النسخة الكاملة

مواقف الوزراء تكشف انقسام الفريق الاقتصادي وتعكس ضعف التنسيق

الخميس-2011-09-18
جفرا نيوز - جفرا نيوز - سماح بيبرس انتقد مراقبون أداء الفريق الاقتصادي في حكومة معروف البخيت بسبب فشله في مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تعصف بالاقتصاد الوطني منذ 3 أعوام بل ذهب البعض إلى أن هذا الفريق لم يتقدم ولو لخطوة واحدة في طريق الإصلاح الاقتصادي.
سبب فشل التقدم ليس بسبب قلة الإمكانات ومحدودية الموارد كما يقال دائما، إذ يعد المراقبون أن غياب التنسيق وسط الانقسامات الحادة بين أعضاء الفريق الاقتصادي أجهضت أي توجه لحل المشاكل الاقتصادية التي يقع المواطن الأردني ضحية لها في نهاية المطاف.
ورغم مرور أكثر من 200 يوم على تشكيل الحكومة الحالية إلا أن فريقها الاقتصادي لم يتوصل لآليات تسد ثغرات الاقتصاد الوطني إذ ما يزال عجز الموازنة وحجم المديونية وعجز الميزان التجاري مرتفعا عند مستويات غير مسبوقة  فيما تتوسع ظاهرتا البطالة والفقر في ظل استمرار جفاف منابع الاستثمار الأجنبي.
الانقسام الحاصل في صفوف الفريق الاقتصادي كما يراه مراقبون أنتج حالة من الإرباك وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الاقتصادية بينما تتزايد الضغوطات الاقتصادية في شتى المجالات، فمنذ تشكيل الحكومة برزت انشطارات داخل الطاقم الوزاري الذي يضم "شخوصا لا تؤمن بالأرقام" لأنهم يفضلون الابتعاد عن اتخاذ قرارات توصف بأنها "غير شعبية " رغم إدراكهم خطر تفاقم العجز المالي نتيجة عدم اتخاذ مثل هذه القرارات في الوقت الذي يضم فيه الفريق في الجهة المقابلة أشخاصا يفضلون حلولا "غير شعبية" لكنها تشكل السبيل الأمثل لعبور المرحلة الحالية.
ويضرب المراقبون أمثلة على الانقسام، فيظهر خلافا جليا في تصريحات وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور جعفر حسان وبين وزير المالية الدكتور محمد
أبو حمور.
حسان باعتباره وزيرا للتخطيط يرى أن "استمرار ارتفاع النفقات الجارية سيؤدي إلى تضاعفها قريبا عن مستوياتها قبل 5 سنوات، ما قد يرتب تفاقما في عجز الموازنة"، وأنّ "نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية تعد الآن الأدنى مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية".
وهو يستبعد عودة النمو الاقتصادي لمستوياته المسجلة خلال العقد الماضي، مستدركا بالقول "لن يتم ذلك إلا بعد تجاوز تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية والاضطرابات في المنطقة".
أما أبو حمور فيؤكد الاستقرار السياسي للأردن والسمعة الجيدة المتعلقة بالأمن وسط الاضطرابات المحيطة من شأنها أن تجذب مستثمرين من دول الخليج وغيرها من دول المنطقة الذين يحولون مئات الملايين من الدولارات إلى الاقتصاد، مشيرا الى "أن هناك بوادر تدفقات رأسمالية من المنطقة".
وكان أبو حمور قد ذكر بأن مستوى النمو المستهدف البالغ 3.5 % هذا العام يتفق مع توقعات صندوق النقد الدولي وما يزال واقعيا نظرا لتنامي القوة الدافعة للتعافي الاقتصادي رغم حالة عدم اليقين في المنطقة واستمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية.
كما أن أبو حمور توقع سابقا قفزة نوعية في السياحة لهذا العام من شأنه أن ينعش الاقتصاد.
وعول أبو حمور على "خطة إحكام الميزانية" التي تمضي قدما رغم تأثير ارتفاع فاتورة النفط وزيادة الإنفاق الاجتماعي مشيرا الى أنّ هناك مؤشرات إيجابية في استمرارية الانتعاش في الإيرادات والمنح الأجنبية.
وبعيدا عن المالية وتوقعات النمو وحجم الإنفاق ، يظهر الخلاف بوضوح أكبر في ملفات تتعلق بصفقات كبيرة، وبالأخص في ملف استيراد الخراف الإثيوبية الذي أثار ضجة واسعة بين الأوساط الشعبية خلال شهر رمضان نتيجة تشوهات تخللت عمليات استيراد تلك اللحوم وتوريدها إلى السوق، بدءا من بيع اللحوم الإثيوبية المستوردة على أنها بلدية، وصولا إلى شبهات حول وجود عمليات احتكار إضافة الى وجود حالات غش وتلاعب في الأسواق، وعدم قدرة المستهلك على التفريق بين اللحوم البلدية والإثيوبية.
وكانت المشكلة الأكبر في موضوع استيراد وتوريد تلك الخراف إلى السوق، هي غياب التنسيق بين وزارتي الزراعة من جهة والصناعة والتجارة من جهة أخرى، حيث صدرت سلسلة تصريحات عن الوزارتين حاول خلالها مسؤولو كل جهة إلقاء المسؤولية على الجانب الآخر.
ففي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الصناعة أن مسؤولية استيراد تلك الخراف مناطة بوزارة الزراعة باعتبارها المسؤولة عن منح تصاريح الاستيراد، قال وزير الزراعة سمير الحباشنة إن دور وزارته ينتهي بمجرد دخول الإرساليات المستوردة الى المملكة، موضحا أن عملية توريدها إلى السوق من مهام وزارة الصناعة.
الوزير أكد أيضا أن الوزارة مسؤولة عن سلامة وخلو تلك الخراف من الأمراض قبل دخولها إلى المملكة.
وأكد في معرض دفاعه في مواجهة اتهامات وزارة الزراعة بالمسؤولية عن التشوهات التي رافقت بيع اللحوم الإثيوبية في السوق أن "لا علاقة للوزارة بمراقبة الأسواق والأسعار وأن جهات حكومية أخرى تتولى هذه المهمة"، في إشارة منه الى وزارة الصناعة والتجارة.
ويصف أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري الفريق الاقتصادي بأنه غير قادر على مواجهة المشاكل الاقتصادية الحالية.
ويرى بأنه الفريق "ينقصه الانسجام والقيادة التي تعمل على توحيد جهوده" مشيرا الى أن الكثير من القرارات الاقتصادية الأخيرة والسياسات المعلنة لم تكن مدروسة.
وقال إنّ "حجم التحدي أكبر بكثير من قدرات الفريق الاقتصادي" ومؤكدا بأنّ المشاكل الاقتصادية التي يعيشها الاقتصاد الأردني لم تعالج بل أجلت وتم إخفاؤها نتيجة الحراك الشعبي الحاصل حاليا في الشارع الأردني".
ويرى الحموري بأنّ الفريق الاقتصادي الحالي ضعيف وأكثر ما يكون بعيدا عن إيجاد حلولا للمشاكل الاقتصادية التي باتت تنعكس بشكل مباشر وسريع على المواطن الأردني.
ويستغرب الحموري من إصرار الحكومة الحالية كما الحكومات السابقة على استبعاد رأي واستشارة الأكاديميين والمتخصصين في الجامعات، وذلك على عكس ما هو متبع في دول العالم التي تستشير خبرائها وأكاديمييها في حل المشاكل والمعضلات التي تواجهها.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور مازن مرجي فيعتقد بأنه ليس هناك فريق اقتصادي من الأساس يعمل في الحكومة الحالية، بمعنى أنه ليس هناك فريق يعمل كوحدة واحدة وضمن خطة متكاملة.
ويؤكد مرجي أن المشاكل الاقتصادية تزداد من السيئ إلى الأسوء وأن الوضع الاقتصادي كان سيدخل في وضع صعب جدا لولا المنحة السعودية الأخيرة التي "أنقذت الوضع" الذي كان على هافة الانهيار.
على أنه يؤكد بأن المنحة السعودية لما حلت مشكلة مؤقتة إلا أن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الأردني لم تحل بعد بل ستعود للظهور بعد فترة ما لم يتبع آليات اقتصادية واضحة مؤكدا على ضرورة ترتيب الأولويات والإدارة.
وأكد أن هذا الفريق لم يركز على الإصلاح بقدر ما ركز على انتصارات شعبية واسعة"واسترضاء سياسيين ومتنفيذن على حساب الاقتصاد".
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير