه لغايات هدامه لا تخدم المصلحة العامة.
ان المتابع الحاذق عن كثب، يجد أن طرفاً ما توجه نحو خطة دفاعية وجعل من الاخر خصماً دون مبررات مقنعة ، الامر الذي أحدث تشوهاً كاملاً للمعادلة ، وليس الامر كذلك ، بل الامر يتعلق بكوكبة من المعلمين احترقت وما زالت تحترق منذ زمن، وينعتون انفسهم بالتعساء وقليلي الحظ ، وتلازمهم المآسي منذ نعومة اظافرهم بالتربية والتعليم.
الانسان هو من يحدد طبيعة وشكل العلاقة مع الاخر ، فقد نجعل من الاخر صديقاً مسالماً ، أو أن نجعله عدواً يستوجب التعامل معه بأسلوب مختلف وربما اسلوب غير لائق كما أنه غير مقبول، وكان الأسلم عدم اجترار الاخرون لافتعال مشاكل نحن بغنى عن مجابهتها أو الانغماس فيها ولدينا ما يكفي من معضلات مزمنة تستوجب السرعة لإنجازها ومعالجتها.
علينا أن نعرف أن وزارة التربية والتعليم ليست طرفا في اثارة المشكلة وتضخيمها، بل حاولت الوزارة من خلال كوادرها الادارية والفنية احتواء الموقف، وشرعت ابوابها مرحبة بمعلميها وموظفيها وكرست كامل جهودها لاستباق وقوع الحدث والسير بتوجيه اصحاب القرار لتدارس الخطط البديلة وتبسيط الحالة واحتوائها ، ولكن ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة ، وقع الغضب برمته على وزارة التربية والتعليم ، علماً انها هي المتضرر الوحيد والاكبر وخاصةً اذا استمرت الازمة.
هنا ، اقول : أن الحكومة بين خيارين اما " القرار" أو " الفرار" والفارق فقط نقطة ، بمعنى أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية وعليها أن تتخذ الاجراءات اللازمة والسريعة مهما كانت تكلفة روشيتة الاصلاح، فلإزالة المشقة تجوز المحظورات - وتقول القاعدة الفقهية " الأمر إذا ضاق اتسع واذا اتسع ضاق" ، وفي ضوء ما شاهدناه من تأزيم يبدو للجميع ان الامر قد ضاق ، فلتتوجه الحكومة لتوسيع قاعدة الخيارات وانتقاء الحلول البديلة بالتوافق ، واهمها هو الالتزام والاعتراف بالعلاوة التي يطالب بها المعلمون ، وقبول منحها للمعلمين خلال ثلاث سنوات بنسب يقبلها الطرفين، وان يلتزم المعلمون ممثلين بالنقابة بالالتزام بعدم اثارة أي قضايا تُربِك الوطن والادارة العامة.
وللطرفين اقول ، " لا تأخذكم العزة بالإثم " ، لان الخاسر الوحيد بالمحصلة هو الوطن ، وهل هناك ما هو أهم ، واذا كنا نحتكم لانتمائنا علينا أن نتنازل وننحاز للوطن ، ومثل هذه الازمات ليس فيها رابح وخاسر ولكن جميع من فيها خاسرون فلا تنتظرون النصر وانتم خاسرون.
واذا دققنا بنظرة مُعَمقة ، نجد ان المتضررين من هذه الازمة ، هم الطلبة ، والمعلمون ، والشارع العام ، والحكومة ، ....... أي أن الضرر الذي وقع يشمل ما نسبته اكثر من مليون ونصف المليون مواطن ، وبقاء الطلبة بالبيوت قد يُحدِث أُموراً لا يُحمد عُقباها ، وذهابهم للمدارس ايضا فيه مخاطرة قد يربك كافة اجهزة الدولة ويُشغلها والحكومة بغنى عن كل هذا ، فلماذا يختبئ من يمتلك القرار .....
وعلى الحكومة أن لا تنتظر من يقدم لها المقترحات والحلول ، فلديها الخبرات والكفاءات وأصحاب الرأي، وهي الجهة المعنية بحل هذه الازمة واحتوائها ، ولديها القرار الانسب ، مشيرا أن ترميم الجروح مكلف جدا، ولان الحكومة في قلب الموقف عليها أن تقلب الصفحة وان تصفح وتتجه لحفظ هيبتها .....

