شاهد على خطاب الملك
الثلاثاء-2019-06-04 07:24 am

جفرا نيوز - جفرا نيوز- قبل نحو اثني عشر عاماً، كنت شاھداً یوم الأربعاء السابع من آذار 2007 على الخطاب
ّ الجريء وغیر المسبوق الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني أمام الكونغرس بشقیھ والذي كرسھ
ّ للقضیة الفلسطینیة، برغم إدراكھ أن الأجواء آنذاك كانت ملبدة بھموم حرب العراق وأن الأغلبیة
الكبرى من أعضاء الكونغرس یناصرون إسرائیل ولدیھم حساباتھم الانتخابیة. وبعد انتھاء
الخطاب، خرجت من القاعة مع زملائي في لجنة الشؤون الخارجیة – التي كان یرأسھا آنذاك
توم لانتوس من كالیفورنیا المعروف بلھجتھ الھنغاریة وتأثیره القوي لصالح إسرائیل – وسمعت
في الردھات النقاشات التي دارت بعد الخطاب أوصافا عدیدة للملك منھا أنھ شجاع یتحدث عن
القضیة الفلسطینیة في الوقت الذي تنزف الولایات المتحدة في العراق وأفغانستان وتخوض حرباً
دولیة على الإرھاب.
ومنذ ذلك الوقت وأنا أتابع خطابات ولقاءات القادة العرب لغایات المقارنة بالمضمون والكم،
والنتیجة ھي انھ لم یقم أي قائد أو زعیم عربي أو إسلامي بجھد مواز ولا مضاه لما قام بھ جلالة
الملك عبدالله الثاني بحصافة، والدبلوماسیة الأردنیة بمھنیة واحتراف في إبقاء القضیة الفلسطینیة
حیة على أجندات السیاسة الدولیة بأبعادھا القانونیة والسیاسیة والاخلاقیة على الرغم من تبدل
الأولویات الدولیة والاقلیمیة في كل حقبة ووجود قضایا أردنیة ضاغطة
فیما یقارب نحو 242 خطابا ألقاھا الملك عبدالله الثاني منذ العام 1999 كانت القضیة
الفلسطینیة حاضرة إلا ما ندر. كان آخرھا في قمتي مكة العربیة الطارئة والاسلامیة العادیة.
ُ وبرغم الضائقة الاقتصادیة التي یعاني منھا الأردن، لم یمر خطاب في المحافل الدولیة دون ان
تكون القضیة الفلسطینیة جزءا منھ خصوصاً خطاباتھ امام البرلمان الاوروبي ومجلسي العموم
واللوردات في بریطانیا. ھذا التركیز لیس ترفاً ولا لملء ساعات البث بما تیسر.
الأردن ھو الأكثر تأثراً بمجریات القضیة الفلسطینیة ولذلك یستمر بحمل لوائھا في كل مكان
وبشجاعة. وعلى الرغم من كثیر التقولات على المواقف العربیة، أو بعضھا، بشأن القدسوالقضیة الفلسطینیة جاءت نتائج القمتین العربیة والاسلامیة في مكة الأسبوع الماضي لتؤكد أن
مواقف الدول العربیة الجماعیة لم تتغیر قید أنملة حسب البیانین الصادرین عنھما. التغیر ھو في
الأولویات الأخرى.
في القمم السابقة كانت مشاكل لبنان، والعراق، والأمن الداخلي للدول
العربیة، وآثار الربیع العربي حاضرة إلى جانب القضیة الفلسطینیة.
الیوم، تحضر إیران إلى جانب ھذه القضایا جمیعھا ولا تستبدلھا على الرغم من اھمیتھا للخلیج
أكثر من المغرب العربي وبدا ذلك جلیاً في بیان القمة الطارئة لمجلس التعاون الخلیجي، الذي
حضرتھ قطر كذلك بدعوة سعودیة رسمیة، وخرجت ”جمیع" قراراتھ التسعة بإدانة لإیران دون
ُ أي اعتراض من قطر أو عمان في البدایة، وتحفظ قطر اللاحق على بیاني مجلس التعاون
والقمة العربیة
ما بیان القمة العربیة الطارئة فقد أفرد 20 %من مضمونھ للقضیة الفلسطینیة مؤكداً على
المواقف الثابتة التي تبنتھا قمم سابقة وآخرھا قمة الظھران في نیسان 2018 وتونس في آذار
2019 . َ أما البیان الختامي للقمة الاسلامیة فقد خصص احدى عشرة فقرة لفلسطین والقدس
بنسبة 15 %من مجمل نص البیان الختامي البالغ 7497 كلمة.
بنسبة 15 %من مجمل نص البیان الختامي البالغ 7497 كلمة.
بالمقارنة مع البیانات السابقة لقمم مماثلة بقیت نسب المضمون المخصص للقضیة الفلسطینیة
متقاربة. وفي كلا البیانین جاءت القرارات المتعلقة بفلسطین والقدس لتؤكد المواقف الأردنیة
التي عبر عنھا جلالة الملك غیر مرة منسجماً مع الأغلبیة من الرأي العام الأردني والعربي
والاسلامي في القضایا المفصلیة المتعلقة بالصراع مع إسرائیل
ولضمان استمراریة ھذاالزخم ینبغي أن ینظم جھد الشباب الأردني والفلسطیني الیوم في العالم
من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من حملة عالمیة لإحقاق الحق الفلسطیني والحفاظ
على الھویة الفلسطینیة في وجھ التھدید والتھوید والتذویب مستفیداً من الارتباط المتزاید للشباب
ُ بفكرة عدالة القضیة الفلسطینیة. ویتعزز ھذا بموقف الملك وی ّعززه، وینبغي أن تستثمر منظمة
التحریر، والدول العربیة أكثر في مجال تكنولوجیا المعلومات والتواصل الاجتماعي لخلق رأي
عام عالمي مناصر للحق الفلسطیني بشكل أكبر ویسعى للاعتراف بجواز السفر الفلسطیني
عالمیاً، كرمز للھویة الوطنیة الفلسطینیة.
فارس بريزات

