النسخة الكاملة

اختلافهم هو اتفاق ضد مصلحة أبنائنا .. (النسخة الكاملة)

الأحد-2019-09-08 10:11 am
جفرا نيوز -  جفرا نيوز - كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي.
في البداية لا بد أن أوضح بأنني لا أتفق مع كل الاجراءات الحكومية مع نقابة المعلمين، وقبل هذا أعيد التأكيد بأنني ضد وجود نقابة للمعلمين أساسا، وهذا موقف كتبت عنه عشرات المقالات، وبررتها جميعها، بأننا كأولياء أمور لا نقبل بأن يقترب الصخب السياسي والاداري والنضالي ان شئتم، ليبلغ هذه المسافة من مستقبل وعقول وأخلاق أطفالنا، الذين هم الأردن ومستقبله، وكل الشواهد تؤكد صواب موقفي، فثمة انحدار كبير في مستوى مخرجات التعليم من مدارسنا يمكن التأريخ لها منذ تأسيس النقابة وليس استشراء الفساد المزعوم كما يشاع تلفيقا وقتلا لكل ثقة بمؤسسات الدولة.
ومن الشواهد التي تدعم الرأي المنادي بعدم وجود نقابة معلمين، هو خلو وفاض النقابة من أي طرح باتجاه تحسين الأداء ومخرجات التعليم المدرسي، ووقوف المعلم بعيدا جدا عن قضايا ومشاكل طالت الطلبة ونظام التعليم كما طالت المدارس والمناهج، فلا طرح لدى النقابة سوى الطروحات الثانوية التي لم تبلغ في أهميتها ووضوحها وموضوعيتها مستوى مقالة أو تحليل صحفي.. فهي موغلة بعمق في الحقوق الفردية او الفئوية، وبعيدة عن هذا المشهد التعليمي والتربوي المتفاقم سوءا، ولعله مرشح الى مزيد من سوء، لا سيما ونحن أمام "أزمة" تواجه الطلبة الذين أنهوا امتحان الثانوية ويتنافسون الآن على المقاعد الجامعية الحكومية المحدودة، حيث تغيب النقابة تماما عن هذا المشهد، وأتحدى أن يقدم أحدهم خبرا أو تصريحا واحدا صدر عن النقابة ويتعلق بمصير هذه الأعداد الكبيرة من خريجي الثانوية العامة، فالقوم منهمكون بتحصيلات فئوية، هي ثانوية بالنسبة لولي الأمر وللطالب في الظروف العادية، ومستثناة تماما من اهتمامهما حين تمر البلاد بمثل هذه الأزمات الاقتصادية الحادّة، وتكون محرّمة حين تطفو على السطح وتدخل البلاد في أزمات.. بينما ملف خريجي التوجيهي ساخن، ويحتاج الى موقف من كل الجهات المسؤولة والنخبوية لا سيما المعلم، الذي كنا وما زلنا نتوخى منه وضع مصير ومستقبل طلابه في عين الاهتمام حتى ولو كان على حساب حقوقه الشخصية المزعومة أو الحقيقية، وذلك حين نتحدث عن مبادىء وأخلاق ورسالة المعلم في كل حضارة وعند كل ملّة.
أكتب هذه المقالة ظهر السبت، أي بعد ورود أخبار بأن الاجتماع الذي ضم وزارة التربية ومجلس نقابة المعلمين قد انتهى دون اتفاق، لكن لم يلحظ أحد بأنهما اتفقا علينا في الواقع، فما هو ذنبنا وأبناؤنا، الذين انتهى اسبوع من عامهم الدراسي دون أن يقرأوا حرفا في مدارس الحكومة، وعطلوا يوم الخميس، وهم الآن مرشحون لعطلة قسرية أخرى اليوم الأحد وربما ممتدة أيضا؟.. أين رسالة المعلم وأين مصلحة الطالب؟..سأتحدث بحثا عن مصلحة المواطن ولن أقف مع حكومة أو نقابة، ولعل مصلحتنا الرئيسية هي تعليم أبنائنا، وعدم التشويش عليهم، أو بناء وعيهم على أسس "أيدولوجية"، لا تنفع أحدا منهم في مثل هذا العمر وخلال مثل هذه الظروف الطاغية بالتحديات والأزمات الحادّة، ولن أخوض في تفاصيل، لأننا جميعا نعوم فيها منذ مطلع الأسبوع الماضي، وبلغت ذروتها الخميس حين تم تعطيل البلاد، وتقديم ظروف مثالية للفوضى.. شو علاقتنا بمطالبكم المالية، وشو علاقتنا بطول عمر الحكومة في الدوار الرابع ما دام الثمن يدفعه أيضا المواطن البسيط وأطفاله الذين يتعرضون لمثل هذا العصف الذهني السيء؟!.
لا أطلب من الحكومة منع اعتصام في أي مكان من الأردن، ما دام لا يؤثر على سير الحياة الطبيعية للناس، ولا يخرج على قانون، ولا يضر بمصلحة الناس.. ولا أدعم تمييز فئة من موظفي الدولة عن غيرها، من خلال "وهبها" امتيازات وظيفية دون مراعاة لإنتاجيتها أولا، وتساويها ثانيا مع فئات الموظفين الآخرين، لا سيما العسكر حماة البلاد والعباد، هذه بلاد حرة وفيها دستور يساوي بين المواطنين، ولا يجوز إذعان الحكومات للصوت العالي، وهيبة الدولة – أي دولة – تكمن في ارساء الثقة بالقانون وبحمايته وحماية الدستور، وحماية حقوق وحريات الناس جميعهم.
قبل المطالبة بحقوق المعلم التي أقرتها الحكومات السابقة والخروج بصيغة توافقية بين أطرافها، نطالب بحقوق أبنائنا في التعليم، بتوفير مدرسة ومنهاج ومعلم "مؤهل"، واسلوب تدريس مقبول، ونطالب بحماية المؤسسة التعليمية من تغول أية أيديولوجية عليها، فهي مؤسسة تبني عقولا وليس من العدالة تقديمها لحزب – أي حزب - لتصبح ساحته، يفتحها للمناورة السياسية بينه وبين الحكومات والأحزاب والأيدولوجيات المعارضة لأيدولوجيته..
ما زلت أتحدث كمواطن؛ يرى مصلحة أبنائه هي مصلحة الوطن، فهم المستقبل وبناء عقولهم وشخصيتهم وأخلاقهم وثقافتهم الوطنية المتوازنة، هي أهم من كل البنى التحتية وأهم من كل أدواتها الأخرى.. فهل ما يدور في المؤسسة التعليمية أو من خلال اقحامها في الخصومات السياسية، هل يقع هذا في مصلحة الطلبة أو مصلحة المواطن الغلبان أو في مصلحة وطن.
اتمنى أن تقرأوا هذا الموقف باعتباره لسان حال كل مواطن لديه أبناء في المدارس الحكومية، أما إن تحدثت كصحفي فسوف يكون الحديث سببا في غضب كل الذين انحرفوا عن الموضوعية، وبحثوا عن مصالحهم أو عن طول عمر في مواقع المسؤولية. ibqaisi@gmail.com.  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير